تبعات انضمام كرواتيا وبلغاريا ورومانيا لشينغن على الهجرة؟
١٧ نوفمبر ٢٠٢٢تضم منطقة شينغن اليوم 26 دولة، من بينها 22 من دول الاتحاد الأوروبي، وأربع دول أوروبية أخرى. وهناك دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنها ليست ضمن منطقة شينغن، وهي بلغاريا، ورومانيا، وكرواتيا، وقبرص، وإيرلندا. وعلى النقيض من ذلك، هناك أربع دول أعضاء في شينغن، وليست ضمن دول الاتحاد الأوروبي، وهي أيسلندا، والنرويج، وسويسرا، وليختنشتاين.
وأشارت الرئاسة التشيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي إلى أنها تريد انضمام كرواتيا، وبلغاريا، ورومانيا إلى منطقة شينغن، معا، ولذلك وضعت هذه المسألة على جدول أعمالها. ومن المتوقع أن يصوت مجلس الاتحاد الأوروبي على هذه المسألة في التاسع من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
يشار إلى أن انضمام أي عضو جديد لمنطقة شينغن يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء.
وفي الوقت الذي تقف فيه كرواتيا، وهي آخر عضو انضم للاتحاد الأوروبي، في 2013، على عتبة تبني العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، وقد اتخذت بالفعل خطوات رئيسية بالفعل للانضمام لشينغن، تنتظر رومانيا وبلغاريا منذ عام 2011.
وأكد مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي في حزيران/يونيو من عام 2011 أن بلغاريا ورومانيا قد استوفتا جميع معايير الانضمام لمنطقة شينغن للتنقل الحر. ورغم ذلك، استخدمت هولندا وفنلندا في أيلول/سبتمبر من نفس العام حق النقض (الفيتو) ضد انضمام الدولتين، بسبب عدم اتخاذهمها إجراءات كافية ضد الفساد والجريمة المنظمة.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2022، دعا البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء، للمرة الرابعة منذ 2018، إلى الإسراع بضم بلغاريا ورومانيا إلى شينغن.
هولندا تعرقل انضمام رومانيا وبلغاريا
وعلى الرغم من ذلك، تواصل هولندا التشكيك في استعداد بلغاريا ورومانيا للانضمام لمنطقة شينغن. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، تبنى البرلمان الهولندي قرارا يعارض بمقتضاه انضمام البلدين للمنطقة. وشدد البرلمان الهولندي على الحاجة إلى مزيد من التحليلات المتعلقة بالالتزام بسيادة القانون، واعتبر ذلك ضروريا للتأكد مما إذا كان الفساد والجريمة المنظمة في البلدين قد تراجعا، وإلى أي مدى. وجاء في القرار: "إذا لم يتم حل مثل هذه القضايا في دولة بمنطقة شينغن، من شأن ذلك أن يثير مشكلات خطيرة في ظل غياب الضوابط على الحدود، مما يمثل خطورة على أمن هولندا، وعلى منطقة شينغن بأسرها."
وعلق الرئيس البلغاري، رومين راديف، على ذلك في 21 تشرين الأول/أكتوبر، بقوله: "من المقرر إجراء الانتخابات في هولندا في الربيع. وهذه مسألة صعبة، ولكن هولندا معزولة بالفعل داخل المجلس. لقد جرى وضع بلغاريا ورومانيا رهينتين للسياسة الداخلية في هولندا، ولن يستمر هذا طويلا".
وبسبب الفساد المتفشي، خضعت سلطات القانون في رومانيا وبلغاريا لرقابة على نحو خاص من قبل المفوضية الأوروبية منذ انضمامهما للاتحاد الأوروبي في 2007.
ووصف البرلمان الأوروبي الترتيبات الجارية بأنها ضارة للسوق الموحدة الأوروبية، حيث قال النواب: "الحفاظ على الضوابط على الحدود الداخلية، أمر تمييزي له تأثير خطير على حياة العمال المتنقلين، وعلى المواطنين."
رومانيا لا تزال تؤمن بالانضمام لشينغن ويعتقد وزير خارجية رومانيا بوجدان أوريسكو، أنه لا تزال هناك فرصة لخطوات سياسية ودبلوماسية وفنية، حيث قال: "أنا على قناعة أن الجانب الهولندي يقوم حتما بتقييم جميع الخيارات والتغيرات".
3 سيناريوهات محتملة
ووفقا للنائب بالبرلمان الأوروبي، فيكتور نجريسكو، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسألة انضمام رومانيا لمنطقة شينغن. ويتعلق السيناريو الأول بتصويت إيجابي من قبل مجلس العدالة والشؤون الداخلية، بشأن انضمام رومانيا لشينغن، في التاسع من كانون الأول/ديسمبر المقبل. وفي هذه الحالة، إذا ظلت هولندا الدولة الوحيدة دون موقف واضح، فإنها سوف تصوت لصالح الانضمام، ولكن مع فرض شروط، قد تؤيدها الدول الأوروبية الأخرى. وربما تطلب هولندا من المفوضية الأوروبية تطوير آلية خاصة للمراقبة، يمكن من خلالها تعليق بعض الحقوق الخاصة بمنطقة شينغن، حال انتهاك شروط معينة.
أما السيناريو الثاني، فقد يتم تأجيل موعد إجراء التصويت لجلسة استثنائية يعقدها المجلس في وقت لاحق هذا العام، ترقبا للتقرير الأحدث لـ " آلية التعاون والتحقق"، ورأي "لجنة البندقية المتعلقة بالقوانين الخاصة بالعدالة". وكانت اللجنة أنشأت "آلية التعاون والتحقق" كإجراء انتقالي لمساعدة رومانيا في معالجة أوجه القصور في مجال القضاء، واتخاذ إجراءات ضد الفساد. وفي هذه الحالة، سيكون انضمام رومانيا لمنطقة شينغن لا يزال مشروطا بمعايير ليس لها علاقة بقوانين المنطقة. وأوضح النائب الأوروبي، الروماني، نجريسكو، أنه يجرى حاليا تقييم عملية فك الارتباط بين القرار الخاص ببلغاريا، والقرار المتعلق برومانيا.
ويدور السيناريو الثالث حول تأجيل التصويت بشأن انضمام رومانيا وبلغاريا لمنطقة شينغن إلى ما بعد إجراء الانتخابات الهولندية في آذار/مارس 2023.
كرواتيا تتوقع الانضمام لمنطقة شينغن في 2023
أما فيما يتعلق بكرواتيا، فقد بدأ مجلس الاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو الماضي عملية اتخاذ قرار بشأن انضمام البلاد لمنطقة شينغن، وطلب من البرلمان الأوروبي إبداء رأيه في هذه المسألة. ورغم أن هذا الرأي ليس ملزما للمجلس، فإنه يعد خطوة إجرائية وينطوي على رسالة سياسية.
واقترح مجلس الاتحاد الأوروبي إقامة ضوابط على حدود كرواتيا البرية والبحرية مع الدول الأعضاء في شينغن بداية من الأول من كانون الثاني/يناير 2023. ويلي ذلك فرض ضوابط على المطارات بداية من 26 من آذار/مارس المقبل.
وصوت المجلس الأوروبي في جلسة عامة عقدت في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، لصالح انضمام كرواتيا لشينغن. وهذه هي الخطوة قبل الأخيرة باتجاه التوصل لقرار، وهو متوقع في التاسع من كانون الأول/ديسمبر المقبل خلال اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء في شينغن.
سلوفينيا وكرواتيا... ثلاثة عقود من النزاعات الحدودية
تؤيد سلوفينيا منح عضوية منطقة شينغن لكرواتيا، رغم حالة الغموض التي تكتنف اتفاقية التحكيم الحدودي بين البلدين لعام 2017، والتي تحدد الحدود البرية والبحرية بين الدولتين بعدما فشلتا في التوصل لحل بأنفسهما على مدار أكثر من عقدين.
وتصر كرواتيا الآن على أنها لم تعد طرفا في الاتفاقية، بسبب مخالفات ارتكبتها سلوفينيا. وعلى الجانب الآخر، تصر ليوبليانا على أن قرار التحكيم هو الحكم النهائي الذي يحدد مسار الحدود بين البلدين.
وغالبا ما ناقش الساسة في سلوفينيا، علنا، بصورة أو بأخرى، إمكانية ربط منح عضوية منطقة شينغن لكرواتيا بتنفيذ الحكم النهائي الخاص بالحدود.
وانتشرت إشاعات على مدار الأسابيع الماضية بأن الحكومة السلوفينية بصدد إعداد بيان أحادي يفيد بأن انضمام كرواتيا لمنطقة شينغن يعني أنها قبلت بالحكم النهائي. وقالت وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فاجون، الأسبوع الماضي: "نحن نتحدث عن اعتماد بيان، ولكن هذا البيان لن يكون سوى التزام جديد بتنفيذ الحكم النهائي للتحكيم." كما أعلنت فاجون، التي تتوقع قرارا سياسيا إيجابيا من وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي بشأن عضوية كرواتيا في منطقة شينغن، أن الحكومة السلوفينية سوف تتبنى قريبا موقفا دفاعيا، يتم التصويت عليه من قبل البرلمان في ليوبليانا.
قلق البوسنة والهرسك بشأن "تشديد" الحدود
يشكل انضمام كرواتيا لمنطقة شينغن تحديا خاصا للبوسنة والهرسك التي تتشارك حدودا يبلغ طولها حوالي ألف كيلومتر مع كرواتيا. وهناك علاقات اقتصادية وثقافية وعائلية قوية بين الدولتين. وتخشى البوسنة من أن قواعد منطقة شينغن ربما "تشدد" الحدود بين البلدين الجارين.
وتتوقع الشركات التجارية في البوسنة ظهور مشكلات تتعلق بسرعة تدفق البضائع عبر الحدود مع كرواتيا. وتوجد تسع نقاط تفتيش على الحدود بين البوسنة والهرسك وبين كرواتيا، و20 معبرا لحركة المرور. ومن بين النقاط التسع، هناك اثنتان فقط تتمتعان بوضع خاص لتطبيق الضوابط الخاصة بالمنتجات الزراعية والنباتية، ويتم استخدامهما لتصدير الفاكهة، والخضروات، والبضائع الأخرى التي تتطلب مثل هذا النوع من التفتيش.
وحذرت غرفة التجارة الخارجية في البوسنة في مناسبات عديدة من أن تنفيذ معايير التفتيش التي تطبقها منطقة شينغن قد يؤدي إلى طوابير طويلة بسبب الانتظار، وتأخير الشاحنات التي تحمل البضائع القادمة من البوسنة، ودعت إلى تعزيز التكيف مع الأوضاع الجديدة. ورغم ذلك، تقول شرطة الحدود البوسنية إنه لا يجب أن تكون هناك أي تغيرات جوهرية بالنسبة لمواطني البوسنة فيما يتعلق بدخول كرواتيا.
والميزة الوحيدة التي تراها الشرطة في انضمام كرواتيا لشينغن هي تعزيز الإشراف على الحدود المشتركة التي تعاني من عبء أزمة الهجرة.
وقالت شرطة الحدود في البوسنة لوكالة الأنباء الاتحادية البوسنية (فينا): "سيضمن انضمام كرواتيا لمنطقة شينجن الوفاء بجميع المعايير، وبالتالي مستوى مرتفعا من الأمن على الحدود الخارجية للبلاد. ولهذا أهمية خاصة في منع جميع أنواع الجريمة العابرة للحدود، وعمليات العبور غير القانونية في إطار أزمة الهجرة الحالية".
وبفضل دعم الاتحاد الأوروبي، استثمرت كرواتيا في تعزيز حماية حدودها، التي يقوم عليها 500ر6 من رجال الشرطة. ولطالما أشارت المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام إلى عمليات، تتسم بالعنف، لإعادة المهاجرين، والمعاملة غير الإنسانية للمهاجرين غير الشرعيين من قبل السلطات الكرواتية. ونتيجة لذلك، أطلقت كرواتيا، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، عملية إشراف مستقلة على سلوك أفراد شرطة الحدود مع المهاجرين وطالبي اللجوء. وبحسب مقترح لمفوضية الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، يتعين تطبيق آليات الإشراف هذه على جميع الدول الأعضاء.
خالد سلامة – مهاجر نيوز