البشير يستعد لتمديد حكمه الممتد منذ ربع قرن
١٢ أبريل ٢٠١٥تجري الاستعدادات للانتخابات المقبلة في السودان على قدم وساق، لكن المزاج في شوارع العاصمة الخرطوم يشير إلى أن التصويت في الأسبوع المقبل لن يكون تقريبا أكثر من مجرد إجراء شكلي لتمديد فترة حكم الرئيس عمر البشير، الممتدة منذ 25 عاما. ويبدو أن العديد من الناخبين في الخرطوم غير مهتمين بالمشاركة في الانتخابات.
ثلاثة عشر مليون ناخب سجلوا أسماءهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى على مدار ثلاثة أيام ابتداء من الاثنين 13 أبريل/ نيسان 2015. ووفقا للأرقام التي تم الحصول عليها من المفوضية القومية للانتخابات في السودان فإن 16 مرشحا للرئاسة و 45 حزبا يخوضون هذه الانتخابات. ولن يتم انتخاب حكام للولايات بسبب التعديل الدستوري الأخير، الذي تعرض للانتقاد على نطاق واسع؛ كونه يساعد على تركيز المزيد من السلطة في يد الرئيس، الذي يمكنه الآن تعيين حكام ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية.
المعارضة تدعو للمقاطعة
ورغم وجود عدد كبير من المرشحين والأحزاب، إلا أنه يُعْتَقد أن معظمهم إما يتمتع بتأييد ضعيف أو لا يحظى بتأييد على الإطلاق من قبل جمهور الناخبين، يقول حاج سائق تاكسي ويضيف: "لم أسمع مطلقا عن معظم المرشحين الرئاسيين الآخرين". قاطورة علي حاج سائق تاكسي، لا ينوي المشاركة في التصويت ويقول: "سيفوز البشير، لأنه لا يوجد بديل حقيقي".
شخصيات معارضة بارزة، من بينها رئيس الوزراء المقال السابق "الصادق المهدي" وزعيم الحزب الحاكم السابق غازي صلاح الدين، دعت الناخبين لمقاطعة الانتخابات، ويقولون إن الانتخابات غير شرعية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصراعات المسلحة الدائرة حاليا والتعديلات الدستورية غير العادلة التي تم إقرارها.
وقال غازي صلاح الدين، الذي شارك في تأسيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم وشغل سابقا منصب مستشار رئاسي للبشير إن "المقاطعة سوف تفضح ضعف الحكومة، وحقيقة أن الانتخابات ليست حرة أو نزيهة." ويرأس صلاح الدين حركة "الإصلاح الآن" السودانية.
وطالبت المعارضة بتأجيل الانتخابات لإعطاء فرصة للحوار الوطني بين حزب المؤتمر الوطني والمعارضة. وكان الرئيس البشير قد دعا إلى هذا الحوار في يناير/ كانون الثاني عام 2014؛ لتخفيف التوترات السياسية المتزايدة، خاصة بعد حملة القمع العنيفة التي شنتها الحكومة على الاحتجاجات في الشوارع في سبتمبر/ أيلول عام 2013.
لكن الحكومة، رفضت طلب التأجيل، مدعية أن التصويت لا يحول دون استمرار المحادثات، وقال ربيع عبد العاطي، العضو البارز في حزب المؤتمر الوطني: "إذا قمنا بتأجيل الانتخابات، فإن الحكومة لن تكون شرعية."
المصالحة مع الجيران تضعف الحوار الوطني
وقد أتى الحوار الوطني بثمار قليلة حتى الآن وسط تبادل الاتهامات من الجانبين. حيث اتهمت الحكومة المعارضة بعرقلة عملية الحوار من خلال فرض شروط مسبقة غير واقعية، من بينها تشكيل حكومة انتقالية، بينما شكك أعضاء المعارضة، من ناحية أخرى، في صدق الحوار، الذي يقوده الرئيس البشير.
وتعد هذه هي الانتخابات الثانية منذ توقيع اتفاق السلام الشامل في عام 2005، الذي أنهى عقودا من الحرب مع جنوب السودان، لكنه ترك الصراعات الجارية في جبال النوبة ودارفور دون حل. وبرز الاضطراب الاقتصادي في فترة الفوضى التي تلت انفصال جنوب السودان في عام 2011. حيث ناضلت حكومة الخرطوم للتعامل مع فقدان عائدات النفط، والتي مثلت55 في المئة من الميزانية الوطنية. وكان استياء الرأي العام وكذلك الدعوات المطالبة بالتوصل لحل سياسي شامل من قبل ائتلاف المجموعات المتمردة والأحزاب السياسية قد ضغطت على الحكومة السودانية من أجل مشاركة أكثر جدية في مفاوضات العام الماضي.
لكن بعض المراقبين يقولون إن نافذة الفرصة قد أغلقت الآن، حيث انتهت محادثات السلام في أديس أبابا إلى طريق مسدود في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. وقد ساعد قرار السودان مؤخرا بالمشاركة في قوات التحالف التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن على تطبيع العلاقات المتوترة سابقا مع الخليج، وكذلك مع مصر وليبيا الجارتين للسودان، يقول حسن أحمد، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بجامعة الخرطوم، ويضيف:"الآن بعد تهدئة القوى الإقليمية، فإن حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) لن يكون متحمسا لمواصلة الحوار الوطني"، ومن المتوقع أن يؤدي التحالف مع المملكة العربية السعودية إلى إعطاء متنفس للاقتصاد الذي خنقته العقوبات الغربية.
وعلى العكس من ذلك، فإن تمويل الانتخابات يضع ضغوطا على الاقتصاد. وكانت الجهات المانحة للطرفين قد مولت ما يقرب من نصف ميزانية الانتخابات لعام 2010، وهو ما كان ينظر إليه على أنه شرط مسبق حاسم لإجراء استفتاء جنوب السودان. هذا العام، لم تتلق حكومة السودان أي تمويل خارجي. ووفقا لما قاله صفوت فانوس، عضو المفوضية القومية للانتخابات في السودان فإن "السبب في ذلك هو مقاطعة المعارضة للانتخابات." والمنظمات الغربية ومن ضمنها مركز كارتر والاتحاد الأوروبي لن تقوم أيضا بنشر فرق لمراقبة الانتخابات.
الأحزاب التي تخوض الانتخابات تدعي أن العمل مع الحزب الحاكم أكثر تأثيرا من مقاطعة الانتخابات. ويخوض عثمان الدسوقي انتخابات مجلس الولاية التشريعي في الخرطوم ممثلا لمجموعة منشقة صغيرة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي حاربت نظام الخرطوم على مدى عقود وتحكم الآن جنوب السودان. ويسعى حزب الدسوقي للضغط على نواب حزب المؤتمر الوطني؛ من أجل السلام والتنمية في جبال النوبة، ويوبخ الحزب الجماعات المتمردة هناك لتوسعها في حرب لا يمكن الفوز بها، وقال الدسوقي الذي اضطر للعمل كسائق تاكسي لتمويل حملته الانتخابية: "المتمردون لا يريدون السلام حقا. كل ما يريدونه هو السلطة."
دانيال كودي رئيس الحزب ليس لديه أوهام بشأن الأجواء الانتخابية غير العادلة حيث يقول: "نحن لا نتوقع نتائج جيدة، لكننا نريد التعبير عن أننا هنا لنبقى"، وعندما سئل لماذا لم يقدم حزبه مرشحا للرئاسة، أجاب: "دعونا نكون واقعيين".
سيمونا فولتين - الخرطوم