ضغوط قانونية على ألمانيا لوقف الدعم العسكري لإسرائيل
١٢ أبريل ٢٠٢٤فشلت احتجاجات الشوارع المستمرة منذ أشهر في إقناع صناع السياسة الألمان بتغيير موقفهم الداعم لإسرائيل.
ويحاول منظمو التحركات الداعمة للفلسطينيين طرق باب القانون على أمل تحقيق النجاح أكثر من المظاهرات. في الأسبوع الماضي، قدم محامون من برلين "استئنافاً عاجلاً" نيابة عن الفلسطينيين ضد الحكومة الألمانية، وفق بيان صادر عن "مركز الدعم القانوني الأوروبي"European Legal Support Center، وهو منظمة غير ربحية متحالفة مع "حملة التضامن الفلسطينية".
وتزعم الدعوى أن الأسلحة الألمانية "تُستخدم لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي كجريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب". ويطالب المدعون المحاكم بإصدار أمر بوقف عمليات تسليم أسلحة لإسرائيل.
وتترافق هذه القضية مع التهم الجنائية التي تم توجيهها نيابة عن الفلسطينيين في فبراير/شباط، والتي استهدفت على وجه التحديد أعضاء رفيعي المستوى في الحكومة الألمانية، بما في ذلك المستشار أولاف شولتس، ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ووزير الاقتصاد روبرت هابيك. والمذكورون هم من يشغلون مناصب عليا تتحمل المسؤولية الأكبر في منح تراخيص تصدير الأسلحة.
واتخذت دول أخرى، مثل كندا وهولندا، خطوات لمراجعة دعمها العسكري لإسرائيل.
ما هي "أسلحة الحرب"؟
إن الجهود الأخيرة، ضد الحكومة الألمانية ككل، تستهدف على وجه التحديد "أسلحة الحرب". والقوانين الألمانية التي تغطي تراخيص التصدير إلى دول ثالثة تميز بين هذه التراخيص و"المعدات العسكرية الأخرى". وتشمل "الأسلحة الحربية" الدبابات والطائرات المقاتلة، التي يجب أن تستوفي معايير أعلى للحصول على موافقة التصدير.
"المعدات العسكرية الأخرى"، كما تحددها المصطلحات الحكومية، يمكن أن تشمل معدات مثل الخوذات والدروع الواقية من الرصاص والإمدادات الطبية وموارد التدريب.
على مدار 20 عاماً، من 2003 إلى 2023، وافقت الحكومات الألمانية على ما يقرب من 3.3 مليار يورو (3.6 مليار دولار) من تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وفق منظمة Forensis، وهي منظمة استقصائية غير ربحية مقرها برلين. وأكثر من نصف هذه الكمية مُدرج على أنه "أسلحة حربية"، بما في ذلك أنواع من الأسلحة باهظة الثمن مثل الغواصات.
وتتعاون منظمة Forensis مع أولئك الذين رفعوا الدعوى، لكن تقريرها يستند إلى بيانات مفتوحة المصدر من الحكومة الألمانية ومصادر عامة أخرى، مثل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري". وفي تقرير حديث للمعهد، تم تصنيف ألمانيا كثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، بعد الولايات المتحدة، بين عامي 2019 و 2023.
ويصدر البلدان تقريباً جميع واردات الأسلحة الإسرائيلية. وفي عامي 2022 و2023، صدرت ألمانيا نصف وارادت إسرائيل والولايات المتحدة النصف الآخر.
وفي فترة الخمس سنوات الأخيرة، أظهر تقرير لمنظمة Forensis أن قيمة "الصادرات الفعلية" من الأسلحة الحربية إلى إسرائيل "منقحة" أو "غير معلنة"، "لتجنب" تحديد الشركات ذات الصلة" و"لحماية الأسرار التجارية"، بحسب التقرير نقلاً عن تقرير للحكومة الألمانية لعام 2020.
وافقت الحكومة الألمانية على جميع طلبات تصدير إلى إسرائيل تقريباً منذ عام 2003. وفي عام 2023، زادت القيمة الإجمالية لتراخيص تصدير الأسلحة المعتمدة بنحو عشرة أضعاف مقارنة بالعام السابق، وتتجاوز متوسط العشرين عاماً السابقة.
دعاوى في الداخل وفي الخارج
تعد السفن والمركبات المدرعة والذخائر المتفجرة وأجزاء الدبابات والطائرات من بين بعض المعدات التي وافقت عليها ألمانيا لإسرائيل على مدى عقدين من الزمن، وهي أنواع "الأسلحة الحربية" التي تشير إليها الدعوى الأخيرة.
ويزعم المدعون أن هذا النوع من التراخيص استمر بلا هوادة في أعقاب هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي أدى إلى رد إسرائيلي غير مسبوق في قطاع غزة، ما أسفر عن ظهور مزاعم بوقوع "إبادة جماعية" و "جرائم حرب" أخرى.
ورغم أن المسؤولين الألمان ليس لديهم الكثير ليقولوه حتى الآن في هذا الشأن، فإن الدفاع الذي قدمته الحكومة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي هذا الأسبوع يقدم صورة حول الكيفية التي قد تتمكن بها من التصدي للدعاوى القضائية المرفوعة ضدها في محاكمها.
وعلى الرغم من أن القضيتين منفصلتان، إلا أن كلا من نيكاراغوا على المستوى الدولي والمدعين الفلسطينيين على المستوى الوطني يريدون وقف دعم ألمانيا لإسرائيل، وصادرات الأسلحة على وجه الخصوص، على خلفية زعمهم أن الصادرات تسهل الإبادة الجماعية وانتهاك القانون الدولي.
وقال كريستيان تامس، أستاذ القانون الدولي في جامعة غلاسكو، للجنة قضاة محكمة العدل الدولية بخصوص القضية المرفوعة من نيكاراغوا ضد ألمانيا يوم الثلاثاء: "الصورة التي قدمتها نيكاراغوا غير دقيقة في أحسن الأحوال، وفي أسوأها، تحريف متعمد للواقع". وعرض تفاصيل تظهر التراجع التدريجي في الموافقات منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس. ومضى يقول إن ما تمت الموافقة عليه وتسليمه لم يكن أسلحة حربية، بل يمكن استخدامه فقط للتدريب والدعم.
وقال كريستيان تامس إن "العلاقات الوثيقة" بين ألمانيا وإسرائيل "تستند إلى إطار قانوني قوي يقيّم طلبات تراخيص التصدير على أساس كل حالة على حدة، ويضمن الامتثال للقانون الوطني والتزامات ألمانيا الدولية".
ويبدو أن تقرير منظمة Forensis الاستقصائية يدعم هذه الادعاءات، جزئياً على الأقل، حيث يظهر موافقات على "المعدات العسكرية الأخرى" أكثر من "الأسلحة الحربية"، خاصة في عام 2023، على الرغم من عدم احتساب الأرقام المنقحة وغير المكشوف عنها بشأن "الصادرات الفعلية" من الأسلحة الحربية.
لكي تقرر ما إذا كانت الدعاوى المرفوعة ضد ألمانيا لها أساس من الصحة، فمن المرجح أن تضطر المحاكم إلى دراسة هذه الأرقام بدقة شديدة، لتحديد ما إذا كان التمييز الألماني بين أنواع الدعم العسكري يصور بدقة قدرتها الفعلية على تسهيل ارتكاب جرائم حرب محتملة. ومن غير المرجح أن تصدر أحكام نهائية في أي وقت قريب، على الرغم من أن الحكم الأولي في مسألة محكمة العدل الدولية قد يصدر في غضون أسابيع.
رسالة احتجاج
وحتى ذلك الحين، ربما تواجه الحكومة الألمانية ثورة من الداخل: قبل رفع القضية ضدها في محكمة العدل الدولية، زُعم أن عدة مئات من موظفي الخدمة المدنية قدموا رسالة احتجاج مجهول المصدر، حسب تقارير في وسائل إعلام محلية يسارية جاءت بعد تقرير لقناة الجزيرة باللغة الإنكليزية.
وجاء في رسالة الاحتجاج: "ترتكب إسرائيل جرائم في غزة تتناقض بشكل واضح مع القانون الدولي وبالتالي مع القانون الأساسي"، في إشارة إلى الدستور الألماني. "لذلك، من واجبنا كموظفين فيدراليين أن ننتقد هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة الفيدرالية وأن نذكرها بأن الحكومة الفيدرالية يجب أن تلتزم بشكل صارم بالدستور والقانون الدولي".
ولم تتمكن DW من التحقق بشكل مستقل من صحة الرسالة.
وقال متحدث باسم وزارة الاقتصاد: "نحن لا نعلق بشكل عام على الرسائل المفتوحة". وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية تلقي بلاغ يزعم أنه من أعضاء في الخدمة المدنية الألمانية.
ولم يتم تقديم مزيد من التفاصيل، باستثناء تكرار رفض الحكومة الألمانية للاتهامات بأن دعمها لإسرائيل ينتهك القانون الوطني أو الدولي.
أعده للعربية: خالد سلامة