جامعات المتقاعدين: ظاهرة ألمانية تستحق التأمل
٧ فبراير ٢٠٠٧لا شك في أن تطور النظام الطبي في أوروبا وقلة المجهود الجسدي هما السبب في تزايد نسبة عمر الإنسان الأوروبي، ما أتاح المجال للمتقاعدين ببدء حياه جديدة بعد التقاعد. فكثيرين منهم يجوبون أنحاء العالم وآخرون يقومون بأعمال خيريه، في حين يلتحق قسم منهم من جديد بالدراسة الجامعية، وذلك رغم أن معظم المتقاعدين لن يحصل على الشهادة الأكاديمية. لكن الدراسة أصبحت أمر مرغوب جداً عند المتقاعدين وكبار السن.
الجزء الأكبر من المتقاعدين الذين يتوجهون للدراسة بعد التقاعد هم أكاديميون سابقون لم يتوفر لهم الوقت الكافي من أجل التعمق في الدراسة. ومن خلال زيارة جامعة بون، تعرفنا على سيدة متقاعدة تبلغ من العمر 69 عاماً. وتقول السيدة إنها تدرس الفلسفة في جامعة بون وإن الدراسة في الكبر ممتعه جداً. فبعكس دراستها في الماضي تجد الآن الوقت لقراءة العديد من الكتب والتعمق في مواضيع لم تكن تجد الوقت للاهتمام بها بسبب ضغط الوقت وقلته، على حد قولها. ويتراوح القسط الدراسي للمتقاعدين ما بين 80 و 100 يورو، أي أقل من الأقساط التي يدفعها الطلاب العاديون.
حقائق وأرقام
يفيد مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني بأن 38.400 شخص متقاعد درسوا في الجامعات الألمانية في العام الدراسي الماضي وبأن نصف المتقاعدين الدارسين هم من النساء وبأن أهم المواضيع الدراسية التي يدرسها المتقاعدون هي التاريخ والاقتصاد والفلسفة، بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثل الفنون والتاريخ الإسلامي أو اللغه اليابانية وهذا ما يبين أن محور اهتمام المتقاعدين متنوع تماماً مثل الطلاب العاديين.
في الماضي كان المتقاعدون يتوجهون إلى الجامعات في فترة التقاعد لأنهم لم يتمكنوا فعل ذلك في شبابهم. والأسباب في ذلك هي صعوبة الدراسة في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، ففي ذلك الوقت لم تسمح الأوضاع السياسية والاقتصادية بالتوجه للدراسة إلا للقلائل. أما في الوقت الحاضر، فإن غالبية المتقاعدين تتوجه للدراسة لأسباب أخرى. فعلى الرغم من حوزتهم على شهادة أكاديمية، إلا أنهم يتوجهون للدراسة لعدم رغبتهم في إضاعة وقت الشيخوخة بأعمال لا فائدة منها كزرع الورود ومداعبة الكلاب والقطط.
ظاهرة مثيرة للجدل
بينما يؤيد البعض وجود المتقاعدين في المحاضرات ويعاملونهم على أنهم أكثر خبره ومعرفه، ينظر الآخرون إلى هذه الظاهرة بنوع من الاحتجاج والسخرية. ورغم ذلك، تواجه غالبية الطلاب المتقاعدين باحترام شديد. وفي هذا الخصوص، تقول إحدى الطالبات:" أنا معجبه جداً بالدراسة الجامعية للمتقاعدين وهم يدهشونني بمعرفتهم الواسعة ويعطون المحاضرات طابعا جديدا يملأ المحاضرات بخبرتهم بالحياة. وتضيف:" إذا أتيح إلي المجال في المستقبل في الدراسة الجامعية بعد تقاعدي، فإنني سأفعل ذالك بكل تأكيد."