رئيس مقاطعة "عين العرب": كوباني مازالت صامدة
١ ديسمبر ٢٠١٤DW: تصدرت مدينة كوباني (عين العرب) عناوين الأخبار، ولفتت المقاومة الكردية التي تدافع عن المنطقة أنظار التحالف الدولي، لو تحدثنا بدايةً عن تجرية الادارة المدنية في كوباني؟
أنور مسلم: في 27 شهر كانون الثاني/يناير بداية العام الجاري، أُعلن رسمياً عن تأسيس الادارة المدنية لمقاطعة كوباني- إحدى المقاطعات الثلاث- التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرق سورية. وبدأت المؤسسات عملها على الفور لتأمين احتياجات الناس وتقديم الخدمات للأهالي وسكان المدينة. أما مكونات الادارة المدنية في كوباني فهي تتمثل في جميع سكانها، الأرمن والمسيحيين والعرب والتركمان والكرد.
هذه التجربة حديثة الولادة، بعد عقود من حكم نظام حزب البعث، الذي لم يعرف فيه المواطن سوى كبت الحريات السياسية والفكرية، وسعى النظام السوري الى تغيير ديموغرافية سكان المدينة، وحاول جاهداً محو صبغتها الكردية. لذلك حاول إجهاض هذه التجربة وكان ينظر لها بعين الريبة، الأخير وبعض تشكيلات المعارضة المسلحة والتنظيمات الارهابية المتطرفة.
مضى على الحرب الدائرة في مدينة كوباني شهرين ونصف، كم هي المساحة المقدرة التي تعرضت للدمار والخراب؟
تبلغ مساحة المدينة حوالي 7 كلم2، وتقدر المساحة التي تعرضت للدمار والخراب تقريباً 70 بالمائة، منها 30 بالمائة تعرضت لدمار كلي لاسيما في القسم الجنوبي الشرقي المحاذي لتلة مشته نور والتي تتركز المعارك فيه الآن. وتعرض 40 بالمائة لدمار جزئي في الجهة الغربية وبقيت الجهة الشمالية أقل ضرراً. والمناطق الأكثر تضرراً تقع في الجهة الجنوبية الشرقية والتي لاتزال تحت سيطرة تنظيم داعش، ويقصفها طيران التحالف الدولي.
هناك مناطق استهدفت بسيارات مفخخة قام بتفجيرها انتحاريون جهاديون، ماهي الخسائر المادية لتلك المناطق، وهل نسبة المناطق التي تعرضت لتلك السيارات المفخخة الأكثر تضرراً؟
حصيلة السيارات المفخخة التي فجرها جهاديو تنظيم "داعش" 23 عملية، بعضها كانت حمولتها واحد طن من TNT. كما نالت مناطق أكثر من 110 قذيفة هاون أطلقها التنظيم على داخل المدينة الكردية. تلك التفجيرات أحدثت دماراً كبيراً في تلك المناطق التي نفذت فيها العمليات والنسبة أكبر من صواريخ طيران التحالف أو قذائف الهاون. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، إحدى السيارات المفخخة استهدفت مشفى عمر علوش شمال المدينة، فتحول الى كومة ركام، وكان مشفى ميداني يستقبل الجرحى والمصابين مع بداية الثورة المناهضة لنظام الحكم في سوريا اواسط شهر اذار/مارس عام 2011.
قرر قسم من المدنيين البقاء في المدينة، كما فضل آخرون كانوا عالقين عند نقطة تل شعير بين الحدود السورية التركية العودة إليها، ما هي طبيعة وشكل المساعدات المقدمة من الادارة لهم؟
حالياً هناك المئات من العائلات لم تغادر كوباني، كما قرر قسم آخر من المدنيين العالقين في المنطقة "المحرمة" بين الحدود السورية التركية العودة الى داخل المدينة، بعد قدوم فصل الشتاء البارد وهطول الأمطار. ورغم ظروف الحرب الصعبة، حاولنا تقديم ما أمكن. نقدم المواد الغذائية الاساسية مجاناً، إضافةً الى الادوية والوقود، وبقي المخبز الآلي يعمل بشكل يومي، ولدينا مشفى ميداني واحد بطاقم طبي متكامل يقدم الاسعافات الأولية للجرحى والمصابين بدون أي مقابل. وأغلب المساعدات المقدمة لنا جاءت من اكراد تركيا، ووفروا لنا معظم احتياجاتنا الغذائية والأدوية وحتى مياه الشرب.
ونعلم تماماً اننا لا نستطيع تقديم كل شيء، ولكن نحن نعيش تحت ظروف حرب، ونحن بأمس الحاجة الى ممر إنساني بشكل عاجل وسريع يكون تحت إشراف الأمم المتحدة وبحماية مجلس الأمن لإيصال المساعدات الى المدنيين المتبقيين والمقاومة العسكرية التي تدافع عن المدينة.
كيف تسير عجلة الحياة في مدينة محاصرة منذ عام ونصف، وتشهد حرباً شرسة منذ 75 يوماً، كما ان الجانب التركي أغلق المنفذ الوحيد؟
كوباني محاصرة منذ صيف العام الماضي من جهاتها الأربعة. من الغرب تحدها مدينة جرابلس وشيوخ بريف حلب، ومن الجنوب صرين وطريق حلب الدولي، ومن الشرق تل ابيض التابعة لريف الرقة، وجميع هذه المناطق تخضع لسيطرة تنظيم داعش، ومن الجهة الشمالية قامت تركيا بإغلاق المعبر الحدودي الوحيد بين كوباني والعالم الخارجي.
الكهرباء مقطوعة منذ عام ونصف ونحن محرومون من مياه الشرب وحتى المواد الغذائية والحاجيات الاساسية كانت شحيحة. والأدوية كانت مفقودة والمشافي لم تكن أفضل حالاً في ظل ظروف الحصار.
هل لدى الإدارة الذاتية خطط مستقبلية لعودة باقي المدنيين العالقين بين الحدود في الفترة القادمة، وبعدها لعودة باقي المدنيين في المخيمات ؟
لا توجد في الفترة الحالية أي خطط آنية او مستقبلية لإعادة المدنيين ورحى الحرب لاتزال دائرة، ومنذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وبعد تقدم تنظيم داعش في الجهة الجنوبية والشرقية، قررنا إجلاء جميع المدنيين وإخراجهم من قراهم كي لا تتكرر مأساة مدينة شنكال الكردية في العراق. وبعد اشتداد المعارك في الريف وتراجع قوات وحدات حماية الشعب، اتخذنا قرار افراغ المدينة من الاهالي واعلانها منطقة عسكرية.
كيف تقيم الوضع الانساني لمدينة نالت قسماً كبيراً من الدمار والخراب، وكيف هي حالة البنية التحتية للمدينة؟
كوباني سابقاً كمدينة كانت بنتيها التحتية فقيرة وشبه معدومة، فلا شبكة الطرقات كانت مخدمة، ولا تمديدات مياه الشرب تفي باحتياجات السكان وشبكة الكهرباء والهواتف كانت مقبولة. وحتى أبنية المؤسسات والدوائر الحكومية السابقة عمد تنظيم داعش تفجيرها كي لا يستفاد منها في ادارة المدينة.
لذلك نحن نحتاج الى إعادة إعمار شاملة، ابتداء من البنية التحتية وبناء المؤسسات والدوائر وانتهاءً بالمرافق العامة.
هل تعتقد أن الحرب ستطول أكثر، وهل لاتزال كوباني مهددة بالسقوط؟
لا أحد يستطيع تحديد المدة الزمنية لانتهاء الحرب، وحدات حماية الشعب (YPJ) و (YPG) بالتحالف مع تشكيلات من الجيش الحر وبدعم ومساندة من قوات البيشمركه، تدافع منذ شهرين ونصف ولم تسقط كوباني، وهي المدينة الوحيدة التي صمدت كل هذا الوقت في كلا الدولتين سوريا والعراق. ومنذ منتصف الشهر الماضي، انتقلت المقاومة من حالة الدفاع؛ الى حالة الهجوم. وتنظيم داعش استنزف فيها، ورغم كل عملياتهم الانتحارية والسيارات المفخخة، إلا أن كوباني لاتزال صامدة.