تعاون عربي ألماني واسع لتخفيض الفاقد من المياه العذبة
٦ سبتمبر ٢٠٠٨تعاني معظم دول العالم الثالث، وفي مقدمتها عدة دول عربية من مشكلة فقدان المياه بسبب سوء الإدارة وقدم الشبكات أو عدم توفرها. وتقدر كمية المياه التي يفقدها العالم يوميا بأكثر من 45 مليون متر مكعب كافية لمد 90 مليون نسمة بمياه الشرب. على ضوء ذلك نظم برنامج الأمم المتحدة للمياه وتنمية القدرات (UNW-DPC) ورشة عمل دولية في مدينة بون الألمانية لإلقاء الضوء على هذه المشكلة وإيجاد حلول عملية لها بالاعتماد على خبرات دول ومؤسسات من مختلف القارات وفقا لما ذكره لموقعنا خوسيه لويس مارتين- بورديس مدير المشاريع في البرنامج الأممي.
تأهيل الكادر البشري بشكل مواكب لإدخال التقنية الحديثة
ورشة العمل التي أقيمت تحت عنوان تخفيض الفاقد من مياه الشرب: تنمية القدرات من أجل حلول عملية/ Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solution حظيت باهتمام عربي بارز إذ حضرها ممثلون عن قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في دول عربية عديدة، لاسيما مصر والأردن وفلسطين والإمارات العربية المتحدة. وذكر بورديس بأن هذا الحضور يدل على اهتمام العالم العربي المتزايد بهذه المشكلة مما يستدعي التفكير بجدية في إقامة ورشات عمل هناك في المستقبل المنظور لمناقشة مشاكل المياه المهدورة في شبكات مياه الشرب والزراعة وإيجاد الحلول لها. وفي هذا الإطار أكد على أن هذه الحلول يجب أن لا تعتمد فقط على إدخال التقنيات الحديثة، بل على تأهيل الكادر البشري وتنمية قدراته بشكل متواصل كذلك.
نادية عبدو صالح، رئيسة مجلس إدارة والعضو المنتدب في شركة مياه الشرب بالإسكندرية، أبرزت في حديثها لموقعنا عن فائدة كبيرة قدمتها الورشة للمشاركين من خلال استعراض أمثلة ناجحة في مجال إدارة شبكات المياه بكفاءة عالية، إضافة إلى تجهيزها بالتقنيات الحديثة. وفي هذا الإطار تم التركيز على أهمية تدريب العنصر البشري للقيام بالمهام المطلوبة منه على أتم وجه. وهنا يمكن الاستفادة على نطاق أوسع من التجربة الألمانية الرائدة على صعيد التدريب، وفي مجال تطوير التقنيات والتجهيزات التي تمنع فقدان المياه. ولا ننسى والكلام لنادية الاستفادة من هذه التجربة في مجال الإدارة وصيانة الشبكات ومراقبتها.
نجاح مصري في تخفيض الفاقد بنسب عالية
وعن تجربة مؤسستها على صعيد التعاون مع ألمانيا، قالت نادية بأنها استفادت من برامج دعم فنية وتدريبية عديدة قدمتها الحكومة الألمانية وجهات أخرى عن طريق عدة مؤسسات مثل وكالة التعاون الفني الألماني جي تي زد (GTZ). وهو الدعم الذي استفادت منه شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالشرقية حسب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب د. صلاح الدين محمد بيومي. وذكر بيومي بأن اليابان قدمت للمؤسسة دعما فنيا وتدريبيا تمكنت بفضله من تخفيض الفاقد من 35 إلى 22 بالمائة خلال العامين الماضيين. وقد ساهمت جي تي زد ومؤسسات ألمانية أخرى في الوصول إلى هذه النتيجة من خلال برامج دعم فنية وتدريبية عديدة. وبدورها استطاعت مؤسسة مياه شرب الإسكندرية بمساهمة الدعم الألماني تخفيض الفاقد إلى 20 بالمائة في المعدل بعدما كان بحدود 50 بالمائة قبل عشر سنوات في مجمل المناطق التي تقدم لها الخدمات. وفي مدينة الإسكندرية نفسها تراجع الفاقد إلى 17 بالمائة بفضل الدعم المذكور.
خبرة ألمانية فريدة لإعادة حقن آبار المياه الجافة في أبو ظبي
أما تجربة أبو ظبي في تقليص الفاقد فتختلف عن تجربة المدن المصرية كون هذه المدينة الإماراتية من المدن الحديثة. كما أنها صرفت أموالا طائلة لبناء شبكة مياه عصرية يتم تحديثها بشكل دوري. وهو الأمر الذي يجعل الفاقد من المياه منخفضا على غرار ما هو عليه الحال في الدول الصناعية. وعن التعاون مع الجهات الألمانية يقول محمد عبد القادر الرمحي مدير دائرة خدمات الشبكات في شركة أبو ظبي للتوزيع بأنه يسير بشكل ممتاز. وذكر مثلا على ذلك التعاون في إعادة حقن آبار المياه الجوفية غرب الإمارة بالمياه العذبة بعدما تم استغلال مياهها إلى حد النضوب. وأضاف بأن إعادة الحقن هذه تجربة فريدة من نوعها في العالم، وقد تم القيام بها من أجل مستقبل الأجيال القادمة وللحفاظ على التوازن البيئي الذي كان مهددا نتيجة جفاف هذه الآبار سابقا حسب تعبيره.
المشاركون العرب ذكروا في إطار الحديث عن التعاون مع ألمانيا أن هذا البلد كان وراء إنشاء منظمة موارد المياه العربية (ACWA أو Arab Countries Water Utilities) بدعم من أموال دافعي الضرائب الألمانية. وقال الرمحي أن هذا الدعم سيتمر حتى عام 2011، أي حتى تتمكن المنظمة من تمويل نفسها بنفسها وتقف على أرجلها. وعن التعاون المستقبلي شدد الدكتور بيومي على ضرورة الاستفادة من خبرات ألمانيا في مجال إدخال المواصفات القياسية الألمانية المعتمدة في قطاع المياه على القطاعات العربية في هذا المجال.