حقوقي سوري: اتساع موجة الاحتجاج في سوريا ستقرره أحداث يوم الجمعة
٢٣ مارس ٢٠١١دويتشه فيله: تفيد آخر التقارير الواردة من مدينة درعا في جنوب سوريا بارتفاع حصيلة قتلى اليوم إلى 18 شخصاً، كيف تنظرون إلى هذه التطورات؟
هيثم مناع: أنا أظن بأن هناك خطة مسبقة ومعدة تقوم على الخيار الأمني لضرب المدينة قبل يوم الجمعة. وما يثبت وجود هذه الخطة هو أنه بالأمس كان هناك حوار طبيعي وعادي بين وفد يمثل الأهالي والوجهاء والشباب، وبين الوفد الأمني. وكان هناك اتفاق على العديد من النقاط، من بينها عقد لقاء بين مجموعة من شخصيات البلاد ومجموعة لمؤذني وخطباء المدينة. وبعد مغادرة بعض أعضاء الوفد (للاجتماع) تم اعتقالهم. هذا عمل عدواني يلغي أي ثقة ما بين أطراف الحوار. بعد ذلك مباشرة تم محاصرة المسجد والمناطق المحيطة به وقطع الكهرباء بحلول الليل، ثم هاجموا في الساعة الواحدة والنصف من صباح اليوم الأربعاء (23 مارس/ آذار). لقد كنت على الهاتف مباشرة مع جريحين أثناء الهجوم، وأحدهم فارق الحياة وهو يتكلم معي ... لم يكن هناك قبول لأي إسعاف للجرحى، بل على العكس قامت قوات الأمن باعتقال ومن ثم قتل الطبيب الذي جاء لإسعاف الجرحى، وثم اتهموا الثوار اليوم بأنهم قتلوا من جاء ليسعفهم. إنها كذبة لم تخطر حتى ببال القذافي.
وما هو تعليقكم على الأنباء التي تحدثت عن كون إسلاميين متطرفين يقودون الاحتجاجات في درعا؟
محافظة درعا ليست معروفة بتدينها ولا يوجد فيها حركة سلفية ولا جهادية ولا تقليدية. ونحن لم نسمع قط بحركات مثل "جند الشام" أو غيرها، ولا أثر لها، وهم معتقلون أساساً. وأنا أتحدى السلطات السورية أن تثبت كون شخص واحد منهم فقط – سواء من المعتقلين أو ممن ذكرت أسماؤهم في التحقيق – من محافظة درعا. هذه كذبة رهيبة، وعندما انكشفت هذه الكذبة بدؤوا يقولون بأن الصهيونية والماسونية هي من تقف وراء الثوار، وهذا يدل على تخبط وكذب ومبالغة كبيرة في خطاب السلطة. الجامع (العمري) كان خالياً حتى من الحجارة، وبعد إخلاء الجرحى وخروج الناس منه، فإذا بهم يحضرون سلاحاً ويضعونه مع المال، ويحضرون مصورين ليصوروه. حتى العصابات المنظمة عندما تحضر مالاً أو يكون لديها سلاح لا تضعه في المسجد، بل في أماكن أخرى. إنهم يحاولون تصوير الشباب الذين أبدعوا انتفاضة الكرامة ونجحوا في كسر الطوق الأمني واستطاعوا أن يتظاهروا رغم وجود عشرة آلاف شخص من الأجهزة الأمنية، بذلك الشكل. هؤلاء الشباب تنفسوا هواء الحرية ولن يتركوه، وسيقاتلون من أجله، ويفضلون الموت على العودة إلى قوانين الطوارئ وقمع أجهزة الأمن والتعذيب الذي عاشوه.
هل تتوقعون إذاً أن تمتد الاحتجاجات إلى مدن أخرى في سوريا؟
الإجابة على هذا السؤال ستكون مساء الجمعة. درعا اليوم محاصرة، وحركة شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي طالبت بإضراب عام حتى تحد من الخسائر، لأن القناصة يملؤون كل الشوارع وجرت عمليات قتل حتى لنساء تحمل الماء، ولكون هذه الحركة لم تنتشر إلى المحافظات الأخرى حتى الآن، لا بد من الحفاظ قدر الإمكان على هذه الروح الثورية إلى حين معرفة مصير يوم التضامن مع درعا يوم الجمعة. هناك يوم للتضامن مع حوران أعلن عنه في كل المحافظات وتبنته حركة شباب 17 نيسان وحركات أخرى وأحزاب تقليدية ومنظمات حقوق الإنسان. أتمنى أن ينجح هذا اليوم بفك الحصار عن درعا لإطلاق الانتفاضات في المدن الأخرى. إذا حدث هذا، فالمستقبل سيكون مشرقاً والثمن الذي سيكون شهداء شباب درعا قد دفعوه، سيكون إعادة حلم الديمقراطية والحرية إلى ذهن كل مواطن سوري.
الدكتور هيثم مناع يشغل منصب المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقراً لها.
أجرى الحوار: ياسر أبو معيلق
مراجعة: عارف جابو