عالم ألماني: ثقافة الموت كانت جزءا من حياة قدماء المصريين
٢٣ أكتوبر ٢٠١٩لأول مرة منذ نهاية القرن الـ 19 تم اكتشاف عدد كبير من التوابيت الخشبية في مدينة الأقصر بجنوب مصر. وفي تلك التوابيت المزينة كان الناس قبل نحو 3000 عام يجدون مرقدهم الأخير. DW تحدثت مع البروفيسور لودفيغ مورينتس، الذي يجري في قسم علم المصريات بجامعة بون الألمانية بحوثا منها ما يتعلق "حفريات الفكاهة المصرية".
DW: وزارة الآثار المصرية عرضت 30 تابوتا خشبيا وُجدت في وادي الملوك بالقرب من الأقصر. وفي كثير من الأخبار يتم التحدث عن اكتشاف "مثير" أو "مذهل". إلى أي مدى يمكن لكم الموافقة على هذا أم هناك مبالغة؟
لودفيغ مورينتس: سؤال قيم. يبدو لي بالفعل أن الأمر مثير بأن تكون هذه التوابيت بعد الصور التي شاهدتها في وضع جيد برسومها. وأنها تحوي بالفعل موميات. وهذا حقا شيء مثير للاهتمام. وحتى قضية أن تأتي تلك التوابيت من منطقة لم نكن نتوقعها فيها ـ يعني ليس من قبور، بل هي حسب التقارير حتى الآن، بشكل أو بآخر تم دفنها تحت ضغط من الحاجة والسرعة.
وزير الآثار المصري (خالد العناني) يقول إن الاكتشاف "لا يقدر بثمن بالنسبة لسمعة مصر". ويبدو أن الأمر يرتبط في هذا الاكتشاف بشئ أكثر من مجرد عملية تسويق. ما هي الأهمية المنتظرة لهذا الاكتشاف بالنسبة لعلم المصريات؟
هذا ما ستبينه بحوث مستقبلية. الخطوة الأولى ستكون تسجيلا دقيقا وتقييما للمخطوطات والنصوص. والنتائج المثيرة حقيقة ستكون في المقام الثاني في البحوث العلمية للموميات. وثالثا مكان الاكتشاف وهو لم يتم الحديث عنه كثيرا. وهناك احتمال بأن تلك الأشياء (التوابيت) قد تم دفنها فقط في الأرض، وليس هناك بقايا آثار إضافية حولها. آمل أن يتم التعريف أكثر ببعض الجوانب الأخرى ونحصل أيضا على سيناريو تاريخي. ويبقى السؤال مثلا قائما حول ما إذا كانت كل هذه التوابيت تعود لعصر واحد أو تنحدر من عائلة واحدة أو من طبقات اجتماعية معينة. وهل بمقدورنا الوقوف على هذا بدقة، كلها قضايا ستجيب عليها البحوث المستقبلية. وبعدها يمكن لنا القول هل يتعلق الأمر باكتشاف مثير بالنسبة إلى علم المصريات، أو فقط هو مكسب جميل من المعروضات المثيرة للاهتمام.
لدى فتح القبور أو القيام بأعمال البحث والتنقيب الأثري مثلا في وادي الملوك يطرح دوما السؤال نفسه حول إزعاج هدوء الموتى ومدى شرعية هذا العمل؟ ما هو موقفك؟
الأفق الذي نعمل على أساسه في الحفريات هو أننا نخوض مبدئيا في عالم ماض وبالتالي فنحن نواجه على كل حال آثار الموت. وبالطبع هناك السؤال حول كيفية التعامل بشكل ملموس مع البقايا التاريخية للموتى؟ وهنا يأتي الجواب الواضح نسبيا حسب وجهة نظري المتمثل في الحفاظ على كرامة الإنسان وأنه يمكن إقحام ذلك بشكل جيد في البحوث.
هل يتم نقاش هذه النقطة في شعبتك الدراسية؟
بالنسبة لعلم الآثار، الذي يتعامل مع الماضي، وينبش فيه وتقابل أيضا بقايا أشخاص ميتين حقيقيين؛ يبقى هذا سؤال جوهري. كيف يجب علينا التعامل مع ذلك؟ وما يحق لنا؟ وما هي الخدمات التي يمكن أن نقدمها؟ تصوري الذي يلقى أيضا التأييد في القسم (قسم علم المصريات) هو أن البحوث التي تتعلق بالماضي وبأشخاص حقيقين ميتين يمكن الربط فيما بينها لتبقى كرامتهم مصونة أو تُعاد لهم من جديد. (...) ونحن أنفسنا في حياتنا اليومية لا ننشغل كثيرا بالموت كعملية فناء؛ لكن هذه النقطة مثلا كانت مختلفة تماما في المجتمعات المصرية القديمة. ففي تلك المجتمعات كان الموت جزءً من الحياة على نطاق واسع...".
سفين تونغيس/ م.أ.م