بعد الربيع العربي ـ هل يبقى الشباب على هامش المعادلة السياسية؟
٢٧ سبتمبر ٢٠١١مع اقتراب موعد الانتخابات في بعض الدول العربية التي شهدت حراكاً سياسياً في فترة "الربيع العربي"، بدأ التساؤل حول مكانة الشباب في المرحلة القادمة يفرض نفسه بقوة على الساحة السياسية. ولا أحد ينكر الدور المحوري الذي كان لهذه الفئة في الدفع بعجلة التغيير إلى الأمام، لكن حتى يستطيع هؤلاء الشباب تقديم تصورهم في الحكم ينتظرهم طريق شاق للوصول إلى مراكز القرار. ويراهن الشباب في العديد من الدول العربية على المرحلة القادمة من أجل تبوأ مكانة تسمح لهم بالمشاركة في تسيير دواليب السياسة.
ففي مصر على سبيل المثال، وفي خطوة تمثل نقلة نوعية في خريطة القوى السياسية، أعلن ائتلاف شباب ثورة 25 يناير اعتزامه خوض الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة تحمل اسم "ائتلاف شباب الثورة" تضم 200 من الشباب المستقلين، لتصبح بذلك منافسا قويا للتنظيمات الحزبية التقليدية.
أما في المغرب وقبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية، يدعو البعض لتخصيص نسبية "كوته" للشباب المغربي على غرار تلك الممنوحة للنساء، والمتمثلة في 20 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان.
غالبية عددية خارج المعادلة السياسية
وتبرر قيادات شبابية وحزبية مغربية تخصيص نسبة للشباب بسبب ضعف قدرة هذه الفئة الاجتماعية الكبيرة عددياً على المنافسة الانتخابية للوصول إلى البرلمان في ظل سيطرة الأحزاب التقليدية وارتفاع التكاليف المادية الكبيرة التي تتطلبها الحملات الانتخابية، وهو الأمر الذي يجعل المنافسة غير متكافئة. فرغم أن 70 بالمائة من المغاربة هم شباب تقل أعمارهم عن أربعين عاما، إلا أن نحو 90 من الذين يصلون إلى البرلمان هم من الكهول الذين تتجاوز أعمارهم سن الأربعين.
لكن منتصر الساخي، العضو بحركة 20 فبراير المغربية، يرى أن تخصيص هذه النسبة للشباب في البرلمان "لن يغير من واقع الممارسة السياسية شيئا، فأبناء الوجهاء وذوي النفوذ هم من سيستحوذ على تلك المقاعد". ويتابع الساخي في حوار مع دويتشه فيله، بأن "الشباب المغربي ليس بحاجة إلى مقاعد من أجل إسكاته فقط، وإنما في حاجة إلى إشراكه في دواليب صناعة القرار".
وعلى الساحة المصرية يسود تفاؤل كبير خاصة لدى "ائتلاف شباب الثورة" الذي يعول على الانتخابات القادمة للتأسيس لمشاركة شبابية حقيقية في صنع القرار. في هذا السياق يقول محمد نصر، عضو الائتلاف "إن مشاركة شباب الثورة في منافسات انتخابات مجلس الشعب المرتقبة قبل نهاية العام سوف تنعكس على خريطة القوى السياسية الموجودة في الشارع المصري، لأن هؤلاء الشباب يتمتعون بسمعة جيدة في الشارع المصري، باعتباره هو من قاد دفة التغيير".
نخب جديدة من رحم النخب التقليدية
الشارع العربي يعول كثيرا على الشباب، الذي قاد عملية التغيير، في تكوين نخب سياسية مستقبلية قادرة على ضخ دماء جديدة في الجسم السياسي العربي. لكن هل الظروف ملائمة لهؤلاء الشباب من أجل الوصول إلى هذه المرحلة؟
وإذا أخذنا النموذج المغربي على سبيل المثال، فإن منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، يرى أن "كل المبادرات التي أطلقتها الدولة لتحفيز الشباب على الانخراط في الحياة السياسية وتشكيل نخب سياسية تقود البلاد في المرحلة المقبلة، هي مبادرات تبقى حكرا على شباب الأحزاب السياسية، وبالرجوع إلى أولئك الشباب نرى بأن نسبة كبيرة منهم هم امتداد لعائلات القيادات الحزبية".
ويضيف السليمي "أن الأحزاب ليست هي الوحيدة القادرة على خلق تلك النخب، فالمجتمع يزخر بالعديد من الطاقات الناشطة في جمعيات المجتمع المدني يصل عددها إلى سبعين ألفا، وهي التي تسير السياسات العمومية، فكان الأحرى بالأحزاب السياسية أن تعمل على جذبهم إليها ليكونوا نخبا سياسية وبرلمانية مستقبلية".
عبد المولى بوخريص
مراجعة: عبده جميل المخلافي