احتراف كرة القدم وسرطان الخصية .. ارتباط أم مجرد صدفة؟
١٥ أكتوبر ٢٠٢٢
أثارت واقعة إعلان نادي العاصمة الألمانية "هرتا برلين" عن تسجيل رابع إصابة بسرطان الخصية في الدوري الألماني (البوندسليغا) خلال العام الجاري، صدمة في عالم الساحرة المستديرة بألمانيا، فضلا عن أنها جذبت الكثير من الاهتمام.
وبإعلان إصابته بالمرض، انضم الجناح الهولندي جان-بول بوتيوس إلى زميله في الفريق ماركو ريشتر ولاعب أونيون برلين تيمو باومغارتل ومهاجم بوروسيا دورتموند سيباستيان هالر، الذين تم اكتشاف إصابتهم بسرطان الخصية هذا العام.
وقد تعافى ريشتر وباومغارتل من المرض وعادا إلى المستطيل الأخضر فيما لا يزال بوتيوس وهالر في طريقهما للتعافي.
ولم يتوقف الأمر على حالة الصدمة وإنما أثارت الإصابات تساؤلات عما إذا كانت هناك صلة بين الإصابة بسرطان الخصية واحتراف كرة القدم؟ أم أن الأمر مجرد صدفة؟
وفي مقابلة مع DW، قال الطبيب الرياضي الألماني فيلهلم بلوخ إن هذه الإصابات "قد تكون مصادفة".
ويعد بلوخ اسما ذا ثقل في مجال الطب الرياضي بألمانيا، فقد أجرى أبحاثا على أمراض السرطان والرياضة لسنوات عديدة فيما يعمل في الوقت الحالي في الجامعة الرياضية الألمانية في مدينة كولونيا.
وأضاف بلوخ: "تظهر معظم الدراسات العلمية أنه لا توجد حالات كثيرة من الإصابة" بالمرض، متابعا أن سرطان الخصية يصيب الرجال في أغلب الأحيان في سن مبكرة.
ركوب الدراجات
يشار إلى أن عدد الإصابات السنوية بمرض سرطان الخصية في ألمانيا يبلغ أربعة آلاف إصابة، فيما يعد المرض أكثر شيوعا بين البالغين ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما. وعن ذلك، قال بلوخ: "لا يوجد دليل علمي حتى الآن على أن المرض أكثر شيوعا بين الرياضيين الشباب". وأضاف أن هناك عوامل أخرى قد ترتبط بالأمر مثل حقيقة مفادها أن الشباب، الذين يزيد طولهم عن متر واثنين وثمانين سنتمترا هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الخصية، مشيرا إلى أن "الأمر يمكن أن يكون مرتبطا بنموهم وجهازهم العضلي".
كذلك يقول الأطباء إن الهرمونات تلعب دورا في الإصابة بهذا المرض فيما يؤكد بلوخ على أنه لم يتم تحديد السبب وراء الإصابة بسرطان الخصية حتى الآن.
وقد كانت رياضة ركوب الدراجات الهوائية موضع تحقيق من قبل دراسات عملية لتحديد ما إذا كانت هناك صلة بين ممارستها والإصابة بسرطان الخصية؟
وفي هذا الصدد، قال بلوخ إن "الجلوس على مقعد الدراجة يمثل ضغطا على الخصيتين مما قد يؤدي إلى إصابات طفيفة، لكن حتى في حالة ممارسة رياضة الدراجات الهوائية، لم يكن من الممكن تحديد حدوث إصابات كثيرة" بسرطان الخصية.
ماذا عن الوقاية؟
يعتقد بلوخ أنه يتعين التركيز بشكل أكبر على العوامل الأخرى التي قد تتسبب في الإصابة بسرطان الخصية، مضيفا "درجة حرارة الجسم (قد تجذب الانتباه) بعض الشيء إذ أنه في الغالب يصل الرياضيون إلى درجات حرارة لا يصل إليها معظم الأشخاص العاديين."
وقال إن التمارين الرياضية المكثفة قد تغير توازن الهرمونات داخل جسم الرياضيين فيما قد تلعب العوامل الوراثية أيضا دورا في إصابة الرياضيين الشباب بالمرض.
وأشار بلوخ إلى أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من إيجاد طريقة للوقاية من مرض سرطان الخصية، لكن الأمر لا يعني صورة قاتمة حيال الإصابة بالمرض.
وفي ذلك، قال بلوخ إن "أورام الخصية يُطلق عليها اسم أورام الخلايا الجرثومية، ما يعني إمكانية علاجها بسهولة خاصة إذ جرى تشخيص المرض مبكرا، حيث يمكن للرياضيين الذين أصيبوا بهذا المرض العودة إلى الملاعب بشكل سريع".
قلق لاعبي البوندسليغا
ورغم أنه لم يُجر تحديد ارتباط الإصابة بمرض الخصية باحتراف كرة القدم، إلا أن حالة من القلق تساور لاعبي ونجوم الدوري الألماني.
وفي مقابلة مع DW، قال كارل هاينريش ديتمار، طبيب فريق باير ليفركوزن الالماني، إن اللاعبين "في حالة قلق في الوقت الراهن ولديهم حساسية تجاه هذه المشكلة ويعد هذا السبب وراء قيام العديد من اللاعبين بمبادرة في إجراء فحوصات طبية. وأضاف أن مرض سرطان الخصية لا يعد "مرض ورم نادر يصيب الشباب".
الجدير بالذكر أن اللاعبين يخضعون لفحوصات طبية بشكل منتظم، لكن الفحوصات التي يفرضها الاتحاد الألماني لكرة القدم لا تشمل فحوصات المسالك البولية بشكل روتيني.
وفي هذا السياق، قال ديتمار "نقوم داخل نادي ليفركوزن بإجراء أشعة الرنين المغناطيسي بشكل معتاد التي تظهر مناطق الحوض والفخذين حيث يمكن رؤية الخصيتين ما يعني إمكانية رصد أي شيء غير طبيعي، فيما قد يدل أي تغير في الدم على الإصابة بالمرض ويمكن تحديد ذلك من خلال اختبارات الدم". وأضاف "ما نقوم به من فحوصات كافٍ، لأن البيانات المتعلقة بالدم التي نحصل عليها ذات حساسية كبيرة".
ومنذ بدء ديتمار في عمله بنادي ليفركوزن عام 2002، لم يتم رصد إي إصابة بسرطان الخصية، فيما يعتقد أن عدد الإصابات بهذا المرض في الدوري الألماني لا تزال منخفضة للقول بأن هناك ارتباطا بين المرض واحتراف كرة القدم. وقال "الأمر مجرد صدفة، لكن هذا لا يعني ألّا نواصل توخي الحذر الشديد في المستقبل".
يورغ ستروشين / م ع