"القانون وحده لا يكفي للتصدي لظاهرة الزواج القسري في ألمانيا"
٢٨ أكتوبر ٢٠١٠عقب إقرار الحكومة الألمانية يوم الأربعاء (27 أكتوبر/ تشرين الأول) مسودة قانون للحد من ظاهرة الزواج القسري، والتي نصت على تجريم هذا النوع من الزواج وتشديد العقوبات عليه بالسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، انتقدت أحزاب سياسة معارضة، وجمعيات إسلامية واجتماعية وخبراء قانونين القانون المزمع إصداره. وقالت السكرتيرة العامة للمجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا، نورهان سويكان، اليوم في حديث مع صحيفة " ابندبلات" الصادرة في هامبورغ إن القوانين المعمل بها حاليا كافية لمواجهة الزواج القسري، فهي ـ أي القوانين ـ تتضمن فقرتي "الإكراه" و "الاغتصاب" وهما كافيتان ـ في نظرها ـ لمعالجة حالات الزواج القسري. وتساءلت سويكان قائلة: " كيف يمكن أن تبدو حيثيات جريمة الزواج القسري؟
القانون يفتقر للآليات اللازمة
من جانبها تؤكد بترا فولمار-أوتو من المعهد الألماني لحقوق الإنسان في برلين أن قانون العقوبات الألماني ليس بحاجة إلى قانون جديد للتعامل مع حالات الزواج القسري، مضيفة أنه يصنفها تحت بند "الإكراه الشديد"، الذي يعاقب عليه بالسجن لمدة تتراوح بين ستة شهور وخمس سنوات. وأشارت فولمار-أوتو إلى أن القانون الجديد لا يفرق بين الأوضاع المختلفة لضحايا الزواج القسري.
وأشارت فولمار-أوتو ـ في حوار مع دويتشه فيله ـ إلى أن القانون المقترح يفتقر للآليات اللازمة للحد من الزواج القسري، لأنه هذا النوع من الزواج يعتبر أحد أنواع الصراعات العائلية الداخلية، الذي يصعب على قانون العقوبات حلها. وتشير الخبيرة الألمانية إلى أن كثير من الضحايا يواجهن ضغطاً كبيراً إزاء الإدلاء بالشهادة ضد عائلاتهن أمام المحاكم، وبالتالي يفضلن عن التقدم بشكاوى ممن هذا النوع ضد عائلاتهن.
الوعي الاجتماعي مطلوب
أما رينيه أبو العلا، من مركز الدار لرعاية العائلات العربية بمدينة برلين، فشددت، في حديث لدويتشه فيله، على ضرورة أن يرافق هذا القانون تدابير تهدف إلى رفع الوعي الاجتماعي لدى العائلات، موضحة أن الزواج القسري، خصوصاً لدى العائلات العربية، "يحدث غالباً نتيجة الضغط الاجتماعي، الذي يؤدي إلى نوع من الزواج الذي يبدو أن الفتاة موافقة عليه، لكنه بالواقع اضطراري. هذا النوع لا يمكن تحديده أو القضاء عليه بقانون، لأنه وضع اجتماعي".
وبحكم تعاملها مع عدد كبير من العائلات العربية المقيمة في العاصمة الألمانية، تقول أبو العلا إن بالإمكان التخفيف من الزواج القسري أو حتى القضاء عليه في الأوساط العربية من خلال رفع الوعي الاجتماعي للفتيات. وترجع الناشطة الاجتماعية العربية الزواج القسري إلى ما وصفته بـ"أسلوب التربية الذي يجعل الزواج محور حياة الفتاة بعد سن معينة. وهذا النوع من القسر بحاجة إلى وعي اجتماعي أكبر بكثير للتغلب عليه".
ومن خلال الدراسات التي أجراها المعهد الألماني لحقوق الإنسان، تقول الخبيرة في شؤون الزواج القسري بترا فولمار-أوتو إن هناك "أنواع من الزواج القسري، فنحن نعلم بأن هناك فتيات ولدن وترعرعن في ألمانيا ويتم تزويجهن قسراً لرجال خارج ألمانيا، كما وهناك فتيات من خارج ألمانيا يسافرن هنا ليتم تزويجهن لرجال في ألمانيا قسراً".
"لا علاقة للإسلام بالزواج القسري"
هذا ويضمن القانون الجديد، في حال موافقة البرلمان الألماني عليه، للفتيات القادمات من الخارج والمتزوجات قسراً حق الرجوع إلى أوطانهن، لكن فولمار-أوتو تنتقد القانون بسبب رفعه للفترة الزمنية المطلوبة لكي تستفيد النساء من هذا الحق، أو من أجل الحصول على حق التقدم بتصريح إقامة في ألمانيا، مما يعني "تحسناً بالنسبة للفتيات الألمانيات اللواتي يتم تزويجهن قسراً في الخارج، وتدهوراً بالنسبة للواتي يسافرن إلى ألمانيا ليتم تزويجهن قسراً هنا".
كما ولا يتطرق القانون الجديد إلى الناحية الوقائية، كما تقول بترا فولمار-أوتو، فهو لا يشير إلى البدائل المتوفرة لضحايا الزواج القسري، مثل مراكز الاستقبال والرعاية المخصصة لذلك، التي تلجأ إليها من تخشى من تعرضها للتزويج قسراً، أو من تطلب الطلاق من زواجها القسري.
وتنفي الخبيرة الألمانية أن تكون ظاهرة الزواج القسري مرتبطة بالإسلام، إذ أشارت إلى أن دراسات أثبتت أن هذا النوع من الزواج ينتشر في عائلات غير متدينة أصلا، أو عائلات تعاني من تفكك الروابط الأسرية أو العنف الأسري، بالإضافة إلى عائلات تعاني من مشاكل الإدمان، سواء على الكحول أو المخدرات.
هذا ونشرت عدة نساء هربن من زيجاتهن القسرية، معظمهن سيدات تركيات، قصة هروبهن وحياتهن الجديدة في ألمانيا، من خلال عدة كتب طرحت في السوق الألمانية ولاقت رواجاً لا بأس به، وذلك نظرا لاهتمام الصحافة الألمانية بهذا الموضوع، لاسيما وأن ألمانيا تضم أكبر جالية تركية في أوروبا.
ياسر أبو معيلق
مراجعة: عبده جميل المخلافي