بوتسدام ... "فرساي الشمال" ومدينة القصور في ألمانيا

يرتبط اسم هذه المدينة الناعمة ومعلمها الشهير قصر "سيسيليين هوف" بحدث كان له أبلغ الأثر على مستقبل ألمانيا وأوروبا. ففي وقت خرجت فيه ألمانيا منهكة من الحرب العالمية الثانية، شهد قصر "سيسيليين هوف" في صيف عام 1945 مؤتمر بوتسدام الذي اتخذ فيه قادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا قرارات حددت المسار السياسي للقارة الأوروبية وتمخضت عنه تقسيم ألمانيا.

الحدائق والقصور

لا يطلق البعض تسمية "فرساي الشمال" بالصدفة على هذه المدينة، فبجانب "سيسيليين هوف" يمكن للزائر أن يتمتع بالنظر إلى قصر "سان سوسي" وحدائقه مترامية الأطراف التي أدرجتها منظمة اليونيسكو في عام 1990 على لائحة محميات التراث الإنساني. ويعتبر القصر دون منازع من أبرز القصور التاريخية في المدينة. واتخذ القيصر فريدريخ الأكبر الذي شيد بين الأعوام 1745 و1747 مقرا صيفيا له.

ومن بين القصور المشهورة في المدينة أيضا القصر الجديد الذي يذكر زائريه بفن العمار في محيط البحر البيض المتوسط وكذلك الحي الهولندي وجزيرة الطواويس "وقصر بابلسبرغ" و"قصر شالرلوتن هوف". وتذكر المصادر التاريخية أن بوتسدام عاصمة ولاية براندنبورغ كانت على مدى ثلاثة قرون قبلة لأفضل المهندسين المعماريين الأوروبيين ومخططي الحدائق والفنانين الذين أضفوا على هذه المدينة

رونقا خلابا يجمع بين التقاليد المعمارية الألمانية والرومانية.

الحي الهولندي

يعتبر الحي الهولندي الذي شيد بين الأعوام 1734 و1742 من أكثر المعالم التاريخية المحببة على قلوب السياح وأهل المدينة على السواء. ويتكون الحي من حوالي 150 بيت مبني على الطراز الهولندي. أما جزيرة الطواويس البالغة مساحتها 76 هكتارا فتعتبر من أجمل الحدائق في ألمانيا. وتقول المصادر إن الحديقة شيدت في عام 1795 بناء على رغبة القيصر فريدريخ فيلهيلم الثاني. ولا يطلق على هذه الحديقة تسمية "جزيرة الطواويس" بالصدفة، إذ أن الطواويس التي يتمتع الزائر بمنظرها لا تزال تنعم بهدوء هذه الحديقة بعيدا عن ضوضاء المدينة المجاورة.

بوتسدام .. مدينة الطلاب

ومن اللافت للنظر أن جامعة بوتسدام التي تعتبر من أكثر الجامعات الألمانية ترحيبا بالطلاب الأجانب تتداخل مباني حرمها الجامعي مع حدائق قصر "سان سوسي". ويلاحظ الزائر لهذا المعلم التاريخي حركة الطلاب من وإلى مباني كلياتهم وفي بعض الأحيان مطالعتهم لدروسهم أو التفافهم في حلقة نقاش في إحدى حدائق القصر أو مجرد استلقاءهم بعد محاضرة شاقة على أعشاب هذه الحدائق.