إشادة رسمية أوروبية بمنح نوبل السلام لوكالة الطاقة الدولية
٧ أكتوبر ٢٠٠٥جاء قرار اللجنة النرويجية بمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيسها محمد البرادعي نوبل السلام لعام 2005 ليثير ردود فعل متباينة. ففي حين أشادت حكومات أوروبية على رأسها الحكومات الألمانية والفرنسية والبرطانية بالقرار، وجهت منظمات دولية انتقادات شديدة اللهجة لحصول المنظمة الدولية على الجائزة القيمة، ولكنها أثنت في الوقت ذاته على جهود مديرها الرامية إلى إحلال الأمن والسلام في العالم.
شرودر: "قرار ذكي"
إلى ذلك، رحب المستشار الألماني غيرهارد شرودر (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) بحصول محمد البرادعي ووكالته على الجائزة بالقول إن قرار اللجنة المشرفة على منح الجائزة كان قرار "ذكيا". ونسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية بيلا أندا إلى المستشار الألماني قوله إن حصول البرادعي على الجائزة جاء "إشادة بموقفه من البرنامج النووي الإيراني." أما الرئيس الألماني هورست كولر فقد هنأ البرداعي باسم الشعب الألماني، قائلا إن جهوده الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية "تستحق الشكر والتقدير." وقال كولر إن البرادعي "أثبت مرارا أنه قادر على اتخاذ قرارات جريئة في حالات صعبة"، مؤكدا في الوقت ذاته على أن ألمانيا ستقدم لوكالة الطاقة الذرية ومديرها جميع المساعدات اللازمة والمطلوبة.
شيراك وبلير يرحبان
وفي باريس أعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن تأييده لحصول المنظمة الدولية ومديرها على نوبل السلام لهذا العام. وقال شيراك عقب اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في باريس إن منح الجائزة القيمة لوكالة الطاقة الذرية في هذه الأوقات الصعبة " هي مساهمة كبيرة في إحلال السلام والأمن في العالم." أما رئيس الوزراء البريطاني بلير فقد اعتبر حصول وكالة الطاقة الذرية على الجائزة "تثمينا لجهودها الرامية إلى استتباب السلام في العالم."
منظمات:"قرار خاطئ"
لم يتريث معارضو قرار اللجنة المشرفة على منح جائزة نوبل للسلام طويلا قبل توجيه انتقادات شديدة اللهجة للقرار الذي كشف ظهر اليوم عن أن الجائزة القيمة ستكون في هذا العام من نصيب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها المصري محمد البرادعي. ففي تصريحات صحفية أدلت بها منظمة "أطباء ضد الحرب النووية" التابعة للأمم المتحدة اتهمت المتحدثة باسم المنظمة وكالة الطاقة الذرية بأنها "لا تساهم في إحلال السلام في العالم"، على حد قولها. وقالت أوته ووترمان إن المنظمة التي يجب عليها أن تضع هدف التسريع في حظر الأسلحة النووية أمام نصب أعينها وكذلك منع انتشار هذه الأسلحة " لا تساهم في استتباب السلام في العالم، بل أن العكس هو الصحيح"، مؤكدة أن استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية "تختفي خلفه دائما إمكانية تطوير أسلحة نووية، كما هو الحال في إيران والهند وباكستان"، على حد تعبير المسؤولة. في الوقت ذاته أشادت منظمة "أطباء ضد الحرب النووية" التي حصلت في عام 1985 على الجائزة ذاتها بالجهود الشخصية التي بذلها البرادعي للحيلولة دون توجيه ضربة عسكرية للعراق ومعارضته لشن حرب أمريكية جديدة ضد إيران. وفي تصريحات مماثلة، أدلت بها منظمة "غرين بيس" (فرع ألمانيا)، قالت المنظمة البيئية إن اختيار وكالة الطاقة الذرية لنوبل السلام في هذا العام هر "قرار خاطئ" ولا يتماشى مع روح الأهداف التي تسعى الوكالة الدولية لتحقيقها. من جانب آخر أثنت المنظمة على شخص البرادعي بالقول إنه بذل جميع الجهود اللازمة لمنع شن الإدارة الأمريكية حربا على العراق.
من هو محمد البرادعي؟
ولد الدبلوماسي المصري المحترف محمد البرادعي في 17 حزيران/ يونيو 1942، ودرس في جامعة القاهرة قبل أن ينتقل إلى نيويورك ليحصل فيها على درجة الدكتوراه في القانون الدولي في عام 1964. وفي العام نفسه بدأ العمل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ثم انتقل إلى جنيف. وفي عام 1984 انتقل البرادعي إلى مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا حيث شغل في البداية منصباً إستشارياً ليتولى بعد ذلك منصب مدير الشؤون القانونية. تخصص البرادعي في مجال التعاون التقني والسلامة النووية، وهو ما أهله لشغل موقع ممثل المدير العام للشؤون الخارجية. وفي حزيران/ يونيو 1991 عين مديراً عاماً للوكالة خلفاً للسويدي هانس بليكس بعد أن كان معاوناً له. ويعرف عن محمد البرادعي، المرشح الوحيد لمنصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الذي يتولاه منذ العام 1997، كفاءته العالية وحرفيته والتزامه التام بالحيادية في عمله كموظف دولي تجرد من التحيز للجنسية أو للدين أو العرق.
ولاية ثالثة رغم التحفظات الأمريكية
وعلى الرغم من أن التصويت على ترشيح محمد البرادعي رئيساً لوكالة الطاقة الدولية لولاية ثالثة كان بمثابة صيرورة سهلة ممتنعة نظراً للإجماع العالمي على كفاءته وأحقيته بهذا المنصب الرفيع، إلا أن الإدارة الأمريكية شككت في أهليته وحياديته. ترشيح البرادعي يحظى بدعم واسع من الدول الأعضاء الخمس والثلاثين في مجلس المحافظين، وخاصة من الصين ودول عدم الانحياز و دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن الولايات المتحدة أعلنت عن معارضتها لإعادة انتخابه. الإدارة الأمريكية بررت ذلك رسمياً بإشارتها إلا أن رئيس أي وكالة تابعة للأمم المتحدة لا يجوز أن يخدم أكثر من ولايتين وفقاً تقليد كرسه المساهمون البارزون في المنظمات الدولية المعروفون بـمجموعة جنيف. لكن السبب الحقيقي للتحفظات الأمريكية تجاه خبير مثل البرادعي يتمتع بثقة دولية كبيرة وخبرة قانونية ودبلوماسية عالية يكمن في فشلها في "تطويعه" لخدمة رؤيتها وأهدافها السياسية. ففي المرحلة التي سبقت الحرب على العراق حافظ البرادعي على إستقالايته ولم يتحول إلى بوق يخدم الدعاية الأمريكية.
دويتشه فيله