إنحسار "داعش" في سوريا
١٩ ديسمبر ٢٠١٣تحاول داعش السيطرة على منافذ ومعابر التمويل مابين تركيا وسوريا، والعراق وسوريا وهذا يعني أنها تلعب دور اللاعب الأكبر في أطراف الصراع بالسيطرة على منافذ التمويل وخنق بقية التنظيمات الجهادية والجيش الحر لترفع راياتها السوداء في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية خاصة الحسكة والرقة التي ترتبط بمحافظة كركوك وألموصل. وكشفت تقارير إستخبارية عراقية،في 24 يوليو 2013، عن خطة لتنظيم القاعدة في العراق ـ داعش ـ بالاستيلاء على مدينة الموصل فور احتمالات سقوطنظام الأسد.وأشار المصدر إلى أن مدينة الموصل ستكون أول مدينة عراقية تتأثر أمنيابسقوط نظام الأسد. وأضافت المصادر،إلى إن التنظيمات المسلحة في مدينة الموصل على أهبة الاستعداد للنزول للشوارع حال سقوط الأسد.
لقد تغيرت خارطة المجموعات المسلحة وأطراف النزاع في سوريا والدول الداعمة والممولة وزادت انقساماتها وجبهاتها الإسلامية، بعد التقارب الأميركي الإيراني وفي أعقاب اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر 2013 ومفاوضات الملف النووي في جنيف أكتوبر 2013. وضمن السباق إلى جنيف 2، استطاعت قوات النظام السوري استعادة العديد من القرى والمدن والبلدات التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الجهادية المعارضة والجيش الحر.
"ألسفيرة"
أصبحتحلب هي الأخرى تحت سيطرة القوات السورية النظامية،بعد استرجاع بلدة السفيرة نوفمبر2013لأنالسيطرة على السفيرة،يتيح إمكانيةتطويقها شرقاً ويفتح طريق الإمداد إلى الرقّة، أي إلىمناطق سيطرة تنظيم "داعش". إن استعادة الجيشالسوري مدينة السفيرة من أيدي المجموعات المسلحة و"الجيش الحر"، ساعد على تقدم النظام شرق حلب، كونها تمثل محطة وطرق إمداد عسكري "للجيش الحر"والجماعات المسلحة. ومن بين تداعيات السفيرة هو استقالة العقيد عبد الجبار العكيدي، إن استقالته ربما تمثل تداعيات إعلامية ونفسية أكثر من التعبوية.
"أليعربية"
إن لبلدة اليعربية أهمية عسكرية في التنقل والحركة والإمدادات، وكانت نقطة اليعربية خاضعة لسيطرة داعش وجبهة النصرة وأنصار الخلافة ولواء التوحيد والجهاد.لكن تمكنتلجان حماية الأكرادفي ديسمبر 2013 من طرد"الدولة الإسلامية في العراق والشام"من بلدة رأس العين ذات الأغلبيةالكردية الواقعة شمالي سوريا قرب الحدود التركية.وبحسبالمصادر الإعلامية، فإن الدولة والنصرة والكتائب المقاتلة قد خسرت آخر مناطقتواجدها في ريف مدينة رأس العينومعبر اليعربية. بعض التسريبات ذكرت أن القوات العراقية ساعدت لجان الحماية الكردية، باستعادة اليعربية من خلال توفير الغطاء الجوي. هذه التطورات ممكن أن تدفع داعش للاندفاع داخل الأراضي العراقية، خاصة عند مدينة كركوك. واشتبكت داعش مع القوات العراقية عند الحدود في أعقاب ذلك، ربما لإيجاد منفذ للعودة إلى الأراضي العراقية. وهذا يعني أن عمليات داعش في تلك المنطقة سوف تشهد تصعيدا بالمواجهات أكثر من السابق وربما أكثر من عملياتها الانتحارية في بغداد والمحافظات الأخرى.
"النبك "
أستطاع الجيش السوري في 10 ديسمبر 2013، من السيطرةعلى دير عطية، مدينة النبك فيمنطقة القلمون أنسحبت بعدها المجموعات المسلحة المعارضةباتجاه مزارع ريماوسلسلة الجبال على امتداد مدينة عرسال اللبنانية.وهنالك أهمية عسكرية لسلسلة جبال عرسال الشرقيةعند الحدود السورية أللبنانية وذلك لوقوعها بالقرب من الطريق الدوليبين دمشق وحمص، وكانت القلمونتمثل، شريان الإمدادات للجيش الحر و"الجهاديين" .
انسحاب التنظيم بأتجاه العراق
إن اشتداد المواجهات المسلحة على الأرض مابين "ألجهاديين" والجيش السوري، يدفع بالتنظيمات "الجهادية" بالانسحاب أو التسرب إلى الدول المجاورة إلى سوريا أبرزها لبنان والعراق. وهذا يعطي مؤشر وإنذار في هذه الدول بتصعيد تلك التنظيمات الجهادية عملياتها خارج سوريا. هذا التصعيد سوف لا يستمر طويلا، وهنالك احتمالات من أن تستغل الاستخبارات العراقية هذه المرحلة بمتابعة التنظيم أكثر، خاصة أن هذه الأحداث تأتي بقرب الانتخابات العراقية العامة مطلع 2014.
من المتوقع إن تنظيم "الدولة الإسلامية" مرحلة صعبة خلال هذه الأسابيع داخل العراق أكثر من الداخل السوري، باحتمالات وقوع أعداد من مقاتلي التنظيم بالتعاون مع وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا. وما يزيد وضع الدولة الإسلامية حرجا، هو وجود مشاكل ومواجهات مع أنصار السنة، التي تعتبر مناطق كركوك والموصل معاقل تواجدها. ولا يستبعد أن تقوم أنصار السنة بالقيام بعمليات ثأر وانتقام ضد "الدولة الإسلامية". هذا الاحتمال قائم على أسباب الخلاقات والمواجهات السابقة بين التنظيمين وكذلك من خلال تسرب بعض العناصر والقيادات من أنصار السنة إلى "الدولة الإسلامية". فقد كان هنالك صراعا بين الطرفين حول الغنائم وأموال الفدية التي تستحصلهاالجماعات المسلحة من المواطنين لقاء إطلاق سراحهم في العراق.
إن الاتفاق الروسي الأميركي حول الترسانة الكيميائية لسوريا، والاتفاق النووي مابين واشنطن وطهران، من شأنه أن يعيد رسم حجم التنظيمات الجهادية في المنطقة. هذه التنظيمات سوف تتأثر كثيرا بمراقبة دولية لمصادر التمويل وتحديد دور بعض الأطراف الإقليمية التي لعبت دورا كبيرا بتوسيع وتضخم"الدولة الإسلامية في العراق والشام" وتنظيمات جهادية أخرى. المنطقة الغربية في العراق، كشفت لديها تفاصيل التنظيمات الجهادية وتفاصيل الكثير من الكتل السياسية والأحزاب التي رشحتها في انتخابات عام 2010، وعانت الكثير من الفوضى والمواجهات المسلحة، وهذا ممكن أن يعمل على تقليص نشاط "داعش" في العراق.وينبغي على القوات العراقية تصعيد الجهد ألاستخباريبالتوازي مع العمليات العسكرية من اجل مسك الأرض.
الكاتب: جاسم محمد، باحث في مكافحة الأرهاب والأستخبار
مراجعة: عباس الخشالي