مغاربة هاربون من عنف الزوجات إلى شبكة إجتماعية تحميهم
١١ أبريل ٢٠١٨للوهلة الأولى، وفي ظل توالي حوادث الاعتداء والتعنيف في حق النساء المغربيات بشكل يومي، يصعب تصديق تعرض الرجال المغاربة للعنف خاصة منه الجسدي على يد زوجاتهم، إلا أن بهجاجي، رئيس الشبكة غير الحكومية، كشف عن تعرض آلاف الرجال المغاربة لكافة أشكال العنف، " عشر سنوات من الاشتغال، توصلنا فيها بـ 23 ألف شكاية مقدمة بطريقة مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الشكايات عبر الهاتف والبريد الإلكتروني".
وفي حواره مع DWعربية يقول بهجاجي "هي الجمعية الأولى من نوعها بالمغرب، تأسست في الـ 29 من فبراير/ شباط عام 2008، وخلقت الحدث آنذاك، ما بين الدَّهشة والارتياب تساءل المغاربة، كيف لجمعية أن تدافع عن الرجال، وقبل هذا هل يتعرض الرجال المغاربة للعنف من طرف زوجاتهم؟"
زوجتي تُعنِّفني!
"ياسين. ق"، واحد من آلاف، يقول بصوت هادئ متحدثاً ل DWعربية، " كانت أكبر أخطائي قبولي السكن رفقة أصهاري. أقنعتني عروسي، آنذاك، بعدم قدرتها على الابتعاد عن والدتها وشقيقها، وأنهم يعيشون لوحدهم في بيت كبير ولن يكون الأمر سيئا في حال شاركنا البيت جميعا".
الشاب الذي يبلغ من العمر 28 سنة، والذي كان يعمل مساعدا صيدلانيا، يستعيد ذكرياته الحزينة بأسى شديد، " وافقت مبدئيا على الخطوة، على أن أقوم بدفع الإيجار، إلا أن خلافات عادية مع زوجتي ومُشادات كلامية مع والدتها عجَّلت بطردهم لي من البيت بعد ولادة طفلتي، لأجد نفسي في الشارع دون أغراضي وملابسي".
ما أًصاب ياسين لم يتوقف عند هذا الحد، بعد أن عملت الزوجة على ملاحقته في كل مكان يذهب إليه لمطالبته بأموال من أجل الطفلة وبمستحقات الإيجار لدى والدتها، عامدة إلى الصراخ وشتمه أمام مُرتادي المقهى أو داخل الصيدلية التي يعمل بها.
" تفاجأت عصر أحد الأيام بقدوم شقيق زوجتي واثنين من أصدقائه، فهاجموني بمقر عملي ونشب بيننا عراك بالأيدي ما أدَّى إلى فوضى عارمة، ما دفع صاحب الصيدلية لطردي من العمل وبعدم العودة مجددا"، يقول ياسين بحسرة.
الشاب الذي يحاول تأسيس حياته من جديد، بعد أن طلق زوجته وخسر ابنته، يؤكد أنه محروم من رؤية صغيرته نكاية فيه، " أقابل بالعديد من الأعذار والتبريرات متى ما طلبت رؤيتها وفق ما أقره القانون، فلا بيت ولا زوجة ولا ابنة ولا حتى عمل".
رجال معنفون .. البَوح ليس سهلا
ياسين، الذي فتح قلبه لـ DW عربية، بعد محاولة إقناع لم تكن سهلة، وصفه عبد الفتاح بهجاجي، بكونه أحد الرجال الذين تعرضوا لعنف مزدوج على أصعدة عدة، فبالإضافة إلى تعنيفه جسديا من طرف أقارب الزوجة، تم تعنيفه نفسيا كذلك بعد المس بكرامته أمام أصدقائه بالمقهى وزملائه بالعمل الذي طُرد منه، كما عُنِّف ماديا بعد الاستيلاء على ملابسه وأغراضه الشخصية، ناهيك عن حرمانه من رؤية ابنته.
رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال"، أكد أن الرجال المغاربة باتوا أقدر على البَوح والكلام، كما أصبحت لهم الجرأة على التَّوجه للجمعية الموجودة بمدينة الدار البيضاء فيما يتلقون اتصالات من مختلف مناطق ومدن المغرب وحتى شكاوى من مغاربة الخارج، " لو أن للجمعية فروعا ومقرات بالمدن الأخرى، لارتفع عدد الرجال المشتكين حتما".
وفي الوقت الذي يؤكد فيه بهجاجي أن الجمعية ليست "حركة رجالية" بل جاءت من أجل استقرار الأسرة المغربية بالأساس، ترى الدكتورة خلود السباعي، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني، أن ما يحدث يعكس تحولا كبيرا في ظل مجتمع ذكوري يصعب اعتراف رجاله بالتعرض للتعنيف من طرف النساء اللواتي مورس عليهن العنف لقرون طويلة.
رد فعل أم انتفاضة؟
وكما أن هناك رجالا مُعنَّفين، فالواقع والأرقام تفيد بتعرض النساء المغربيات لعنف أكبر وأخطر، إذ أشار تقرير سنوي لوزارة الأسرة والتضامن صدر نهاية 2017، أن الأزواج يأتون في صدارة مرتكبي العنف ضد المغربيات بنسبة تجاوزت 50 بالمئة، ورَصدت الأرقام استمرار تسجيل حالات العنف الخطيرة تُجاه النساء، كحالات العنف المُفضي إلى الموت سواء عمدا أو دون نية إحداثه، حيث سُجلت 81 حالة قتل سنة 2016.
الباحثة في علم النفس الاجتماعيالدكتورة خلود السباعي، مؤلفة كتاب "الجسد الأنثوي وهوية الجندر"، لَفَتت خلال حديثها مع DW عربية، إلى ضرورة تحديد السلوكات العنيفة التي تمارسها المرأة ضد الرجل، مستطردة بالقول "لا يجب تضخيم ما يقع ووضعه في سياقه الحقيقي، ففي ظل مجتمع يدعم الرجل ويُشعره بقوته، لا يمكن اعتبار سلوكيات فردية نتيجة الجهل والأمية ظاهرة اجتماعية".
وتساءلت الأستاذة الجامعية، إن كان ضرب الزوجة لزوجها لم يسبقه ضرب الزوج لزوجته، مشيرة إلى أن التعنيف الجسدي المُمارس من طرف النساء قد يكون دفاع المقهور عن نفسه، فيما قد يَعتبر مطالبتها بحقوقها وحقوق أبنائها عنفا قانونيا وماديا".
"بعض الرجال يعتبرون مجرد تمكن المرأة من الكلام والتعبير ورفع صوتها مطالبة بحقوقها عنفا، لباسها وفق هواها وخروجها للفضاء العام تعنيفا" تقول صاحبة كتاب " الجسد الأنثوي وهوية الجندر"، متسائلة بالقول، "هل بات ما تقوم به المرأة اليوم عنفا أم انتفاضة وطريقة للتعبير بطريقة لم يكن مسموحا لها بها سابقا، وهي التي عانت من عنف متراكم على مر التاريخ".
العنف بجميع أشكاله سواء كان ممارسا من طرف امرأة أو رجل، سلوك منبوذ وهمجي ومرفوض، هذا ما تراه زكية البقالي، نائبة رئيسة "منتدى الزهراء للمرأة المغربية"، لافتة إلى أن بعض مراكز الإنصات المُخصَّصة لاستقبال النساء ضحايا العنف، كانت تستقبل بدورها الرجال إلا أنها حالات معزولة.
وترى الناشطة المدنية، ضمن حديثها لـ DW عربية، أن تنامي مثل هذه التصرفات مؤشر يدل على مستوى منظومة القيم داخل المجتمع المغربي الذي بات جزء من أفراده لا يحترمون لا القانون ولا العادات ولا الأعراف.
ماجدة أيت لكتاوي - الرباط